«نداء تونس» يتمسك بتغيير شامل لحكومة الشاهد

مع انتهاء المهلة التي حددتها قيادات «حزب النداء» التونسي، والتي بدأت في 28 من يوليو (تموز) الماضي لعرض حكومة الشاهد على البرلمان قصد تجديد الثقة فيها، أعادت الهيئة السياسية للحزب، الذي يتزعم المشهد السياسي في تونس، دعوتها السابقة إلى ضرورة «تغيير شامل للحكومة كمقدمة لتجاوز الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها تونس». وهي الدعوة التي أنعشت آمال عدة أطراف سياسية ونقابية تطمح بدورها لإسقاط حكومة الشاهد، وتشكيل حكومة جديدة تقود البلاد نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية مبرمجة خلال السنة المقبلة.
وتوقعت تصريحات متطابقة لسياسيين ومحللين ألا يلتزم الشاهد بهذه المهلة، خاصة بعد تسجيله كرات في مرمى خصومه السياسيين خلال الجلسة البرلمانية، التي خصصت نهاية الشهر الماضي لمنح الثقة لوزير الداخلية الجديد، وهو ما سيفرض مزيدا من الضغط على قيادات حزب النداء، التي شقها الانقسام من جديد حول مصير حكومة الشاهد.
وخلال الاجتماع، الذي نظمته قيادات الهيئة السياسية لحزب النداء ليلة أول من أمس، بزعامة حافظ قائد السبسي، دعت الهيئة الكتلة البرلمانية الممثلة لحزب النداء إلى تقديم مشروع لتعديل القانون الأساسي، المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، يهدف إلى مراجعة النظام الانتخابي، وهي خطوة تسعى من خلالها إلى دعم النظام الرئاسي المعدل على حساب النظام البرلماني المعدل الحالي.
وخلافا للمواعيد السابقة التي حددتها قيادات الحزب لعقد مؤتمرها الانتخابي الأول، فقد اقترحت هذه المرة موعدا جديدا لعقد مؤتمرها الأول أيام 25 و26 و27 من يناير (كانون الثاني) 2019. وهو موعد مختلف تماما عما قدمته إحدى اللجان المختصة، التي تشكلت لبحث أفضل المواعيد لعقد المؤتمر الانتخابي الأول للحزب، والتي اقترحت أيام 23 و24 و25 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وأن يجري خلاله انتخاب أعضاء المجلس الوطني البالغ عددهم 217 عضوا، علاوة على انتخاب أعضاء الهيئة السياسية للحزب وانتخاب أمين عام للحزب.
وتؤكد هذه الخلافات انقسام الهيئة السياسية لحزب النداء إلى شقين: شق يقوده سفيان طوبال رئيس الكتلة البرلمانية، الذي اقترح بدوره تاريخا ثالثا لعقد مؤتمر الحزب، وهو يومي 29 و30 من سبتمبر المقبل. وشق ثان يقوده حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس، الذي اقترح بدوره شهر يناير المذكور. وكلا الطرفين (طوبال وحافظ) يتفقان على ضرورة قطع الطريق أمام طموحات رئيس الحكومة يوسف الشاهد، المنتمي إلى نداء تونس، بالوصول إلى قصر قرطاج.
في السياق ذاته، رفض الشاهد من جهته الاستجابة لطلب راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، بضرورة إعلان نيته عدم الترشح للانتخابات المقبلة في حال اعتزامه مواصلة رئاسة الحكومة، وهو ما جعله، وفق عدد من المتابعين للشأن السياسي، يخوض «معارك بالجملة»، تنضاف للملفات الاجتماعية والاقتصادية الشائكة التي لا يحتمل علاجها المزيد من التأخير.
وكان المؤتمر الأول لحزب النداء، الذي أسسه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عام 2012. قد تأجل عدة مرات بسبب خلافات داخلية. ولحل تلك الخلافات، شكل الحزب ثلاث لجان داخلية لإعداد الظروف الملائمة لعقد المؤتمر. الأولى ركزت على التحضير المرحلي للمؤتمر، والثانية تكفلت بالتحاور مع الشخصيات السياسية التي غادرت الحزب. أما اللجنة الثالثة فركزت على تقييم أداء الحكومة التي يقودها يوسف الشاهد المنتمي للحزب. وقد قبلت هذه اللجنة عودة رضا بلحاج، الذي انشق عن الحزب وكون حزب «تونس أولا»، مشددة على ضرورة التغيير الشامل للحكومة، وليس التغيير الجزئي الذي تمسكت به حركة النهضة، والمتمثل في خمس أو ست وزارات على أكثر تقدير لضمان الاستقرار السياسي.
ويأمل رئيس الجمهورية، الرئيس الشرفي لحزب النداء، تشكيل جبهة سياسية قوية قبل انتخابات 2019. وذلك لمواصلة تزعم المشهد السياسي، كما يسعى إلى تجاوز المشاورات مع القيادات السياسية القريبة آيديولوجيا من «حزب النداء»، لتشمل حزب الاتحاد الوطني الحر، الذي يتزعمه سليم الرياحي، وحزب «آفاق تونس» برئاسة ياسين إبراهيم، و«حزب البديل» بزعامة مهدي جمعة.