السراج يستبق مواجهات محتملة في طرابلس بتشكيل «قوة عسكرية مشتركة»

في محاولة استباقية لمواجهات جديدة محتملة بين الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية، طرابلس، أعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج حزمة قرارات مفاجئة تتضمن تشكيل قوة عسكرية مشتركة، وكلّفها بفض النزاع في جنوب طرابلس، فيما أعيد نشر قوات نظامية لتأمين مطار معيتيقة الدولي، في إطار ترتيبات أمنية جديدة تضمنها اتفاق رعته بعثة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار بين الميليشيات المتناحرة على السلطة والنفوذ في العاصمة.
وأصدر السراج قراراً يقضي بتشكيل قوة عسكرية مشتركة تسمى «القوة المشتركة لفض النزاع وبسط الأمن»، بإمرة قائد المنطقة العسكرية الغربية اللواء أسامة الجويلي، تتكون من ثلاث كتائب مشاة خفيفة، إضافة إلى وحدات من وزارة الداخلية.
وحدد مهمة هذه القوة التي اشترط أن يكون قادتها من العسكريين وأفراد الشرطة النظاميين، في الفصل بين القوات المتحاربة وفض الاشتباك، وتوفير الحماية لفرق مراقبة ورصد وقف النار.
ومنح السراج في المادة السابعة من هذا القرار، الإذن لهذه القوة الجديدة بالتواصل مع بعثة الأمم المتحدة للتنسيق والتعاون في إطار ما وصفه بالصلاحيات المسندة إليها. كما أصدر قراراً يقضي بإخلاء سبيل كافة المحتجزين والموقوفين والمعتقلين، والذين تجاوزت مدة حبسهم المدة القانونية، باستثناء المتهمين بالإرهاب، وجرائم القتل والسرقة.
وفي إطار دعمه لهذه الخطوات، قال غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة، إنه ناقش برفقة نائبته ستيفاني ويليامز مع وزيري الداخلية والعدل ووكيل وزارة المواصلات بحكومة السراج، الخطوات القادمة اللازمة لتعزيز وقف النار وتحسين الوضع الأمني.
بدوره، قال عبد السلام عاشور، وزير الداخلية في حكومة السراج، إنه سيتم إعادة نشر قوة نظامية لتأمين مطار معيتيقة بناء على تعليمات رئيس الحكومة، مشيراً إلى «أن قوة تابعة للأمن المركزي يترأسها ضابط برتبة عميد ستتسلم بالتنسيق مع إدارة المنافذ تأمين مطار معيتيقة بالكامل من الداخل».
وأوضح عاشور في مؤتمر صحافي عقده في صالة المغادرة بالمطار الدولي أن «إعادة الانتشار جزء من الترتيبات الأمنية الجديدة» في طرابلس، لافتاً إلى أن «وقف النار في أطراف طرابلس والترتيبات الأمنية كلها برعاية بعثة الأمم المتحدة»، وطالب كافة الأطراف بإبعاد المطار والمؤسسات الحيوية عن الصراع القائم.
وقال عاشور إن قوة الردع الخاصة التابعة لوزارة الداخلية التي كانت تتولى تأمين المطار، ستتولى مهمات أخرى لم يفصح عنها.
وتسببت قذائف عشوائية سقطت بالقرب من مطار معيتيقة في إغلاقه مرتين مؤخراً، على خلفية المعارك الطاحنة التي شهدتها ضواحي طرابلس الجنوبية وخلّفت ما لا يقل عن 78 قتيلاً و210 جرحى.
يشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة أعلنت الأسبوع الماضي وضع آلية لقوة مشتركة للفصل بين القوات المتنازعة في طرابلس. ونص اتفاق «تعزيز وقف النار» على إجراء ترتيبات أمنية جديدة، تتضمن «تخزين كل الأسلحة الثقيلة والمتوسطة داخل مقرات التشكيلات المسلحة»، و«وضع خطة لانسحاب هذه التشكيلات من المواقع السيادية والحيوية».
وكان السراج قد اعتبر لدى لقائه مساء أول من أمس مع عمداء بلديات المنطقة الغربية، أن القضية في طرابلس ليست مجرد اشتباكات بين عناصر مسلحة بل هي أكبر من ذلك، لافتاً إلى أن هناك أطرافاً، لم يحددها، تحرّك العناصر على الأرض وتعمل بكل الطرق والوسائل لإسقاط حكومة الوفاق.
وتابع: «تعمل هذه العناصر الآن على إشعال حرب في العاصمة وهو ما لن نسمح به أبداً، ومن يخل باتفاق وقف إطلاق النار سيواجه برد حاسم محلياً ودولياً»، موضحاً أن «الأمور لن تستمر مثل السابق وما تعرضت له العاصمة هو حد فاصل بين مرحلتين».
وتحدث السراج في تهديد مباشر إلى قادة الميلشيات المسلحة في طرابلس بأن ما وصفه بقائمة عقوبات محتملة ستصدر لاحقاً وستتضمن أسماء شخصيات ليبية، لافتاً إلى ترتيبات ستتم بين الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لحكومته. ونفى ضعفه أو ضعف المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المدعومة من بعثة الأم المتحدة، موضحاً أن المجتمع الدولي يرصد ما يحدث عن كثب.
وانتقد السراج مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقراً له، واتهمه بالتسبب في عدم نجاح مخرجات لقاء باريس في مايو (أيار) الماضي، خاصة لجهة إجراء انتخابات على قاعدة دستورية سليمة نهاية ديسمبر (كانون الأول) هذا العام تنهي المراحل الانتقالية بمؤسساتها الحالية. ورأى أن المجلس لم يلتزم بتقديم هذه القاعدة الدستورية في الموعد المحدد (انتهى أول من أمس)، كما لم تنفذ بقية المخرجات مثل حل الأجسام الموازية تدريجياً وتهيئة الأجواء وعدم التصعيد. وقال: «البعض يصر على إبقاء الحال على ما هو عليه بسبب الخوف من أن يفقدوا مناصبهم وامتيازاتهم».
وبعدما اعتبر أن «طرابلس عاصمة كل الليبيين خط أحمر، والدخول إليها بالسلاح من أي طرف غير مقبول»، كشف أنه بصدد إجراء بعض التعديلات الوزارية، بالإضافة إلى تعيينات جديدة في بعض المناصب الأمنية والعسكرية العليا.
وحول التقرير المثير للجدل الذي قدمه فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن أخيراً، كشف السراج أنه كلّف النائب العام بالتحقيق فيما ورد فيه من اتهامات، لا سيما الموجهة إلى الكتيبة 106 التي يقودها صدام نجل المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، بشأن نقل كميات كبيرة من الأموال والفضة من فرع المصرف المركزي في بنغازي إلى جهة غير معلومة.
من جهة أخرى، أعلنت البحرية الليبية إنقاذ 57 مهاجراً غير شرعي كانوا على متن قارب مطاطي غرب البلاد في عملية شهدت مواجهة مع مهربين. وقال المتحدث باسم البحرية العميد بحار أيوب قاسم إن عملية الإنقاذ جرت مساء أول من أمس على بعد نحو 60 ميلاً شمال منطقة زوارة غربي البلاد قرب حقل البوري النفطي، موضحاً أنهم جميعهم رجال من جنسيات أفريقية وغالبيتهم من نيجيريا.