«الصحة العالمية»: أغنياء العالم وفقراؤه متساوون في الكسل

توصلت دراسة لمنظمة الصحة العالمية، إلى أن ضعف النشاط البدني مشكلة يعاني منها ربع سكان العالم، أي نحو 1.4 مليار شخص، يتساوى في ذلك دول فقيرة وأخرى ذات دخل مرتفع.
واعتمدت الدراسة التي نشرتها دورية The Lancet global Health، على بيانات شخصية عن النشاط تم تدوينها في 358 استطلاعاً، شارك فيه 1.9 مليون شخص من 168 دولة، وتم تصنيف الشخص بأنه «غير نشيط بدنياً» إذا قام بأقل من 150 دقيقة من التمارين المعتدلة، أو 75 دقيقة من التمارين القوية، في الأسبوع.
وحلت دول عربية في مراكز متقدمة في الاسترخاء وقلة النشاط البدني، وكان اللافت أن تلك التي تتمتع بمستويات عالية من الدخل، لم تختلف كثيراً عن تلك الأقل دخلاً، فكانت النسبة في الكويت 67 في المائة، والسعودية 53 في المائة والعراق 52 في المائة.
وكما لم ترصد الدراسة فوارق كبيرة بين الدول العربية، كانت القاعدة العامة أنه لا توجد فوارق كبيرة بين الدول الغنية والفقيرة بشكل عام على المستوى العالمي.
وكانت المناطق التي شهدت أعلى زيادة في معدلات الاسترخاء هي البلدان الغربية ذات الدخل المرتفع، حيث ارتفعت النسبة من 31 في المائة عام 2001 إلى 37 في المائة في عام 2016. ولم يختلف الحال كثيراً عن دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، التي ارتفعت فيها النسبة من 33 في المائة إلى 39 في المائة.
وكانت الظاهرة اللافتة في جميع الدول، هي أن النساء أقل نشاطاً من الرجال، ويصل الفارق بينهما في بعض البلدان إلى 10 نقاط مئوية.
وحذرت الدراسة من خطورة النتائج التي رصدتها، حيث يزيد عدم النشاط البدني من خطر الإصابة بمجموعة من المشكلات الصحية، مثل أمراض القلب والسكري من النوع الثاني وبعض أنواع السرطان.
وتبنى باحثو منظمة الصحة العالمية توصية كانت قد ذهبت إليها دراسة أخرى نشرتها دورية The Lancet global Health في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2017، وهي أن الحصول على 150 دقيقة من النشاط البدني أسبوعياً، يمنع 8 في المائة من حالات الوفاة، ويخفض من معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 4.6 في المائة تقريباً.
وأوصت الدراسة ذاتها، والتي قادها الدكتور سكوت لير، أستاذ بكلية الصحة في جامعة سيمون فريزر بكندا، إلى أنه في حالة النشاط الزائد الذي يصل إلى أكثر من 750 دقيقة من النشاط البدني في الأسبوع، فإن ذلك يعطي مزيداً من المؤشرات الإيجابية، فتنخفض معدلات الوفاة 13 في المائة، وتنخفض معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 9.5 في المائة.
وذهب لير ورفاقه إلى أنه لا يهم نوع النشاط البدني الذي يمارسه الشخص، فليس شرطاً أن يذهب إلى صالات الألعاب البدنية؛ إذ إن الوقت الذي يتم قضاءه في تنظيف المنزل، أو حتى المشي السريع أثناء التوجه إلى العمل، مفيد في هذا الإطار.
من جهته، قال بول جاروود، من مكتب الاتصال بمنظمة الصحة العالمية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «نتائج هذه الدراسة بمثابة دعوة للحكومات من أجل توفير وصيانة البنية التحتية التي تشجع على زيادة أنشطة المشي وركوب الدراجات الهوائية للنقل والرياضة والأنشطة الترفيهية». وأضاف «الانخفاض في النشاط البدني المهني والحياتي أمر حتمي مع ازدهار البلدان، وزيادة استخدام التكنولوجيا، ويجب العمل على تعويض ذلك بتشجيع هذه الأنشطة».
ويشدد جاروود على أن هذه الدراسة تدعو السيدات إلى مزيد من الانخراط في أداء الأعمال المنزلية، التي قد تساعد في الارتفاع بمعدلات النشاط البدني لديهم. ويقول «وسائل الرفاهية المنزلية التي أصبحت متاحة للسيدات حتى في البلدان الأقل دخلاً أثرت بشدة على فرص ممارسة الأنشطة البدنية».
وإذا كان الباحثون قد حذروا من خطورة هذا الوضع صحياً على الأفراد، فإن جاروود وجّه رسالة للحكومات التي تنفق كثيراً في علاج مواطنيها من أمراض مثل القلب والأوعية الدموية، قائلاً «الرياضة خير من العلاج؛ فالاهتمام بتشجيع المواطنين وتوفير البنية التحتية التي تساعد على ممارسة النشاط البدني، قد يمثل طريقاً أكثر ملاءمة من الناحية الاقتصادية لمنع أمراض القلب والأوعية الدموية». وكانت حكومات العالم قد أقرت بالحاجة إلى اتخاذ إجراء من خلال اعتماد خطة العمل العالمية لمنظمة الصحة العالمية بشأن النشاط البدني (2018 - 2030).