العبادي يخرق التفاهمات مع المالكي بشأن احتواء تشظي «الدعوة»

فيما لم يتضح ما إذا كان سيجري خلال جلسة البرلمان العراقي اليوم تسجيل الكتلة الأكبر التي ترشح رئيس الحكومة، فإن حضور رئيس الوزراء حيدر العبادي أمس مؤتمر كتلة «الإصلاح والإعمار»، التي تضم تحالفه «النصر» وتحالف «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر، وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم و«الوطنية» بزعامة إياد علاوي، مثل أول خرق للاتفاق الذي جرى بينه وبين زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، في اجتماع قيادة حزب الدعوة أول من أمس.
وكانت قيادة حزب «الدعوة» اجتمعت أول من أمس بحضور المالكي والعبادي بهدف احتواء التشظي الحاصل في صفوفه جراء مضي العبادي مع كتلة «الإصلاح والإعمار» ومضي المالكي وتحالفه «دولة القانون» في تحالف مع تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري. واتفق في الاجتماع على توحيد الحزب بما في ذلك توحيد تحالفي «النصر» و«دولة القانون».
إلى ذلك، انتهت الجولة الأولى من المنافسة الكردية - الكردية الشرسة على منصب رئيس الجمهورية وذلك بخلو جدول أعمال جلسة البرلمان اليوم من فقرة انتخاب الرئيس فيما أقفلت أسماء المرشحين للمنصب عند 14 مرشحا بينهم 8 أكراد يتقدمهم فؤاد حسين عن الحزب الديمقراطي الكردستاني وبرهم صالح عن الاتحاد الوطني الكردستاني. الأسباب التي سعى رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال مباحثاته في اليومين الماضيين في بغداد والنجف إلى إيضاحها هي محاولة التوصل إلى توافق بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم بشأن مرشح متفق عليه ساندتها المهلة الدستورية التي تتيح انتخاب الرئيس حتى الثالث من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بعد احتساب مصادقة المحكمة الاتحادية على أسماء المرشحين ومن ثم تليها فترة تلقي الطعون.
وعقب مباحثات بارزاني مع القادة العراقيين، لا سيما ممثلي الكتلتين البرلمانيتين الأكبر «الإصلاح والإعمار» و«البناء»، لم يتسرب عنها ما يبين إلى أي من المرشحين الكرديين تتجه بوصلة التأييد. وبدأ برهم صالح أمس مباحثاته مع نفس قادة وممثلي الكتل في بغداد التي وصلها على رأس وفد من الاتحاد الوطني يضم بين أعضائه بافل طالباني نجل الرئيس الراحل جلال طالباني.
المنافسة الكردية - الكردية على منصب رئيس الجمهورية أدت إلى شعور بالأسى لدى الأوساط الكردية التي باتت تشعر أن الكرد فقدوا الميزة التي كانوا يفتخرون بها وهي أنهم بيضة القبان. وفي هذا السياق يقول سياسي كردي مستقل لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه إن «التجربة الديمقراطية التي ساهمنا بها نحن الكرد في عراق ما بعد عام 2003 أنهت رمزية الدولة المركزية العراقية التي اضطهدت الكرد على مدى عقود من الزمن حيث أصبح البديل هو البرلمان الذي يحاسب ويراقب الحكومة بحيث يستطيع سحب الثقة منها متى شاء بينما لم يعد لمنصب رئيس الجمهورية أهمية من الناحية العملية». ويضيف السياسي الكردي أن «من الغرابة أن يكون الأكراد أنفسهم الذين حاربوا على مدى عقود طويلة مركزية الدولة العراقية وعملوا على إشاعة النظام الديمقراطي في عراق فيدرالي يعودون اليوم ولأسباب حزبية خاصة ليبعثوا الروح في منصب رئاسة الجمهورية بصرف النظر عما إذا كان يتسلمه الآن كردي أو سواه». وأوضح أن «المفارقة الأخرى أنه في الوقت الذي كانت فيه أربيل عاصمة إقليم كردستان هي قبلة السياسيين العراقيين من كل الكتل والجهات لحل مشاكل بغداد باتت اليوم تذهب بوفود منفصلة إلى بغداد لكن ليس لحل مشكلة بين أربيل وبغداد بل لحل مشكلة حزب على حساب آخر».
بدوره، أعلن رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي خلال مؤتمر صحافي عقده في مدينة النجف عقب لقائه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر: «نحن ملتزمون بأن يكون انتخاب رئيس الجمهورية ضمن التوقيتات الدستورية وإن لم يُحسم بالتوافق فسنلجأ للتصويت». وأضاف أنه بحث مع الصدر «مجمل تطورات الأوضاع السياسية ومتطلبات المرحلة المقبلة وسبل تعزيز دور مجلس النواب» مبينا أنه «جرى التأكيد على ضرورة اختيار رئيس جمهورية قادر على حماية الدستور وتكليف رئيس وزراء قادر على مواجهة التحديات وتوفير الخدمات الضرورية وفرض الأمن وسلطة الدولة بمساعدة الكابينة الوزارية». وبشأن الكتلة الأكبر التي لم تحسم بعد، قال الحلبوسي إن «دور الكتلة الأكبر ينتهي بتسمية المرشح، ولكن يجب أن تكون هناك توافقات لاختيار شخصية سياسية إدارية مهنية ذات كفاءة قادرة على إدارة هذا الملف وإذا لم يتوافق عليه الجميع سيتوافق عليه البرلمان».
وبشأن اللقاء الذي تم بين الصدر والحلبوسي، أكد عضو البرلمان العراقي عن المحور الوطني، محمد الكربولي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اللقاء جاء لتأكيد الدور الذي يجب أن يلعبه مجلس النواب خلال المرحلة المقبلة في ميادين التشريع والرقابة وهو ما يعبر عن حرص رئاسة المجلس في إطلاع الزعامات السياسية والدينية في البلاد على خطة عمل البرلمان». وأضاف أن «رئيس البرلمان الجديد وهو يتمتع بروح الشباب حريص على أن يكون عمله ميدانيا لكي يطلع على حقائق الأوضاع لا سيما مع الحكومات المحلية في المحافظات كافة».