تركيا: تحسن طفيف في سعر الليرة والحكومة تطرح برنامجاً لدعم المصنّعين

في الوقت الذي استعادت فيه الليرة التركية بعضاً من خسائرها، أعلن وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى فارانك عن تفعيل برنامج دعم جديد للمصنعين بقيمة 1.2 مليار ليرة تركية (نحو 180 مليون دولار).
وقال الوزير التركي، في بيان له أمس (الثلاثاء)، إن برنامج الدعم الجديد سيساهم في تقليل العجز، ودعم إنتاج منتجات ذات قيمة مضافة عالية، ودعم المصنعين الذين يطورون التكنولوجيا.
ووجه فارانك جميع المصنعين والمستثمرين بالتوسع في أعمالهم في تركيا، مؤكداً أن الدولة مستعدة لتقديم كل الدعم لمن يحمل أفكاراً جديدة، ومن يرغب بتطوير منتجات جديدة.
وقال فارانك إن دعم المصنعين سيشمل تقديم الإرشاد والتوجيه في المجالات الحديثة، وتطوير الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة، والمستثمرين في المجال التكنولوجي على وجه الخصوص، وتشكيل تعاون بين القطاع العام والجامعات وقطاع الصناعة.
ولفت الوزير التركي إلى أن الدعوة مفتوحة للمصنعين حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، للتقدم من أجل الاستفادة من برنامج الدعم.
وفي مسعى لتهدئة مخاوف المستثمرين بسبب الانهيار الحاد لليرة التركية، على خلفية التوتر مع أميركا، يلتقي وزير الخزانة التركي برات البيراق، غداً (الخميس)، مع مستثمرين أجانب، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مع نيويورك، لنقل رسائل إلى المستثمرين الدوليين حول التطورات الاقتصادية الأخيرة.
وأشارت المصادر إلى أن ما بين 750 وألف مستثمر من جميع أنحاء العالم، لا سيما من الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط، سيشاركون في اللقاء مع الوزير التركي عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة.
وارتفع سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار الأميركي في تعاملات أمس، مقارنة مع أسعار مساء أول من أمس، ليصل إلى حدود 6.50 ليرة للدولار، بدلاً عن 7.24 ليرة للدولار، بعد حزمة إجراءات أصدرها البنك المركزي التركي، أول من أمس، من أجل تدعيم الأسواق المالية، ومنحها مرونة نقدية أعلى.
وخفض البنك المركزي التركي، أول من أمس، نسب متطلبات احتياطي الليرة التركية بمقدار 250 نقطة أساس، لجميع فترات الاستحقاق دون استثناء. كما أعلن إمكانية استخدام اليورو، بالإضافة إلى الدولار.
وارتفعت أسعار الذهب، أمس، من أدنى مستوياتها في 18 شهراً، الذي بلغته في الجلسة السابقة، مع نزول المعدن دون مستوى نفسي مهم، مما أثار إقبالاً على الشراء، بينما بدد الدولار مكاسبه، بعدما صعد لأعلى مستوى في 13 شهراً.
وتراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من 6 عملات رئيسية، بنحو 0.3 في المائة إلى 96.168، بعدما صعد إلى أعلى مستوياته في 13 شهراً، الاثنين.
وقبع اليورو قرب أدنى مستوى له في عام أمام الدولار والفرنك السويسري، ليظل تحت ضغط هبوط الليرة التركية، بفعل مخاوف من أن تضر المشكلات الاقتصادية التركية البنوك الأوروبية، وتمتد إلى اقتصادات ناشئة أخرى.
في السياق ذاته، قال الرئيس التنفيذي في بيت التمويل الكويتي (بيتك)، ثاني أكبر بنك من حيث الأصول في الكويت، مازن الناهض، إن محفظته التمويلية مستقرة ومتنوعة بين الليرة والعملات الأجنبية الرئيسية، وإن مؤشرات النمو التي يحققها بيت التمويل الكويتي - التركي (بيتك تركيا)، التابع لـ«بيتك» الكويت، تشكل «مصدات لمواجهة انخفاض قيمة الليرة التركية».
وهبطت الليرة هبوطاً حاداً بسبب مخاوف من اتجاه السياسة النقدية في عهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وتدهور علاقات أنقرة مع واشنطن.
