«الجامعة الأميركية» تطلق من بيروت «التقرير العالمي للعلوم الاجتماعية»

التقرير العالمي للعلوم الاجتماعية، «تحدي حالات عدم المساواة: مسارات من أجل تحقيق عالم يسوده العدل» ينذر بأن اللامساواة المتزايد تهدد استدامة الاقتصادات والمجتمعات؛ لأنها تضعف الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
صدر هذا التقرير باللغة العربية بفضل مساهمة قدمتها «مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية». وتم إطلاقه بتاريخ 13 - 14 سبتمبر (أيلول) في «الجامعة الأميركية» في بيروت بالتعاون بين قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والإعلام في الجامعة، ومنتدى البدائل العربي للدراسات (AFA)، واليونيسكو (UNESCO).
ويشدّد التقرير على أن التركيز على بحوث العلوم الاجتماعية فيما يتعلق بأوجه عدم المساواة يتركز في البلدان المتقدمة التي تتوافر عنها بيانات موثوقة، وذلك على حساب البلدان النامية التي لا تمتلك بيانات كافية. تمثّل نسبة منشورات العلوم الاجتماعية والإنسانية، فيما يتعلق بأوجه عدم المساواة والعدالة الاجتماعية بين عامي 1992 و2013، أكثر من 80 في المائة في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية، بما في ذلك أعمال عدد من الاقتصاديين وعلماء النفس والاجتماع. وقد ساهمت أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأميركا اللاتينية بنسبة 3 في المائة و2 في المائة على التوالي من هذه المنشورات.
وتظهر البحوث تزايد حالات عدم المساواة، حيث إن 1 في المائة من السكان يمتلكون نصف الثروات حول العالم، وأن ثروة الأشخاص الأكثر غنى، والذين يصل عددهم إلى 62، تعادل ثروة النصف الأكثر فقراً من البشرية.
ويسلط التقرير الضوء على الفجوات الكبيرة فيما يخص بيانات العلوم الاجتماعية بشأن أوجه عدم المساواة في مناطق مختلفة في العالم؛ بهدف الدفع بعجلة التقدم لإيجاد مجتمعات تتسم بقدر أكبر. ويدعو التقرير إلى تكثيف البحوث في مجال العلاقة بين عدم المساواة الاقتصادية من جهة وقضايا الجنسين والتعليم والصحة من جهة أخرى.
قال أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت، الدكتور ساري حنفي، تعليقاً على التقرير «هناك بعض الأخبار الجيدة نسبياً من دول بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) التي تمكنت من دفع النمو الاقتصادي في المناطق الأكثر فقرا في العالم».
ويضم التقرير مساهمات أكثر من 100 خبير من كل المناطق، من بينهم جوزيف اشتيغليتز، الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد. وبالتعاون مع معهد دراسات التنمية في جامعة ساسكس في المملكة المتحدة. وسيتم نشره بالتعاون مع الـ«يونيسكو».
ويفيد التقرير بأن «مسألة تفاقم أوجه عدم المساواة وما يجب فعله تستحوذ على قدر كبير من اهتمام الحكومات والشركات وقادة المجتمع المدني والمواطنين في العالم. إذ إنها مسألة إنصاف وعدالة اجتماعية ووسيلة إلى تحقيق الاستدامة وتعزيز التقدم الاجتماعي والدفع بالرقي الاجتماعي قدماً والحد من النزاعات وأعمال العنف وتطوير الحوكمة الشاملة».
في حين يظهر التقرير زيادة بمقدار خمسة أضعاف في الدراسات المعنية بمسألة العدالة الاجتماعية في المنشورات الأكاديمية بين عامي 1992 – 2013، إلا أن الكثير من الدراسات لا تولي اهتماماً كافياً لأوجه عدم المساواة التي تتجاوز معايير الدخل والثروة، مثل مجالات الصحة والتعليم وقضايا الجنسين. وفي هذا السياق، يذكر التقرير سبعة أبعاد متداخلة لمسألة عدم المساواة، وهي: الأبعاد الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية، والبيئية، والمكانيّة، والمعرفية. ونظراً إلى العلاقة الوثيقة بين هذه الأبعاد، تنشأ دوامة من أوجه عدم مساواة تنتقل من جيل إلى آخر.
في هذا السياق، قال رئيس قسم البحوث والسياسات والتبصر في قطاع الـ«يونيسكو» للعلوم الاجتماعية والإنسانية، جون كرولي «يعدّ هذا التقرير بمثابة صرخة تحذير. فلا بدّ من سد الفجوة في مجال بحوث العلوم الاجتماعيّة بشأن مسألة عدم المساواة، ومن ثم العمل على البحث لتصميم وتنفيذ سياسات عملية».
ويدعو التقرير أيضاً إلى زيادة التعاون بين القطاعات والبلدان ومجالات البحوث؛ وذلك لمساعدة الحكومات على تطوير سياسات أكثر فعالية سعياً نحو إيجاد مجتمعات أفضل. ولا بدّ من استغلال الشبكات الدولية ومصادر البيانات المتاحة وإمكانية الوصول الحر للمنشورات والبرمجيات.
اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والبالغ عددها 193 دولة عضواً، في شهر سبتمبر 2015، 17 هدفاً من أهداف التنمية المستدامة، وذلك في إطار التزام عالمي طموح للقضاء على الفقر وإيجاد حل لأوجه عدم المساواة والتصدي لمشكلة تغير المناخ خلال الأعوام الخمسة عشر المقبلة.