إسبانيا تحيي اليوم ذكرى ضحايا الهجوم «الإرهابي» المزدوج في كاتالونيا

تشهد اليوم (الجمعة) مدينة برشلونة تظاهرات تكريمية بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للهجوم الإرهابي المزدوج الذي أودى بحياة 16 شخصاً في العاصمة الكاتالونية وبلدة آلكانار من أعمال مقاطعة جيرونا، في أجواء غلبت عليها التهدئة النسبية التي توصلت إليها الحكومتان المركزية والإقليمية تجنباً للتصعيد جراء حضور الملك فيليبي السادس ليرأس التظاهرة الرئيسية في برشلونة إلى جانب رئيس الوزراء بيدرو سانشيز ورئيس الحكومة الإقليمية كيم تورّا. لكن التهدئة لم تمنع استمرار الطرفين؛ المركزي والإقليمي، من تبادل الاتهامات بعدم التعاون وعدم تقاسم المعلومات بين الأجهزة الأمنية قبل الاعتداءات وبعدها.
وقد بدأت التظاهرات، التي من المنتظر أن تستمر حتى غدا السبت، في بلدة ريبول التي كان يقيم فيها أعضاء الخلية التي قامت بتنفيذ الاعتداءات، والتي يُعتقد أنها تطرفت على يد إمام مسجد البلدة عبد الباقي الساتي الذي لقي حتفه عشية الاعتداءات عندما انفجرت قنبلة بين يديه في منزله. ويستفاد من التحقيقات التي قامت بها الأجهزة الأمنية والقضائية الإسبانية في ملف الاعتداءات، أن الساتي كان الرأس المدبر الوحيد الذي قام بتنظيم الهجمات وجند منفذيها. وتنظم بلدية ريبول ندوات حول التعايش والتنوع الثقافي تتخللها قراءات شعرية ولقاءات حوارية بين أبناء المدينة والمهاجرين الذين يتحدر معظمهم من أصول مغربية.
وتشهد برشلونة تظاهرة عصر اليوم يتقدمها العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس وعقيلته الملكة ليتيزيا ورئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز الذي فتحت حكومته قناة حوار مباشر مع الحكومة الإقليمية الكاتالونية مؤخرا، سعياً إلى تنفيس الاحتقان الشديد بين الطرفين والذي نشأ عن التحركات والخطوات الانفصالية التي بدأت في خريف العام الماضي وأدت إلى هرب رئيس الحكومة الإقليمية واعتقال عدد من القادة والزعماء الانفصاليين. كما يشارك في هذه التظاهرة رئيس الحكومة الإقليمية كيم تورا الذي لم يتأكد حضوره حتى اللحظات الأخيرة. وكانت الحكومة الكاتالونية قد قررت «قطع العلاقات» مع القصر الملكي احتجاجا على خطاب الملك فيليبي السادس في ذروة المواجهات عندما تعمد عدم الإشارة إلى الجرحى الذين وقعوا في الصدامات بين المتظاهرين الانفصاليين والشرطة الإسبانية.
وتنظم القوى والأحزاب الانفصالية تظاهرة أخرى أمام السجن الذي يوجد فيه بعض القادة الانفصاليين بعد نقلهم مؤخرا إلى برشلونة، ويُنتظر أن يقوم تورّا بزيارتهم قبل الانضمام إلى التظاهرة التي سترفع شعارات لتكريم أجهزة الأمن والخدمات الصحية الإقليمية، إضافة إلى ضحايا الاعتداءات وذويهم.
وكان القادة الانفصاليون المعتقلون في السجون منذ العام الماضي قد وجهوا رسالة مفتوحة إلى الحكومة المركزية يطالبونها بـ«توضيح العلاقة التي كانت قائمة بين إمام مسجد ريبول عبد الباقي الساتي وأجهزة المخابرات الوطنية»، التي تأكد مؤخرا أنها كانت على اتصال منذ سنوات مع الساتي، وأن أفرادا منها قاموا بزيارته عدة مرات في السجن عندما كان يمضي عقوبة بتهمة الاتجار بالمخدرات. وجاء في الرسالة التي نشرتها الصحافة الكاتالونية أن «احترام الضحايا يقتضي من الدولة الإسبانية توضيح هذه العلاقة وإظهار الحقيقة للرأي العام».
من جهتها، اتهمت نقابة الحرس المدني الإسباني الشرطة الكاتالونية بعدم إبلاغها كل المعلومات التي بحوزتها منذ وقوع الاعتداءات في مثل هذا اليوم من العام الماضي. ودعا ناطق باسم «رابطة ضحايا الإرهاب» القوى والأحزاب السياسية إلى «وقف المهاترات والمزايدات وعدم تسييس الاحتفالات التي يجب أن تكون مقصورة على تكريم الضحايا»، وانتقد عدم كفاية المساعدات والمعونة المقدمة للناجين من تلك الاعتداءات. ويقول الباحث في شؤون الإرهاب ومدير «المرصد العالمي للأمن» مانويل غازابو إن المشهد الأمني في إسبانيا اليوم مطابق لما كان عليه إبان الاعتداءات العام الماضي، وإن درجة الجهوزية التي تتحرك ضمنها أجهزة الأمن والمخابرات هي الدرجة الرابعة في سُلم الدرجات الخمس. ويضيف: «من المنتظر أن تبقى الجهوزية عند هذه الدرجة إلى نهاية هذه السنة وخلال السنة المقبلة رغم الهزائم التي مُنيت بها التنظيمات المتطرفة، لأن الخطر الأكبر ما زال الذي تشكله الخلايا المتطرفة في الداخل».