أقدم إصابة مرضية في مشط القدم لدى «قدماء المصريين»

نجح فريق بحثي إسباني في تسجيل أقدم إصابة بمرض يسمى «مولر وايس» (Mueller - Weiss) في عظام رجل ينتمي إلى السلالة البطلمية، في الفترة الهلنستية (من القرن الرابع إلى القرن الأول قبل الميلاد)، وذلك في منطقة أثرية بمحافظة المنيا (وسط مصر).
- عظام المشط
و«مولر وايس» من الأمراض النادرة في العظام، وقد وصف علمياً لأول مره أوائل القرن العشرين، وسجل باسم مكتشفه، وهو عالم ألماني. ويعد البحث الإسباني هو الأول من نوعه الذي يسجل هذه الإصابة في عظام ينتمي أصحابها إلى فترات ما قبل الميلاد.
ويقول الدكتور فيصل زايد، أستاذ العظام بجامعة الأزهر، لـ«الشرق الأوسط» إن هذا المرض عبارة عن حدوث تنقرس في عظمة من عظام مشط القدم، بما يؤدي إلى تآكلها. ولا يتم الكشف عن هذه الإصابة إلا باستخدام الأشعة، ويتم علاج هذه الحالة بالراحة والمسكنات في البداية، فإن لم يحدث تقدم إيجابي، يتم التدخل الجراحي بإزالة العظمة.
ووفقاً لما جاء في الدراسة المنشورة بـ«دورية جراحة القدم والكاحل» (The Journal of Foot and Ankle Surgery)، فإن الفريق البحثي الإسباني عثر على الهيكل العظمي الذي تم تسجيل هذه الإصابة به داخل تابوت في موقع أثري بقرية الشارونة، التابعة لمحافظة المنيا (220 كيلومتراً جنوب القاهرة)، بما فتح المجال حول المزيد من الدراسات التي تؤرخ لتاريخ الأمراض بالاعتماد على مومياوات المصريين القدماء.
وكانت مومياء الفرعون الذهبي توت عنخ آمون قد باحت بأحد الأسرار قبل نحو 8 سنوات، حول إصابته بمرض عظمي آخر، وهو «الفلات فوت» (القدم المسطحة)، ليتم تسجيل أقدم إصابة بهذا المرض باسم الفرعون الذهبي.
ووفق دراسة أخرى منشورة في دورية (The Journal of the American Medical)، التي قام بها فريق بحثي مصري أميركي مشترك، ضم د. زاهي حواس وزير الآثار الأسبق، فقد تم تسجيل تلك الإصابة التي كان من تبعاتها عدم وصول الدم إلى قدميه، وهو ما جعل الفريق البحثي يرجح أن سبب الوفاة وقوعه من العربة خلال رحلة صيد، بما أدى إلى وفاته، وليس بسبب تعرضه لمؤامرة، كما هو شائع.
- أقدم إصابة
وإذا كانت إصابة العظام في مومياء الفرعون الذهبي قد وظفت لإزالة الغموض حول سر وفاته، فإن الإصابة بمرض «مولر وايس»، التي سجلها الفريق البحثي الإسباني الذي ضم ريكاردو شيافاجاتي وألبرت إيسيدرو، الأستاذان بقسم جراحة العظام بمستشفى يونيفرسيتاري في برشلونة، وبولا كاناليس طالبة الدكتوراه بقسم علوم العصور القديمة بجامعة سرقسطة، وإدواردو ساليديس طالب الدكتوراه في كلية العلوم الحيوية بالجامعة المستقلة في برشلونة، ليس لها سوى فائدة واحدة أشاروا لها في مقدمة بحثهم، وهي التعرف على تاريخ الأمراض.
وقالوا إن الحالة التي رصدوها هي أقدم إصابة بالمرض في السجل الأثري الخاص بأمراض القدم.
ويقول الدكتور إيهاب فتحي، أستاذ العظام بجامعة الزقازيق، لـ«الشرق الأوسط»: «قد تفتح هذه الحالة المجال لإعادة النظر في تصنيف نسب الإصابة بالأمراض وفق جنس المصاب، فالمعروف أن النساء أكثر إصابة بهذا المرض، فهل يدفع هذا الاكتشاف إلى إعادة النظر في ذلك؟».
هذا السؤال الذي طرحه د. فتحي قد تجيب عليه الأبحاث المقبلة للفريق البحثي الإسباني، الذي قال إن الحالة المصرية كانت ضمن حالات تنتمي لحضارات أخرى من دول مختلفة يتم العمل على دراستها.