المستقبل يبدو واعداً بعد نهائي رائع في «أجمل مونديال»

حصلت «أجمل كأس عالم على الإطلاق» على النهائي التي تستحقه عندما فازت تشكيلة شابة لمنتخب فرنسا 4 - 2 على كرواتيا المكافحة بعد عرض قوي زاد من التكهنات بإمكانية تغيير وجه القوى العالمية في كرة القدم.
وإذا كان المنتخب الفرنسي توج بطلا على أرض الملعب، فإن روسيا توجت عبر المونديال داخل الملاعب وخارجها حيث استطاعت من خلال البطولة تحطيم الكثير من الصور السيئة التي سبقت مونديال كان مليئا بالمفاجآت.
وردت روسيا بالشكل الأمثل على الكثير من الانتقادات التي طالتها قبل انطلاق البطولة، من خلال العروض الرائعة للمنتخب الروسي قبل خروجه من دور الثمانية، وكذلك من خلال التنظيم الجيد للبطولة والذي نال إشادة واسعة ووصفه الكثيرون بأنه الأفضل في تاريخ كأس العالم.
وكسب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رهانه بإظهار صورة جميلة لروسيا في وقت تتكاثر فيه الأزمات الدبلوماسية مع الغرب. لقد نجحت روسيا بامتياز في تنظيم كأس العالم. الملاعب الجميلة والعملية، حفاوة الأجواء، غياب حوادث كبرى، ومئات الآلاف من الزوار (630 ألف بطاقة مشجع، كانت بمثابة جوازات سفر ترافق تذاكر المباريات وتعفي صاحبها من التأشيرة من الدور الأول)، تركت ذكريات جيدة.
وأراد بوتين قطف الثمار سريعا. وأعلن، بحسب ما نقلت وكالات روسية، أن الأجانب من حملة بطاقات المشجعين «سيستفيدون من دخول متعدد إلى أراضي روسيا الاتحادية من دون تأشيرة حتى نهاية العام الحالي».
وعلى صعيد كأس العالم بشكل عام، اعتبر الرئيس الذي بدأ في وقت سابق من هذه السنة ولاية رئاسية جديدة أنه: «يمكننا بالتأكيد أن نفخر بكيف نظمنا هذه البطولة، جعلنا من هذا الحدث الكبير نجاحا في كل جانب».
وأضاف: «قمنا بهذا العمل من أجل مشجعينا، ومن أجل عشاق الرياضة الروس، وكل الذين يعشقون الرياضة في جميع أنحاء العالم».
نقلت وسائل الإعلام العالمية الأجواء الاحتفالية التي كانت طاغية في روسيا، والتي لم يغفل مسؤولو التواصل في الكرملين الإشارة إليها. وقالت رئيس تحرير قناة «روسيا اليوم» مارغريتا سيمونيان: «لقد تمكننا من الوصول إلى القلب البارد للصحافة الغربية ورأوا من نحن حقا».
وقال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جاني إنفانتينو الأسبوع الماضي خلال زيارة للكرملين: «لقد وقعنا جميعا في حب روسيا... اكتشفنا بلدا لم نكن نعرفه».
وأضاف: «كل المخاوف التي كان البعض يحاولون إثارتها مع كأس العالم هذه لم تتحقق، بل كان العكس تماما».
ويمكن لكرة القدم أيضا أن تستغل هذه النسخة من كأس العالم للتركيز على الأمور الإيجابية وكذلك على المستقبل في ظل رغبة الاتحاد الدولي (الفيفا) في نسيان فضائح الفساد التي لطخت سمعة المنظمة في 2015.
وكانت الإثارة حاضرة منذ المباراة الافتتاحية إذ نجحت روسيا، صاحبة أقل تصنيف في البطولة بوجودها في المركز 70، في الفوز بخماسية على السعودية وزاد الإبداع بثلاثية رونالدو خلال التعادل المثير 3 - 3 مع إسبانيا وثارت تكهنات بأن هذه أجمل نسخة للكأس. وشهدت المسابقة الكثير من الأهداف الرائعة والدراما المتأخرة في طريقة حسم المباريات لذا قال جياني إنفانتينو رئيس الفيفا إن هذه أجمل بطولة على الإطلاق لكأس العالم واتفق معه الكثير من النقاد والمذيعين وزوار روسيا.
وشهدت أغلب مباريات البطولة منافسات شرسة وجاء العشرات من الأهداف الـ169 التي شهدتها 64 مباراة، من كرات ثابتة، ولم يشهد المونديال سوى حالة تعادل سلبي وحيدة كانت بين فرنسا والدنمارك في الجولة الثالثة والأخيرة من مباريات دور المجموعات، بعد أن ضمنا بالفعل التأهل.
