«قوات تعبئة» في البصرة تثير مخاوف من «باسيج» إيراني بنسخة عراقية

تراجعت منذ أيام موجة الاحتجاجات المطالبة بالخدمات وتحسين شروط المعيشة في البصرة، لكن تداعيات عمليات الحرق التي طالت القنصلية الإيرانية ومقرات الأحزاب و«الحشد الشعبي» ما زالت متواصلة وتثير مخاوف النشطاء والفعاليات الشبابية، خصوصا بعد حملة الاعتقالات التي طالت بعض الشباب المتظاهرين في الأيام الثلاثة الأخيرة، إضافة إلى إعلان مكتب «هيئة الحشد الشعبي» في البصرة عن تشكيل «قوات التعبئة الاحتياطية الطوعية» وقوامها آلاف المتطوعين، في مسعى لـ«قمع المتظاهرين» كما يقول بعض النشطاء البصريين، لكن مصادر «الحشد» تصر على أنها قوات ذات طبيعة خدمية ومساندة لقوات الأمن.
وكان مكتب «تعبئة الحشد» في البصرة، أعلن أول من أمس، عن تشكيل «قوات التعبئة الاحتياطية الطوعية؛ مكونة من عشرة ألوية في مختلف مناطق البصرة كوجبة أولى لمساندة (الحشد الشعبي) والقوات الأمنية».
وذكر بيان الإعلان أن التشكيل جاء على خلفية الأحداث الأخيرة في البصرة وما «جرى من استغلال لمطالب المتظاهرين، من قبل المخربين المدعومين من جهات خارجية لزعزعة استقرار البصرة ومحاولة المساس بـ(الحشد الشعبي)». وذكر أن واجب تلك القوات «حفظ الأمن وحماية الممتلكات العامة وتقديم العون والخدمات لأهالي مناطقهم في الأحداث غير المتوقعة».
وخرج العشرات في البصرة، أمس، في مظاهرة مؤيدة لـ«الحشد الشعبي» ومنددة بعمليات الحرق التي طالت مقراته وبقية الأحزاب هناك.
وعلى الرغم من تأكيد «الحشد الشعبي» على الطابع الخدمي والتطوعي لـ«قوات التعبئة» وقول النائب عن تحالف «الفتح» الحشدي فالح الزاملي إن مهمة القوات «تقديم الخدمة للمواطنين وليس عسكرة المجتمع»، فإن ناشطين يخشون من أن تتحول تلك القوات إلى أدوات قمع للبصريين عموما وللشباب المتظاهرين على وجه الخصوص.
وفي هذا السياق، يعلق الناشط أحمد البصري على ذلك قائلا: «تشكيل قوة تطوعية أمر خطير بتقديري، ويبدو لي أنها على غرار قوات (الباسيج) الموجودة في إيران». وطالب البصري في حديث لـ«الشرق الوسط» حكومة حيدر العبادي، باعتباره المسؤول الأول عن «هيئة الحشد الشعبي»، بـ«إصدار بيان واضح عن طبيعة هذه القوة التطوعية ونوعية المهام التي ستقوم بها، عليه أيضا أن يجيب عن سؤال: لماذا تشكلت في هذه الوقت بالذات».
من جانبه، كشف الناشط المدني نائل الزامل عن «حملة اعتقالات وتحقيقات قامت بها ثلاث جهات أمنية في اليومين الأخيرين، هي (خلية الصقور الاستخبارية)، و(الاستخبارات في البصرة)، و(قيادة العمليات)». ويؤكد الزامل في حديث لـ«الشرق الوسط» أن «عمليات الاعتقال تتم عبر مداهمات فجرا أو في الشارع عبر السيطرات الأمنية».
ويتحدث ناشطون عن اعتقال ما لا يقل عن 20 شخصا خلال اليومين الأخيرين، من بينهم الناشط وليد الأنصاري.
وحول تشكيل «الحشد الشعبي» لـ«قوات التعبئة»، يرى الزامل أنها «محاولة لتوسيع رقعة (الحشد) وتحويله إلى تنظيمات داخل المناطق، ومحاولة لعسكرة المجتمع، وأداة هيمنة وتجسس على المواطنين، على غرار ما كان يحدث في المنظمات الحزبية في عهد (البعث) المنحل».
وعن الطابع التطوعي لـ«قوات التعبئة»، يرى أنها «في الشكل تطوعية، وفي المضمون هي جمهور الأحزاب البسيط والفقير الذي لم يشترك في (الحشد الشعبي) سابقا، لكنهم سيحملون الأسلحة وهويات (الحشد) بالتأكيد».
وأضاف: «عدد القوة حتى الآن يبلغ نحو 30 ألف متطوع، ولا أدري ما نوعية الخدمات التي ستقوم بتقديمها إلى أهالي البصرة، الأمر بتقديري يتعلق بإرادة هيمنة وتخويف للناس لا أكثر».
يذكر أن رئاسة الوزراء العراقية لم تصدر أي بيان حول «قوات التعبئة» الطوعية التي أعلن عن تشكيها «الحشد».