كابل: أكبر عدد للصحافيين القتلى في عام واحد

أبدت الحكومة الروسية تخوفها من وجود تنظيم «داعش خراسان» في الأراضي الأفغانية، وإمكانية تأثيره على دول وسط آسيا التي تعتبرها موسكو الحديقة الخلفية للكرملين. وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في مؤتمرها الصحافي الأسبوعي، إلى ظهور بؤر توتر في مختلف أنحاء الأراضي الأفغانية نتيجة لتفعيل أنشطة «داعش» داخل الأراضي الأفغانية، مؤكدة أن موسكو تعمل على استخدام الآليات الخاصة بفرض العقوبات ومكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي في سبيل التصدي لزيادة نفوذ تنظيم داعش في أفغانستان، وذلك من خلال جمع موسكو قاعدة أدلة لتسليمها إلى لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي بطلب ملاحقة شخصيات منتمية إلى التنظيم في أفغانستان أو مرتبطة به. ودعت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى الانضمام إلى هذه الجهود وتقديم الطلبات أيضاً إلى اللجنة المختصة، موضحة أن ذلك سيتيح لهذه الدول فرض عقوبات أحادية الجانب على المتواطئين مع التنظيم، بما في ذلك تجميد أرصدتهم المصرفية وفرض حظر على سفرهم.
وكان أناتولي سيدوروف، رئيس الأركان الموحدة لدول منظمة «معاهدة الأمن الجماعي» (روسيا ودول وسط آسيا)، أكد في وقت سابق أن أكثر من ألفين وخمسمائة من تنظيم داعش انتقلوا من سوريا إلى أفغانستان والمناطق الحدودية مع باكستان خلال عام، محذراً من أن التنظيم يعتبر أفغانستان قاعدة خلفية له.
وأفاد مصدر أمني باكستاني ومصادر من الجماعات الدينية الباكستانية بدخول عدة مئات من تنظيم داعش الأراضي الأفغانية خلال الشهور الستة الماضية عبر الأراضي الإيرانية، وقال زعيم إحدى الجماعات الدينية الباكستانية إن «غالبية القادمين من تنظيم داعش يوجدون حالياً في إقليم ننجرهار شرق أفغانستان، وأن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قد انتقل فعلياً إلى أفغانستان»، حسب قوله، ومر عبر الأراضي الإيرانية. وأضاف مسؤول الجماعة الدينية الباكستانية، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، أن الاستخبارات الباكستانية (آي إس آي) رصدت تحركات كثيفة لأعضاء التنظيم، ومحاولتهم الولوج إلى مناطق القبائل الباكستانية، وأن من بين القادمين مئات من العرب، إضافة إلى مئات من غير العرب، قدموا كلهم من الأراضي السورية بعد انتهاء وجودهم هناك العام الماضي، وأن المهمة القادمة لأعضاء التنظيم هي عرقلة «طالبان» في الوصول إلى الحكم في أفغانستان، وإثارة الخلاف بين كل من باكستان وأفغانستان من خلال عمليات يقوم بها التنظيم في الأراضي الأفغانية والباكستانية.
وكان تنظيم داعش شن عدة هجمات انتحارية مؤخراً في مدينة جلال آباد مركز ولاية ننجرهار على منشآت مدنية، منها مركز تمريض وآخر للجنة المهاجرين في مدينة جلال آباد، إضافة لاستهدافه اعتصاماً قامت به قبيلة شنواري في مدينة جلال آباد شرق أفغانستان.
وقد تسببت الحرب في أفغانستان بمعاناة وضحايا في صفوف الصحافيين الأفغان، حيث كانوا عرضة للاستهداف من قبل تنظيم داعش، كما حدث أوائل الشهر الحالي حين فجر انتحاري نفسه في نادٍ للمصارعة في منطقة تقطنها الأقلية الشيعية في أفغانستان. وحين تجمع الصحافيون والسكان المحليون لمعاينة ما حدث قام التنظيم بتفجير سيارة مفخخة كانوا أوقفوها قرب مكان الحادث، ما أدى إلى مقتل العديد من الصحافيين الأفغان، حيث كان من بينهم الصحافي الأفغاني صميم فار أمروز، إضافة إلى صحافي آخر يدعى رامز أحمدي.
وقد أثار مقتل صحافيين أفغان غضباً شديداً لدى زملائهم الذين حبسوا دموعهم أثناء بث خبر وفاتهم على الهواء مباشرة.
وارتفع عدد القتلى من الصحافيين وأفراد طواقم الإعلام إلى 14 صحافياً هذا العام، وهو ما يجعل من أفغانستان أكثر بؤرة خطرة على عمل الصحافيين، حيث يشكل هذا العدد أكبر خسارة للصحافة الأفغانية.
