متى نرى آرون رامزي الحقيقي؟

كتب رجل حكيم ذات مرة يقول: «كيف يمكنني أن أبدأ أي شيء جديد بينما لا يزال الأمس يسكن بداخلي». وفي الحقيقة، تنطبق هذه المقولة على نادي آرسنال، حيث لا يمكننا أن نبدأ بالحديث عن أي شيء جديد يتعلق بالنادي دون الإشارة إلى المدير الفني الفرنسي أرسين فينغر، الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من تاريخ النادي الكبير بعد أن أمضى بين جدرانه 22 عاماً.
وعلى الأرجح لن يتم التوقف عن الحديث عن فينغر حتى بعد انطلاق الموسم الجديد للدوري الإنجليزي الممتاز لآرسنال يوم الأحد المقبل ورؤية المتعة والأهداف والمهارات. وقد رحل فينغر عن المدفعجية ولن نراه مرة أخرى وهو يسير بجوار خط التماس عابس الوجه ويفكر في إيجاد الحلول للمشكلات التي يواجهها فريقه في المباريات. وقد تشعر للحظة بالحزن والحنين لرؤية المدير الفني الفرنسي، وهو يقود فريقه مرة أخرى، لكن سرعان ما ستشعر بالسعادة في اللحظة نفسها وبشكل مفاجئ لعدم وجوده، لأننا يجب أن نعترف بأن رحيله قد سبب شعوراً كبيراً بالارتياح في كل مكان. وفي الواقع، بدأت الأمور تتغير بالفعل في آرسنال. وللمرة الأولى منذ فترة طويلة، بدأنا ننظر لآرسنال في شهر أغسطس (آب)، ونحن يحدونا الأمل ونتعامل مع الأمور المتعلقة بالنادي بشعور ممتع. ويقول أولئك الذين عاصروا فينغر مع نادي آرسنال لما يقرب من ربع قرن من الزمان إن التاريخ يقف ضد المدير الفني الجديد للمدفعجية أوناي إيمري، لكن الحقيقة هي أن المدير الفني الإسباني يتفوق على فينغر كثيراً فيما يتعلق بالخطط والطرق التكتيكية التي تختلف تماماً وكلية عن تلك التي كان يعتمد عليها فينغر.
وتتمثل نقطة الاختلاف الرئيسي في أن لاعبي آرسنال الآن تحت قيادة أوناي إيمري يتحركون بصورة ممتازة دون كرة، بالإضافة إلى نقطة أخرى تتمثل في أن النادي بدأ يتعاقد مع لاعبين أقوياء سيضيفون الكثير والكثير للفريق. لكن من جهة أخرى، يجري الحديث عن هوس إيمري بتحليل المباريات عن طريق الفيديو، علاوة على مؤتمراته الصحافية التهكمية والمملة. ويعني كل هذا التغير أن عملية الانتقال الضرورية من عصر فينغر قد بدأت بالفعل، وستكون هناك ثورة ثقافية في الوقت المناسب تعصف بإرث فينغر تماماً من النادي.
وبعيداً عن كل هذا، قد يكون الوقت حان للحديث عن نجم خط وسط الفريق آرون رامزي. وعندما سُئل إيمري خلال الأسبوع الحالي عن آرون رامزي الذي لم يوقع حتى الآن على عقد جديد مع النادي، رد قائلاً: «أريده أن يكون معنا، لكن...»، ويريد جمهور آرسنال أن يبقى رامزي في الفريق، رغم أن بعضاً منهم قد يريد بيعه واستغلال المقابل المادي في تدعيم صفوف الفريق بلاعبين جدد. وهناك لاعبون آخرون يمكن القول إنهم يجسدون المراحل الأخيرة من حقبة فينغر مع النادي، يأتي على رأسهم بالطبع ثيو والكوت الذي انتقل إلى نادي إيفرتون بعد مسيرة طويلة مع المدفعجية، فكنا نراه أحياناً يصول ويجول داخل الملعب ويقدم مستويات رائعة وفي أحيان أخرى يقدم مستويات هزيلة أو لا يقدم أي شيء على الإطلاق.
لكن بالنسبة لي، فإن رامزي هو أفضل لاعب في آرسنال خلال السنوات الخمس الماضية، ويمكن القول إنه أكثر لاعب خط وسط موهوب في بريطانيا، لكنه يجعلك تشعر بالإحباط لأنه لم يقدم كل ما لديه من إمكانات ومهارات ولم يخرج كثيراً من مستودع موهبته حتى الآن. ولا يزال رامزي، البالغ من العمر 27 عاماً، يمثل لغزاً كبيراً للغاية، فرغم أنه يركض أكثر من أي لاعب آخر داخل الملعب، فإنه في بعض الأحيان يقدم مستويات سيئة على نحو غريب.
ويمكن القول إن رامزي يمتلك كل المقومات التي يحتاج إليها أي لاعب خط وسط، ويظهر لنا كثيراً من هذه الإمكانيات عندما يكون في حالته المعروفة، لكننا في أوقات أخرى نراه مختفياً تماماً داخل الملعب مثلما حدث خلال المباراة التي خسرها فريقه بثلاثية نظيفة في أبريل (نيسان) الماضي أمام تشيلسي، فيما يبدو أنه لم يكن قادراً على تحمل الضغوط الكبيرة في تلك المباراة. ويمكن القول بكل تأكيد إن رامزي هو أحد أفضل اللاعبين في آرسنال خلال الفترة الأخيرة من حقبة فينغر، لكنه في أحيان أخرى يبدو عاجزاً عن القيام بأي شيء.
ويتعرض المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو لكثير من الانتقادات لأنه يقيد حركة اللاعبين المبدعين في فريقه ويكلفهم بالقيام بكثير من الواجبات الدفاعية، لكن على النقيض من ذلك تماماً كان رامزي، الذي لم يتعامل مع أي مدير فني آخر غير فينغر منذ أن كان في الـ17 من عمره، يلعب بكل حرية وأريحية داخل الملعب ولا يكلفه المدير الفني الفرنسي بكثير من المهام.
وفي المباريات التي كان يظهر فيها رامزي بمستوى سيئ، كنا نراه كأنه يتجول في خط الوسط، لكن عندما يكون في أفضل حالاته وعندما يلعب في عمق الملعب أو في مركز صانع الألعاب كنا نراه يبدع ويعطي توازناً كبيراً للفريق. وفي خريف عام 2013، قدم رامزي مستويات رائعة وساعد اللاعب الفرنسي ماتيو فلاميني في التألق بجواره. ونركز هنا على التغيير الذي سوف يطرأ على آرسنال والأشياء الجديدة التي سوف نشاهدها في أداء المدفعجية بداية من الموسم المقبل، خصوصاً أن إيمري يعطي أولوية للتغطية الدفاعية واللعب بشكل متوازن والضغط على الفريق المنافس في وسط الملعب.
ويبقى فقط أن ننتظر لنرى متى وكيف يمكن أن يلعب كل من رامزي ومسعود أوزيل وهنريك مخيتاريان معاً في الوقت نفسه. ويبدو أن رامزي لديه الرغبة في عدم الانتقال إلى أي نادٍ آخر والبقاء في آرسنال من أجل إبراز قدراته وإمكاناته في الطريقة الجديدة التي سيعتمد عليها إيمري بدلاً من الاكتفاء بالسنوات التي قضاها تحت قيادة فينغر.