وأضاف الناهض، في بيان له أمس، أن «بيتك تركيا» يتمتع بـ«جودة أصول عالية»، بفضل التنوع الاقتصادي في محفظة التمويل، وأن «المحفظة التمويلية في تركيا تتمتع بوضع جيد ومستقر، وتتنوع بشكل متوازن بين الليرة التركية والعملات الأجنبية الرئيسية، ما يساعد في بناء حائط صد أمام تأثيرات تقلبات العملة».
وأشار الناهض، بحسب «رويترز»، إلى أن «بيتك» يراقب ويتابع عن كثب مجريات الأحداث في تركيا، مؤكداً ضرورة اتخاذ الحكومة والبنك المركزي والسلطات المعنية هناك جميع التدابير والإجراءات اللازمة للحد من انخفاض قيمة العملة التركية، من خلال تحركات جدية للخروج من الأزمة.
في الوقت ذاته، ترددت أنباء عن تسريح مصانع النسيج في مدينة غازي عنتاب (جنوب تركيا) العمال بشكل جماعي، أو مطالبتهم بالحصول على إجازات من دون أجر، فضلاً عن إقدام بعض المصانع على إغلاق بعض أقسامها.
وأكد بيان لنقابة عمال النسيج في منطقة تشوكوروفا، بحسب صحيفة «بيرجون» التركية، فصل المئات من العمل حتى الآن بمدينة غازي عنتاب، ويتوقع أن يتم تسريح المزيد من العمال عقب عيد الأضحى.
إلى ذلك، رأى ستيف إتش هانكي، أستاذ الاقتصاد التطبيقي بجامعة «جونز هوبكنز» الأميركية، أن هناك طريقة لإنقاذ الليرة التركية من «دوامة الموت»، وسحق التضخم فوراً، على خلفية التوتر مع واشنطن.
وذكر هانكي، في مقال بصحيفة «وول ستريت جورنال»، تعليقاً على الأزمة المالية الحالية في تركيا، بعد تصاعد الخلاف مع الولايات المتحدة بسبب محاكمة القس أندرو برانسون، المتهم بدعم الإرهاب والتجسس، أن تركيا يمكنها أن تنشئ مجلس عملة يصدر أوراقاً وعملات نقدية قابلة للتحويل حسب الطلب داخل عملة تثبيت أجنبية بسعر صرف ثابت. ومطلوب من المجلس الاحتفاظ باحتياطيات عملات التثبيت بما يعادل 100 في المائة من التزاماته النقدية.
وأضاف أنه بحكم تصميمه، ليس لمجلس العملة أي صلاحيات نقدية تقديرية، ولا يمكنه إصدار الأموال على مسؤوليته، لذلك فإن وظيفته الوحيدة تتمثل في تبادل العملة المحلية التي يصدرها من أجل عملة تثبيت بسعر محدد، وبالتالي يتم تحديد كمية العملة المحلية المتداولة بالكامل من قبل قوى السوق، أي الطلب عليها.
ونظراً لأن العملة المحلية هي نسخ لعملة تثبيتها، فإن مجلس العملة هو جزء من مجال عملة تثبيت موحدة للبلد.
وأشار هانكي إلى أن مجلس العملة لا يتطلب أي شروط مسبقة، ويمكن إنشاؤه فوراً، ولا حاجة لإصلاح المالية الحكومية والشركات والتجارة المملوكة للدولة قبل أن يتمكن المجلس من إصدار المال، وألمح إلى أن مثل هذه المجالس موجودة في نحو 70 دولة، وأولها أنشئ في مستعمرة موريشيوس البريطانية بالمحيط الهندي عام 1849، ولم يفشل أي مجلس نقدي.
وأوضح أنه لجعل الليرة جيدة كالذهب، أو كبعض عملات التثبيت الأخرى المفضلة، مثل اليورو أو الدولار الأميركي، يجب على إردوغان أن يعلن اليوم أن تركيا ستقوم بإنشاء مجلس عملة خلال 30 يوماً، وكجزء من هذا الإعلان، يجب أن يصرح بأنه حتى يتم إنشاء هذا المجلس، سيتم تجميد القاعدة النقدية لليرة، وسيسمح بتعويمها بحرية. وفي نهاية الثلاثين يوماً، سيتم اختيار سعر صرف عادل لربط الليرة بعملة تثبيتها الجديدة. وهذا هو الإجراء الذي استخدم في بلغاريا و«كان يعمل كالسحر»، ورأى أن هذا الإعلان سيؤدي إلى ارتفاع الليرة، وانخفاض التضخم.