قمة صينية ـ أفريقية لتعزيز نفوذ بكين في الدول النامية

يرغب الرئيس شي جينبينغ، الذي تستضيف بلاده الاثنين قمة صينية أفريقية، بالفعل إقراض أفريقيا التي أدرجها ضمن «طريق الحرير الجديد»، وهو مشروع ضخم لإقامة بنى تحتية تربط بين ثاني اقتصاد في العالم مع شركائه التجاريين. الإقراض الصيني السخي حذرت منه واشنطن وبعض المؤسسات المالية الدولية واعتبرته آلية يتم من خلالها ربط الدول الأفريقية بالعملاق الآسيوي. وتعتبر الصين الآن الشريك التجاري الأول لدول القارة الأفريقية. ويقول كوبوس فان ستادن، خبير العلاقات الصينية الأفريقية في معهد الشؤون الدولية في جنوب أفريقيا لوكالة الصحافة الفرنسية: «من المحتمل أن يتم توسيع مبادرة طريق الحرير لتشمل كل أفريقيا». وكان جينبينغ أعلن خلال القمة الأخيرة في جوهانسبيرغ عام 2015 عن مبلغ 60 مليار دولار مساعدات وقروضا للبلدان الأفريقية.
وتحت اسم «منتدى التعاون الصيني الأفريقي» السابع الذي يعقد كل ثلاث سنوات بالتناوب في الصين وأفريقيا، يستضيف الرئيس شي قمة في بكين لمدة يومين، تركز إلى حد كبير على تقوية التعاون الاقتصادي بين الطرفين. الوجود الصيني في أفريقيا هو جزء من محاولات الصين تعزيز نفوذها في الدول النامية. وافتتحت بكين العام الماضي في جيبوتي أول قاعدة عسكرية لها في الخارج.
وبين الضيوف الذين تأكد حضورهم رؤساء جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، ونيجيريا محمد بخاري، ومصر عبد الفتاح السيسي، وساحل العاج الحسن وتارا. ومن المتوقع أن يغتنم شي جينبينغ الذي يخوض حربا تجارية مع واشنطن الاجتماع للإشادة بـ«الصداقة» بين بلاده وقارة تزيد بكين استثماراتها فيها، خصوصا في البنى التحتية التي بلغت قيمتها مليارات الدولارات. وتسعى بكين في أفريقيا إلى توسيع «قائمة الدول الصديقة» خصوصا في شمال وغرب القارة الناطق بالفرنسية، بحسب أديبوسيوي إسحق أدينيران، الأستاذ في جامعة أوبافيمي أولوو في نيجيريا. وباستثناء ايسواتيني الصغيرة (سوازيلاند سابقاً)، باتت جميع البلدان الأفريقية تعترف بالنظام الشيوعي، بعد أن قطعت بوركينا فاسو هذا العام علاقاتها مع حكومة تايوان المنافسة. وقال أدينيران، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه بالنسبة للجانب الأفريقي «فإن الحاجة إلى الأموال الصينية ستحتل مركز الصدارة» خلال منتدى بكين.
كما تستثمر الشركات الصينية المملوكة للدولة، بحثاً عن المواد الخام، في دول مثل جنوب السودان أو جمهورية الكونغو الديمقراطية بشكل كبير. لكن القروض الصينية تثير المخاوف بشأن الاستقرار المالي في البلدان التي قد تجد نفسها مثقلة بالديون لسنوات عديدة. وعلى سبيل المثال، قفز مجموع الديون العامة لجيبوتي من نسبة إجمالي الناتج المحلي من 50 إلى 85 في المائة خلال عامين، ما يثير مخاوف صندوق النقد الدولي بسبب القروض المستحقة لبكين. وفي أماكن أخرى، يندد مواطنون في بعض الأحيان باستخدام العمالة الصينية والعقود السخية لشركات الصين. وفي مدغشقر، انطلقت مظاهرات طوال أشهر عام 2016 ضد منح شركة صينية حقوقاً لمدة 40 عاماً لاستغلال منجم ذهب. وفي كينيا، تعرض خط للسكك الحديد تموله بكين لانتقادات بسبب كلفته المرتفعة ومروره عبر متنزهات وطنية. لكن وزير النقل الكيني أعلن للتو أن شريحة جديدة من المشروع سيتم توقيعها خلال قمة بكين بقيمة 3.8 مليار دولار.
بموازاة ذلك، تتغير علاقات الصين مع شركائها الأفارقة. لم تعد بكين ترى أفريقيا كسوق، ولكن كمقاول من الباطن للتعويض عن الزيادة في تكاليف الإنتاج الخاصة بها.
بدورها، قالت الخبيرة في الشؤون الصينية في جامعة ملبورن لورين جونستون إن «الصين تتطلع إلى الاستثمار في صناعات كثيفة العمالة من أجل مزيد من الثراء مع التقدم في السن». إلا أن النفوذ المتنامي لبكين يثير في بعض الأحيان ردود فعل حادة.
والأسبوع الماضي، أسكت رئيس ناميبيا هاجي جينغوب السفير الصيني بينما كان يحاول شرح ما ينبغي قوله. وقال مخاطبا السفير: «ليس عليك أن تخبرنا بما يجب علينا القيام به (...) نحن لسنا دمى».