عبد المهدي «أفضل مرشح تسوية» لخلافة العبادي بتوافق بين الصدر والعامري

أعلن السياسي العراقي البارز نائب رئيس الجمهورية الأسبق ووزير المالية والنفط الدكتور عادل عبد المهدي التوقف مرحليا عن كتابة الافتتاحيات للصحيفة التي يملكها «العدالة» والتي يعطي من خلالها رؤاه السياسية لكيفية بناء الدولة. ومع أن عبد المهدي الذي كان نشر قبل نحو ثلاثة شهور مقالا افتتاحيا حدد فيه شروطا لتولي رئاسة الحكومة خلفا للعبادي قال إنها «غير متوفرة» فإن توقفه عن الكتابة فسره الكثيرون على أنه بدء مرحلة الاستعدادات للتعامل مع ترشيحه للمنصب التنفيذي الأول في العراق بتوافق غير مسبوق بين زعيمي «سائرون» مقتدى الصدر و«الفتح» هادي العامري.
هذا الترشيح الذي بدا مفاجئا للأوساط السياسية العراقية في ظل تعدد عدد المتنافسين لرئاسة الحكومة الذي لم يكن عبد المهدي من بينهم بينما توجد أسماء هادي العامري، الذي سحب ترشيحه لصالح عبد المهدي، وحيدر العبادي الذي لا يزال منافسا في وقت لم يعد بيد واشنطن الكثير من أوراق الضغط للإتيان به بالقياس إلى ما تملكه المرجعية الشيعية في النجف التي أيدت ضمنا ترشيح عبد المهدي.
المبعوث الأميركي إلى العراق بريت ماكغورك والسفير الأميركي في بغداد سيليمان بحثا أمس الاثنين مع أسامة النجيفي زعيم تحالف القرار آخر تطورات الوضع السياسي فيما يتعلق برئاسة مجلس النواب ورئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء. وفي بيان لمكتب النجيفي عقب اللقاء تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه جاء أن «الجانبين ناقشا البرنامج الحكومي، وسبل الوصول إلى تشكيل حكومة قادرة على مواجهة متطلبات البلد والنهوض به». وأكد النجيفي بحسب البيان «على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس مجلس الوزراء وحسب التوقيتات الدستورية»، مشدداً على «الحرص على تحقيق التوافق الوطني، وعدم السماح بكسر الإرادات وصولا إلى تحقيق غايات لا تخدم الوطن والمواطنين». وأشار إلى أن «العراق بحاجة إلى رئيس جمهورية يتمتع بالخبرة والكفاءة ويكون قادرا على الحفاظ على الدستور والسهر من أجل عدم التجاوز عليه، كما أن الضرورة تقتضي النجاح في اختيار رئيس مجلس وزراء معتدل ومقبول ينأى بالعراق عن الصراعات الدولية، ويتمتع بقدرة إقامة أوسع العلاقات مع المجتمع الدولي بما يخدم مصلحة العراق».
وبينما يرى المراقبون السياسيون في العاصمة العراقية بغداد نجاح الخطة الإيرانية في تمرير رئاسة البرلمان بشخص القيادي في تحالف المحور الوطني محمد الحلبوسي بالتوافق مع كتلة «البناء» التي تضم تحالفي «الفتح» و«دولة القانون» على حساب الجهود الأميركية التي بدأت تسجل تراجعا على صعيد دعم العبادي فإن مؤشرات ذلك بدت تتضح على صعيد طرح عبد المهدي كمرشح تسوية. وحول ما إذا كان ترشيح عبد المهدي قد تحول من دور التسريبات إلى طرحه كمرشح رسمي يقول نعيم العبودي عضو البرلمان العراقي عن كتلة «الفتح» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «حظوظ الدكتور عادل عبد المهدي تبدو جيدة لكن حتى الآن لا يوجد اتفاق رسمي بهذا الشأن وكل ما يجري الحديث عنه لا يخرج عن إطار التكهنات». وأضاف العبودي أن «هادي العامري أكد أكثر من مرة أنه ليس متمسكا بالمنصب وأنه مع أي شخص يتم الاتفاق عليه».
وفي هذا السياق، يرى السياسي والمفكر العراقي المعروف حسن العلوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «رغم أن هناك جموحا لدى رجال حزب الدعوة (الذي ينتمي إليه العبادي) نحو السلطة ربما بسبب الحرمان الطويل وهو ما جعلهم يتسلمون الحكم لأربع دورات (إبراهيم الجعفري ونوري المالكي والعبادي) فإن البنية السياسية في العراق، بما في ذلك داخل الإسلاميين أنفسهم بل وحتى داخل المحيط الإيراني، لم تعد تقبل دورة خامسة لحزب الدعوة». وأضاف العلوي أن المؤسسة الشيعية «التي تستمد نفوذها من إيران اقتنعت بأن رئاسة الوزراء يجب أن تخرج من حزب الدعوة».
وكشف العلوي أن «العبادي بعث رسائل سرية إلى أوساط سياسية بأنه إذا ما تم التجديد له لولاية ثانية سوف يخرج من الدعوة غير أن الصدريين اشترطوا عليه الخروج أولا ومن ثم يمكن طرحه كواحد من المرشحين وليس المرشح الوحيد». وبين العلوي أن «العبادي لن يعود لرئاسة الوزراء لأنه لا توجد لديه قاعدة حزبية ولا برلمانية ولا شعبية».
وحول فرص عادل عبد المهدي لشغل المنصب، يقول العلوي إن «لدى عادل عبد المهدي ميزات كثيرة منها أنه تكنوقراط متميز في حقبة الإسلام السياسي الذي يحكم العراق كما أنه سياسي قديم وابن وزير في العهد الملكي ودخل تجارب سياسية مختلفة منذ نعومة أظفاره حيث تنقل من حزب البعث إلى الشيوعي إلى الإسلامي وهي تحولات صقلت تجربتيه الفكرية والسياسية وبالتالي فهو يجمع بين تجربتي السلطة والمعارضة وهو ما سوف يساعده كثيرا ويمنحه أرجحية على منافسيه في حال وجد له منافسون بالإضافة إلى كونه متسامحا وغير انتقامي وصبورا». وأوضح العلوي أنه «في حال وصل إلى السلطة سوف تكون لدينا ثنائية فريدة وهي دخول نصف مدني ونصف إسلامي وبالتالي فهو أفضل مرشحي التسوية». وبشأن طرحه من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وبتوافق مع هادي العامري يقول العلوي إن «سيكولوجية التيار الصدري تقوم على الابتعاد قدر الإمكان عن المكسب الشخصي وبالتالي فإنه لم يرشح أحد أعضاء هيئته السياسية مع أن فيهم من ينافس عادل عبد المهدي بالمواصفات، مثل ضياء الأسدي، لكنه تخلى عن ذلك حتى لا يتهم بأنه يريد المنصب لتياره كما أن الصدر لا يريد أن يكون رجل سلطة».