وزير المجاهدين: جرائم الاستعمار لا ينكرها إلا جاهل بالتاريخ

في ردها على الخطوة الفرنسية، أعلنت الحكومة الجزائرية ترحيبها باعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمسؤولية بلاده في تعذيب وقتل المناضل الشيوعي الفرنسي موريس أودان إبان الاستعمار، الذي تعتبره الجزائر واحدا من شهدائها. في وقت ما زال فيه «ملف الذاكرة» يعد عقبة أمام تطبيع كامل للعلاقات بين الجزائر وفرنسا.
وقال الطيب زيتوني، وزير المجاهدين، لصحافيين بالبرلمان أمس إن «تصريحات السيد ماكرون بخصوص ثبوت تهمة تعذيب وقتل المناضل الكبير من أجل القضية الجزائرية خطوة إيجابية ينبغي تثمينها». مشيرا إلى أنه «حان الوقت لفرنسا أن تعالج كل الملفات العالقة بخصوص الذاكرة، خاصة ما تعلق بالاعتراف بجرائم الاستعمار، واسترجاع جماجم المقاومين الجزائريين». في إشارة إلى بقايا عظام قادة ثورات شعبية، خاضها الجزائريون ضد الاحتلال في السنوات الأولى للغزو الفرنسي (1860). وتوجد جماجم هؤلاء في متحف بباريس، وتطالب الحكومة الجزائرية باستعادتهم منذ سنوات طويلة.
ويطلق على «الذاكرة»، أو «الاشتغال على الذاكرة»، كل القضايا ذات الصلة بأرشيف ثورة التحرير (1954 - 1962)، ومخلفات التجارب النووية في صحراء الجزائر بعد الاستقلال مباشرة. وأهم ما في هذا الموضوع هو أن تعترف فرنسا، رسميا، بأن ما جرى خلال استعمار الجزائر كان بمثابة «إبادة شعب»، ما يستحق الإدانة. وهذا ما تريد الجزائر أن يحدث ولو على الصعيد الرمزي، لكن يرفضه الفرنسيون بمختلف حساسياتهم السياسية.
وذكر زيتوني أن «جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر لا ينكرها إلا جاهل للتاريخ»، مشيدا بـ«العمل الذي تقوم به اللجان المنصبة بين البلدين لتسوية الملفات التاريخية العالقة بين الجزائر وفرنسا»، في إشارة إلى أفواج عمل قامت عام 2012. على إثر زيارة الرئيس السابق فرنسوا هولاند إلى الجزائر، عهد إليها تسوية قضية «الذاكرة». لكن عمل هذه الأفواج اعترضته مشاكل كثيرة.
وكتب ياسين إعمران، وهو محلل جزائري ومتابع للأحداث، متسائلا «ما الذي يعنيه اعتراف فرنسا بتعذيب موريس أودان؟... أولم يعذّبوا بن مهيدي حتى الموت أيضا؟... كل الرحمة لروح أودان وفرانز فانون... وكل الأحرار الفرنسيين الذين ساندونا... لكن هذا الاعتراف ينطلق من خلفية فلسفية غربية ترى أن الإنسان هو الإنسان الغربي فقط... أما الملايين الذين قضت عليهم فرنسا فلا قيمة لهم». مضيفا أن «الغرب يرى إنسانه فقط هو الإنسان... الإنسان الأعلى بالمفهوم النتشوي... السوبرمان، وما سواه (بادمان) (Badman)... يسمّي ذلك الاجتماعي المصري الكبير جمال حمدان بمركزية الإنسان الأوروبي الأبيض التي خلقها الاستعمار... فإن كنّا معترفين بارتكاب جريمة في حق إنسان فلا بد أن يكون هذا الإنسان غربيا منّا... مثلنا. الإنسان الذي نعترف بأنه إنسان! لذلك فإن التهليل لهذا الاعتراف عمل سخيف، وينمّ عن جهل وقابلية للاستعباد... فرنسا ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولو كان لدينا رجال لجرجروها في المحاكم الدولية».