بعد عام على استفتاء إقليم كردستان العراق... إصرار كردي على شرعيته

شهد إقليم كردستان الذي يستعد لانتخابات برلمانية نهاية الشهر الحالي، أمس، مهرجانات وفعاليات متنوعة احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لاستفتاء تقرير المصير الذي قوبل بمعارضة عراقية عنيفة وحصار من الدول المجاورة ورفض دولي عام.
وألقى مسعود بارزاني، الرئيس السابق لإقليم كردستان، الذي قاد عملية الاستفتاء، كلمة تلفزيونية أمام تجمع أقيم أمس في «استاد فرنسوا الحريري الدولي» بحضور نحو مائة ألف شخص، دعا فيها بغداد وأربيل إلى حل المشكلات على أسس التوازن والتوافق والشراكة والدستور، موضحاً أنه طالب نواب كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي بالدفاع عن حقوق جميع أبناء الشعب العراقي. ونقلت شبكة «رووداو» عن بارزاني تأكيده على أنه «من الحقوق القانونية والطبيعية لأي شعب أن يقرر مصيره، وقد فعلتم ذلك قبل عام، لكن للأسف تم تفسيره تفسيراً خاطئاً، وبدلاً من تعويض ذوي المؤنفلين وضحايا القصف الكيماوي جاءوا ليزيدوا من معاناتكم»، موضحا: «نحن نعتقد أننا لم نخط خطوة تخالف الدستور الذي يقول (إن الالتزام بهذا الدستور يحفظ للعراق اتحاده الحر)». وأردف يقول: «بالغ البعض في رد الفعل والعقوبة وحاول كسر إرادتنا وكرامتنا، لكننا اخترنا الموت دون كرامتنا وإرادتنا... شكراً لصمودكم، شكراً للبيشمركة الأبطال، وهذه التجربة كسابقاتها أظهرت أن الحديد والنار لا يحلان قضية الكرد».
وفي دهوك، قام رئيس وزراء الإقليم نيجيرفان بارزاني بافتتاح طريق استراتيجية بين أربيل ودهوك في منطقة الزاب بطول 22 كيلومترا، وألقى بعد ذلك كلمة في تجمع لأنصار حزبه في مدينة دهوك أشار فيها إلى أن «جميع المعادين لكردستان والمشككين قد راهنوا على أن كردستان والحزب الديمقراطي الكردستاني لن تقوم لهما قائمة بعد الظروف العصيبة التي تعرض لها الإقليم بعد الاستفتاء». وأضاف: «ولكننا تحملنا العبء الثقيل وبعد 7 أشهر فقط من تلك الكبوة، حاز (الديمقراطي الكردستاني) المرتبة الأولى كحزب على مستوى العراق في انتخابات مجلس النواب العراقي». وأعلن نيجيرفان بارزاني انتهاء المرحلة العصيبة قائلا إن «المرحلة الأكثر صعوبة في تاريخ شعبنا وحكومتنا قد انتهت». وأشار، حسب وكالة الصحافة الألمانية، إلى أن «حكومة كردستان تبدأ مرحلة إعادة الإعمار والنهوض، وسيعود الوضع الاقتصادي إلى حاله؛ بل وأحسن».
وبعد عام على الاستفتاء الذي أجري في 25 سبتمبر (أيلول) 2017، لا يزال هناك إصرار على شرعيته وعلى النهوض بعد الكبوة التي أعقبته. ويقول جومان يونس (28 عاما، ويعمل معلما بإحدى المدارس في أربيل): «تأتي ذكرى الاستفتاء العام ونحن نعيش الحملات الانتخابية، وهذه فرصة لي ولعائلتي أن نعلن للقاصي والداني أننا لم نرتكب جريمة عندما نطالب بحريتنا، وأننا سنصوت للأحزاب والقوى التي قادت وطالبت بالاستقلال». ويضيف: «نحن تأذينا جدا بإجراءات الحكومة العراقية والحصار والعقوبات الصارمة، ولكننا على حق». وتابع: «أنا لست سياسيا، ولكن أتمنى أن يدفع (رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته) حيدر العبادي ثمن ما عمل ضد كردستان، وأطالب الكتل الكردستانية بألا تؤيد ترشحه لرئاسة الوزراء مرة ثانية».
وشارك في الاستفتاء 3 ملايين و305 آلاف و925 مواطنا؛ أي بنسبة 72.16 في المائة، وقد صوت ما نسبته 92.73 في المائة لصالح استقلال الإقليم.
وترى المواطنة خالدة عمر (31 عاما موظفة حكومية) العكس، وتقول: «الحصار وقطع الرواتب والحالة المعيشية المزرية التي عشناها وما زلنا، جعلتني أندم على تأييدي الاستفتاء وأقول يا ليتنا لم نفعل». وأردفت: «صحيح أننا بصفتنا كرداً من حقنا أن نقرر مصيرنا، ولكن لا أحد يعترف باختيارنا هذا، ودفعنا الثمن غاليا، وأنا أعيش وعائلتي في حالة يرثى لها»، متمنية أن «تعود الأوضاع إلى ما قبل عام 2014 أو على الأقل إلى ما قبل الاستفتاء العام».
وقال العضو القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، علي حسين، إن «شعب كردستان لم ولن يتراجع عن حقه في تقرير مصيره، والاستفتاء كان ممارسة لحق مشروع، ومن يدقق في ديباجة الدستور العراقي، فإن الدستور يعطي هذا الحق في حال عدم الالتزام به». وأضاف: «ليأتِ كل صاحب ضمير ويدقق ليرى كيف أن الحكومات العراقية المتعاقبة قد خرقت الدستور في كثير من مواده وبإصرار وتعمد». وعمّا آلت إليه الأمور بعد الاستفتاء، يقول حسين: «بالتأكيد الاستفتاء نجح نجاحا باهرا، والشعب قال كلمته، وستبقى نتائج الاستفتاء وثيقة قانونية وتاريخية وسيعترف به الجميع عاجلا أم آجلا». وتابع أن «الموقف الدولي المتخاذل والمنافي لكل القوانين الدولية؛ وهو موقف نفعي متسرع، هو الذي شجع الحكومة العراقية على ما قامت به من إجراءات غير دستورية وظالمة». وأكد على أنه «لولا الخيانة التي قام بها البعض لما تجرأ أحد على مهاجمة كردستان».