البعثة الأممية تسعى لمنع انهيار هدنة طرابلس... وتتوعد الميليشيات

سعت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، وحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، أمس، إلى منع انهيار هدنة وقف إطلاق النار بين الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، بعدما أعلن مسؤولو مطار معيتيقة الدولي إعادة إغلاقه، وترحيل كل الطائرات، التي كانت رابضة فيه إلى مطار مصراتة في غرب البلاد، بعد تعرضه لقصف صاروخي، وذلك في انتهاك واضح لهدنة هشة رعتها البعثة الأممية.
وعقد السراج والمبعوث الأممي غسان سلامة، أمس، اجتماعاً هو الثاني من نوعه بينهما خلال يومين، خصص لمراجعة الترتيبات الأمنية في طرابلس، وذلك بحضور قادة عسكريين من مناطق مختلفة في غرب ليبيا.
وخلال اللقاء، لوّح سلامة بمعاقبة دولية للمتورطين في أعمال خرق الهدنة، وأبلغ المجتمعين بأن «هناك استعداداً لدى المجتمع الدولي للتعامل بحزم مع من يتلاعب أو يخرق وقف إطلاق النار»، مشيراً إلى أنه سيعقد اجتماعاً مع البعثات الدبلوماسية والسفراء في ليبيا لمناقشة ما وصفه بخروقات وقف إطلاق النار الأخيرة ومن يقف وراءها، وفقاً لبيان أصدرته البعثة الأممية.
وتعبيراً عن نفاد صبره حيال خرق الميليشيات المسلحة لهدنة وقف إطلاق النار، قال سلامة في تصريحات صحافية «نحن نعلم من استهدف مطار معيتيقة قبل أربعة أيام والليلة الماضية، وهو يعلم أننا نعرف من هو، وأقول له: المرة القادمة سأسميك بالاسم».
بدوره، قال السراج، إن اجتماعه مع سلامة تناولت خطوات تنفيذ الترتيبات الأمنية في العاصمة طرابلس والمدن الليبية الأخرى، وفقاً لما تضمنه الاتفاق السياسي. بالإضافة إلى آلية تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار في ضواحي العاصمة، وضمان أمن المواطنين بمناطق الاشتباكات التي وقعت مؤخراً.
وكانت إدارة مطار معيتيقة قد أعلنت، أن تعليمات صدرت بوقف الملاحة الجوية بالمطار، ونقل الرحلات إلى مطار مصراتة الدولي، الواقع على بعد 200 كيلومتر إلى الشرق من العاصمة، ووجهت تحية لكل الطيارين والمساعدين والموظفين بكل تصنيفاتهم. كما وزعت إدارة المطار صوراً فوتوغرافية أظهرت خلو مدرج المطار من أي طائرة، بينما نفى مكتبها الإعلامي إصابة أي طائرة من الطائرات المتواجدة في المطار أثناء سقوط القذائف، علماً بأن المطار الذي أغلق للمرة الأولى نهاية الشهر الماضي بسبب القتال بين الفصائل المسلحة أعيد فتحه الجمعة الماضي، وكان مفتوحاً أمام حركة النقل المدني بعد تدمير مطار طرابلس الدولي خلال أحداث 2014.
في المقابل، نفى حراك «شباب العاصمة» علاقته بعملية القصف التي تعرض لها المطار، وقال إن الزج باسمه في مثل هذه «الأفعال الإجرامية محاولة لتشويه صورته، وقطع الطريق عليه في مواصلة مسيرته السلمية، والنزول إلى الشارع للتعبير عن رفضه لما يحاك من مؤامرات في حق الوطن والمواطن».
وقبل ساعات من قصف مطار معيتيقة، عقدت القيادات الأمنية الموالية لحكومة السراج، اجتماعاً قالت إنه استعرض تقارير عن الحالة الأمنية في منطقة طرابلس الكبرى، والترتيبات التي اتخذت لتأمين سلامة المواطنين، ومقار مؤسسات الدولة، وآليات التنسيق بين الأجهزة الأمنية المختلفة.
وسعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى إنقاذ جهودها لوقف إطلاق النار في طرابلس من الفشل، ونبهت في بيان لها مساء أول من أمس الأطراف الموقعة على الاتفاق، الذي رعته بعد معارك عنيفة في طرابلس، إلى ضرورة الاعتدال في تصريحاتهم وبياناتهم، التي تناقض تماماً تلك الالتزامات، وتضعهم تحت طائلة المسؤولية.
كما ناشدت البعثة الميليشيات المسلحة عدم إصدار بيانات تحريضية أو استفزازية، مشيرة إلى أنه يتم تنفيذ ما اتفق عليه في اجتماعي الزاوية من وقف لإطلاق النار في طرابلس، ومن إجراءات جذرية سيبدأ صدورها اليوم، قبل أن ترحب باحترام جميع الموقعين للاتفاقات المعقودة.
في غضون ذلك، أبدت حكومة السراج استغرابها إزاء ما وصفته بـ«تهديد جديد للعاصمة طرابلس من بعض الأطراف»، ورأت أن «ما جرى تداوله إعلامياً منها يعد نقضاً غير مبرر لما تم الاتفاق عليه من وقف لإطلاق النار والتهدئة».
وجاءت تصريحات حكومة الوفاق بمثابة رد على تأكيد «اللواء السابع»، المنحدر من مدينة ترهونة (على بعد 80 كلم جنوب العاصمة)، بأنه لن يتوقف عن مهمته حتى يتم القضاء على «الجريمة و(دواعش) المال العام والعصابات المسلحة».
وتعتبر حكومة السراج هذا اللواء مجرد تشكيل مسلح خارج عن القانون، تم حله رسمياً قبل فترة. لكن اللواء ما زال يصر على تبعيته الشكلية للحكومة، التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة.
وكان تنظيم داعش قد أعلن مسؤوليته عن الهجوم الانتحاري، الذي استهدف أول من أمس مقر المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس، وأسفر عن مقتل اثنين من موظفيها، في أول هجوم من نوعه ضد مقر إدارة صناعة النفط الحكومية في ليبيا.