وحسب قول الصحافي الأفغاني حميد حيدري، الذي يعمل في محطة «ون تي في»: «عندما نغادر منازلنا لا نعرف إن كنا سنرجع أحياء لعائلاتنا أم سنقضى أثناء عملنا». وأضاف: «كنت من المحظوظين الذين عادوا من مكان التفجير قبل انفجار السيارة المفخخة بدقائق»، فيما قال لطف الله نجفي زادة، مدير قناة «طلوع» الأفغانية، «الوضع يرهقنا أساساً»، مضيفاً: «الخطر لا يتعلق فقط بموقع الانفجار، بل يتعداه إلى الولاية وصولاً إلى المكتب أو الوجود في المكتب، فجميعها تواجه مخاطر، ومن الصعب أحياناً تقليص هذه المخاطر إلى الصفر».
وكانت أفغانستان شهدت مقتل أكثر من 60 صحافياً وأفراداً من طواقم الإعلام منذ الغزو الأميركي لها عام 2001، أي بمعدل يزيد عن 3 صحافيين كل عام، حسب إحصاءات منظمة «صحافيون بلا حدود»، فيما تقول منظمة أفغانية لحماية الصحافيين «ناي» إن العدد يصل إلى 95 صحافياً.
وأدى انسحاب قوات «الناتو» من مهمة مطاردة «طالبان»، والقيام بعمليات هجومية نهاية عام 2014، إلى زيادة عمليات استهداف الصحافيين في أفغانستان، إذ زاد عدد الصحافيين إلى 39 صحافياً منذ 2014، وأدى ذلك إلى تقليص وسائل الإعلام الأفغانية لتغطياتها للأحداث، حيث اقتصرت على تغطية العمليات الانتحارية من غرف التحرير، وليس من الميدان مباشرة. إلا أن هذا تغير في أبريل (نيسان) الماضي، إذ قتل تسعة من الصحافيين، بينهم كبير مصوري مكتب وكالة الصحافة الفرنسية شاه ميراي، في تفجير مزدوج كان هو الأعنف منذ سقوط حكومة «طالبان».
وحمَّلت منظمات الصحافيين الأفغان، الحكومة الأفغانية والقوات الأمنية، معظم مسؤولية مقتل صحافيين لعدم قيامهم بحمايتهم. لكن وسائل الإعلام أيضاً واجهت انتقادات لتعريضها بشكل متكرر موظفيها للخطر.
وقال سيد إكرام أفضلي، المدير التنفيذي لمجموعة «إنتغريتي ووتش» الأفغانية المدافعة إن «خسارة صحافيين في أحداث مشابهة، الواحد تلو الآخر، وعدم التعلم من الأخطاء، ينم عن سوء إدارة من جانب كل من المؤسسات الإعلامية والحكومية». ويحتل المتمردون العناوين الرئيسية لقتلهم مدنيين وقوات أمن ومسعفين وصحافيين.

لكن منعاً تاماً لتغطية الهجمات الانتحارية «سينم عن عدم احترام للقتلى» بحسب مدير مكتب «بي.بي.سي» شعيب شريفي. وتبذل الشبكة البريطانية جهداً كبيراً لتقليص المخاطر. ويضيف شريفي: «نقوم فعلياً بتقييم ومراقبة كل خطوة خارج المكتب». وحتى الآن تستمر شبكة «ون تي في» الأفغانية التي تكبدت العديد من القتلى والجرحى في تفجيرات هذا العام، في التوجه إلى موقع التفجيرات الانتحارية، بحسب مدير الأخبار والشؤون الحالية عبد الله خنجاني. وأضاف: «أعتقد أنه يحق للناس معرفة ما يحدث في بلدهم». لكنهم ما عادوا يهرعون ليكونوا أول الواصلين إلى الموقع، وبات ارتداء السترات الواقية والخوذ إلزامياً.
إلى ذلك فقد نقلت وكالة «خاما بريس» عن وزارة الدفاع الأفغانية القول إن البنتاغون قرر تزويد القوات الأفغانية برشاشات «إيم 4» بقيمة تصل تقريباً لـ58 مليون دولار، وهي رشاشات حديثة تم تزويد القوات الأردنية والمغربية والباكستانية والسنغالية والتونسية بها من قبل الولايات المتحدة، على أن تنتهي عملية تسليم هذه الرشاشات للقوات الأفغانية بعد عام تقريباً، وذلك في محاولة من القوات الأميركية والدولية لزيادة قدرات القوات الأفغانية على مواجهة مسلحي «طالبان».