الصدر يدعو إلى تعليق مشاورات الحكومة ومخاوف من «جمعة غضب» في بغداد

دعا ناشطون مدنيون إلى التحشيد لمظاهرات واسعة النطاق في العاصمة بغداد، اليوم، تنطلق من ساحة التحرير باتجاه المنطقة الخضراء للاعتصام أمامها، في حين أكدت قيادة عمليات بغداد عن قيامها بتأمين العاصمة بشكل كامل بعد تقسيمها إلى 6 قواطع أمنية.
وأطلق العشرات من الناشطين نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، التي لا تزال تشهد انقطاعات متواصلة رغم إعادتها إلى الخدمة تحت ضغط الشارع؛ وذلك للتحشيد إلى مظاهرات غاضبة اليوم (الجمعة) تعيد إلى الأذهان المظاهرات التي انطلقت قبل نحو سنتين، التي أدت إلى اقتحام المنطقة الخضراء المحصنة مرتين، الأولى استهدفت البرلمان والعبث في محتوياته وذلك في أبريل (نيسان) 2015، والأخرى استهدفت مبنى الأمانة العامة لمجلس الوزراء خلال شهر مايو (أيار) من العام نفسه.
وقال مصدر في قيادة عمليات بغداد في تصريح صحافي، أمس، إن «العاصمة بغداد مؤمّنة بشكل كامل هي وأطرافها بعد تقسيمها إلى 6 قواطع أمنية»، مبيناً أن «عناصر يطلق عليها تسمية رجال الظل، مرتبطة بالاستخبارات وسيتم نشرها في مناطق الحزام». وأوضح المصدر، أن «قيادة عمليات بغداد نجحت في طمأنة السكان والتصدّي لمن يحاول العبث بأمنهم، مع تأمين العاصمة بشكل محكم بالتعاون مع قوات الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب (الذي أنيطت به لحماية مطار بغداد الدولي وتأمينه) وبدعم من أجهزة المخابرات والأمن الوطني وتحت إشراف قيادة العمليات».
وأكد، أن «حماية حزام بغداد تتم من خلال شبكة المعلومات الاستخباراتية الواسعة ومطاردة واعتقال خلايا الحزام النائمة عن طريق رجال الظل، كما سيتم تركيب 30 ألف كاميرا مراقبة في مناطق الحزام، مع نصب أبراج مراقبة مزوّدة بكاميرات حرارية ليلية لتأمين العاصمة وحزامها».
ودعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال لقائه في مقره في مدينة النجف، أمس، ممثل الأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، إلى تعليق المشاورات الخاصة بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة حتى يتم حسم مطالب المتظاهرين. وتوقع رجل الدين الشيعي أن تعمل المرجعية الدينية في النجف، ممثلة بالمرجع الأعلى علي السيستاني، إلى إصدار توجيهات إلى المتظاهرين تشدد من خلالها على التزام أقصى قدر من الالتزام والانضباط، فيما يتعلق بعدم التعدي على المال العام، مع استمرار المظاهرات المطالبة بالحقوق. وقال رجل الدين الشيعي فاضل القريشي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «موقف المرجعية الدينية ممثلة بالمرجع الأعلى علي السيستاني كان واضحاً وهو تأييد المظاهرات، لكن بشرطها وشروطها، وذلك بالتزام السلمية وعدم التعدي على المال العام ممثلاً بالمنشآت العامة والخاصة، وعدم مجابهة قوات الأمن التي يفترض أن تكون مهمتها حماية المتظاهرين».
وأضاف القريشي، إن «تأييد المرجعية للمظاهرات يأتي من كونها حقاً مشروعاً، وتطالب بمطالب مشروعة، لكن يجب نيل المطالب بالأساليب المشروعة؛ لأن في حال حصلت مواجهات أو عمليات اعتداء متبادل بين المتظاهرين وقوات الأمن سوف تخرج المظاهرات عن سياقها الطبيعي، وتتحول إلى موضوع آخر يمكن أن تضيع بسببه المطالب التي خرج من أجلها المتظاهرون، وهي النقص الفادح في الخدمات الذي يعكس فشلاً متراكماً منذ 2003». وعما إذا كان متوقعاً من المرجعية خلال خطبة الجمعة اليوم موقف آخر من المظاهرات، قال القريشي، إن «أحداث الأسبوع الماضي الذي شهد تصعيداً خطيراً على صعيد المواجهات والاعتقالات وسقوط الشهداء والجرحى لا يمكن أن تمر مرور الكرام، وبالتالي ومن خلال متابعتنا رؤية المرجعية فإنها في وقت تستمر في تأييد المظاهرات بوصفها حقاً مشروعاً ومكفولاً في الدستور العراقي، فإنها سوف تصدر تعليمات واضحة باتجاه اعتماد السلمية؛ لأن أي تصعيد غير مبرر سوف يخرج المظاهرات عن مسارها وهو ما لا ترضى به المرجعية بوصفها صمام الأمان للجميع».
وشدد مقتدى الصدر خلال لقائه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، على ضرورة تلبية مطالب المتظاهرين، داعياً في الوقت ذاته إلى تعليق المباحثات الخاصة بتشكيل الحكومة إلى حين حسم مطالب المتظاهرين. وجرى خلال اللقاء بين الصدر وكوبيتش مناقشة الوضع العام في البلاد وموضوع المظاهرات. ودعا الصدر الأمم المتحدة إلى القيام بدورها من أجل دعم العراق واستقراره. وعن موقف تحالف «سائرون» الذي يرعاه مقتدى الصدر، والذي حقق المرتبة الأولى في الانتخابات التي جرت في مايو الماضي بحصوله على 54 مقعداً، قال الناطق الرسمي باسم التحالف، الدكتور قحطان الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المظاهرات الحالية هي تعبير عن حق مشروع للمواطن العراقي، فضلاً عن أنها مكفولة دستورياً، وعنوانها واضح وهو المطالبة بالخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء، وبالتالي لا يمكن لأي طرف أن يكون له رأي آخر سوى دعم هذه المظاهرات والوقوف إلى جانبها مع التأكيد على الجانب السلمي فيها وعدم السماح للجهات والأطراف التي تريد أن تزرع الفتنة والخراب في البلد أن تحقق أهدافها عبر هذه المظاهرات».
وحول مسار تشكيل الحكومة المقبلة، يقول الجبوري، إن «رأي (سائرون) واضح منذ البداية، وهو التركيز على البرنامج الحكومي قبل الأشخاص»، مبيناً أن «كل من ينسجم معنا في سياق هذا البرنامج سيكون مرحباً به، وبخلافه فإننا لسنا جزءاً من أي تفاهمات تستند إلى ترشيح هذا الشخص أو ذاك قبل اكتمال البرامج التي هي وحدها تمنحنا خريطة طريق للتغيير الصحيح الذي ننشده جميعاً، وما خروج الناس للتظاهر اليوم إلا دليل غياب الرؤية والخطط خلال الفترات الماضية».