تعديل حكومي مرتقب لحل الأزمة في تونس بعد اجتماع في القصر الرئاسي

عقد في قصر قرطاج الرئاسي في تونس أمس، اجتماع تشاوري حول مصير الحكومة في أعقاب دعوة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الوزراء يوسف الشاهد إلى الاختيار بين الاستقالة أو الطلب من البرلمان تجديد الثقة بحكومته وذلك لوضع حد للأزمة السياسية المستمرة في البلاد.
وحضر الاجتماع رئيسا الجمهورية والحكومة إضافة إلى رئيس مجلس النواب (البرلمان) محمد الناصر، كما حضر ممثلو القوى والتيارات السياسية وفي مقدمهم زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي والمدير التنفيذي لحزب «نداء تونس» حافظ قائد السبسي والأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي ورئيس منظمة الأعراف سمير ماجول. وهذا الاجتماع الأول من نوعه بعد تعليق المشاورات السياسية ووقف العمل بوثيقة «قرطاج 2» للمصالحة الوطنية، فيما توقع الكثير من الأطراف السياسية الاتجاه بعد اجتماع أمس، نحو تعديل حكومي.
ونقلت «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» عن الناطق باسم «النهضة» عماد الخميري قوله بأن «الحركة ترى أمراً إيجابياً في دعوة رئيس الجمهورية لاجتماع بهدف البحث عن حلول توافقية حول مصير الحكومة ولأول مرة بحضور رئيسها» الشاهد.
ونقلت إذاعة «شمس إف إم» عن مصادرها أن الرئيس التونسي دعا كل الأطراف المشاركة في الاجتماع أمس، إلى تحمل مسؤولياتها، وشدد على ضرورة التوافق. وأضافت أن السبسي أبدى استعداده لتسخير «وقته وصحته وكل إمكاناته الذهنية وصداقاته في العالم من أجل تونس».
وأوردت رئاسة الجمهورية في بيان أمس، أن الاجتماع خصص لبحث «السبل الكفيلة بتجاوز الأزمة السياسية الراهنة وضرورة تحمّل مختلف الأطراف السياسية لمسؤولياتها لإيجاد الحلول اللازمة مع تغليب المصلحة العليا للوطن».
ولم يعلن عن أي قرار سياسي عقب الاجتماع الذي أتى غداة تصريحات أدلى بها السبسي لوسائل إعلام محلية، رأى فيها أن «أمام رئيس الحكومة خيارين في حال استمرت أزمة الثقة مع القوى السياسية والوطنية، وهما إما الاستقالة أو طلب تجديد الثقة من البرلمان». وقال السبسي: «رئيس الحكومة إما أن يستقيل أو يذهب إلى المجلس لتجديد ثقته».
وتواجه حكومة الوحدة الوطنية الحالية التي تسلمت مهامها قبل عامين، خلافات مع عدد من أحزاب الائتلاف الحكومي و«الاتحاد العام التونسي للشغل» على خلفية الأزمة الاقتصادية والإصلاحات التي شملت عدة قطاعات.
وتكونت الحكومة الحالية في أعقاب مبادرة أطلقها السبسي توافقت حولها أحزاب ومنظمات وطنية وتوجت بإعلان «وثيقة قرطاج» المحددة لبرنامج عمل الحكومة وأولوياتها. لكن تم تعليق العمل بالوثيقة من قبل السبسي في مايو (أيار) الماضي، بسبب خلافات حول مصير الحكومة بين مطالب باستقالتها ومؤيد لاستمرارها حتى نهاية عهدها بحلول موعد الانتخابات في 2019.
ورأى السبسي أن «الوضع الحالي لا يمكنه أن يستمر، فنحن نمر من السيئ إلى الأسوأ ولهذا يجب إيقاف التيار». وأضاف: «لا يمكن الاستجابة لطموحات شعبنا إذا لم تكن لنا حكومة متماسكة مع القوى السياسية التي حولها والتي تمثل الحزام السياسي لها».
وبدأت الحكومة الحالية في تطبيق إصلاحات في الوظيفة العمومية، ونظام الدعم والضرائب، لكنها لا تزال تواجه معضلة لتقليص العجز في الموازنة وزيادة النمو وخلق فرص عمل للعاطلين وتنمية المناطق الداخلية الفقيرة.
وحكومة الشاهد هي الثامنة التي تسلمت مهامها منذ بدء الانتقال السياسي في البلاد عام 2011. وهي تواجه اليوم شغورا في منصبي وزير الداخلية ووزير العلاقات مع الهيئات الدستورية. ويشغل وزير العدل غازي الجريبي منصب وزير الداخلية بالإنابة منذ إقالة لطفي براهم في السادس من يونيو (حزيران) الماضي إثر حادثة غرق مركب للمهاجرين في سواحل جزيرة قرقنة.