وأصبح ديدييه ديشامب مدرب فرنسا، الذي كان يحمل شارة قيادة بلاده عندما أحرزت اللقب على أرضها في 1998، ثالث رجل فقط يتوج باللقب كلاعب وكمدرب بعد البرازيلي ماريو زاغالو والألماني فرانز بيكنباور.
وقد يمكن مسامحته الآن بعد حديثه الغريب عن كأس العالم 2018. وقال ديشامب: «لم أشاهد مثل هذه النسخة من كأس العالم بسبب وجود تكافؤ على أعلى المستويات. الفرق الصغيرة... وصلت المسابقة بعد استعداد رائع». وأضاف: «لا أعلم إن كانت هذه نسخة جميلة من كأس العالم - لقد شهدت بعض السيناريوهات المجنونة».
ويأتي الجمال وفقا لوجهة نظر كل شخص لكن البطولة قدمت ما يكفي على مدار الشهر للتأكيد على أن «اللعبة الجميلة» ليست مجرد عبارة مكررة في عالم كرة القدم. ونالت روسيا إعجابا هائلا من خلال حداثة الاستادات الـ12 التي احتضنت فعاليات البطولة في 11 مدينة، والتنظيم الذي بدا مثاليا وحسن الضيافة لمئات الآلاف من الزوار الذين توافدوا من مختلف أنحاء العالم.
وقال أليكسي سوروكين رئيس اللجنة المنظمة للمونديال: «لقد أظهرت البطولة أننا شعب منفتح ومضياف ومبتسم... لقد كانت رحلة استكشافية لروسيا بالنسبة للجميع».
كذلك رصدت منظمات حقوقية، منها منظمة العفو الدولية، إيجابيات المونديال الروسي وأبدت أملها في استمرار تلك الإيجابيات بعد الانتقادات المتعلقة بحرية التعبير والصحافة في البلاد تحت قيادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكانت المفاجآت المدوية قد بدأت منذ وقت مبكر من البطولة وأبرزها خروج المنتخب الألماني حامل اللقب من منافسات الدور الأول، وذلك للمرة الأولى منذ 80 عاما. كذلك ودع المنتخب الأرجنتيني ونجمه ليونيل ميسي والمنتخب البرتغالي ونجمه كريستيانو رونالدو، المونديال خلال اليوم نفسه، من دور الستة عشر.
ورغم إشادة رئيس الفيفا بتجربة حكم الفيديو المساعد فإن ما حدث من خلط وارتباك في مباراة النهائي أثار الجدل حول هذا النظام. ومنح الحكم الأرجنتيني نيستور بيتانا ضربة جزاء للمنتخب الفرنسي في الشوط الأول من المباراة النهائية بعد مشاهدة الإعادة للكرة التي ارتطمت بيد اللاعب الكرواتي إيفان بيرسيتش داخل منطقة الجزاء ليتقدم الفريق 2 / 1 قبل نهاية الشوط الأول.
ولم يمنح بيتانا ركلة الجزاء في البداية للمنتخب الفرنسي ولكن حكم الفيديو الإيطالي ماسيميليانو إيراتي طالبه بمراجعة اللعبة بنفسه عبر شاشة الفيديو. وبالفعل، أطال بيتانا النظر إلى الواقعة قبل أن يشير إلى احتساب ركلة جزاء للفريق الفرنسي. وعلق نجم كرة القدم الألماني السابق يورغن كلينزمان على الركلة قائلا: «عندما لا تكون متأكدا، لا يمكنك احتساب هذه الكرة ضربة جزاء». كما أبدى غاري لينكر مهاجم المنتخب الإنجليزي اندهاشه واعتراضه بشأن احتساب ضربة جزاء ومشيرا إلى أن كل فقرات القانون لا تؤيد احتساب اللعبة.
وقال المدافع الإنجليزي الدولي السابق ريو فيرديناند: «أعتقد أن احتساب ضربة جزاء لفرنسا من هذه اللعبة كان قرارا خاطئا تماما... هذا المنتخب الكرواتي سيشعر بألم صعب للغاية».
وشعر زلاتكو داليتش المدير الفني للمنتخب الكرواتي فعليا بالحزن خاصة وأن احتساب ضربة الجزاء جاء بعد دقائق من تعادل المنتخب الكرواتي بهدف سجله بيرسيتش في نفسه. وقال داليتش: «لم أعلق من قبل على التحكيم... ولكن دعوني أقول عبارة واحدة: في نهائي كأس العالم، لا تحتسب هذه اللعبة ضربة جزاء... هذا لا يقلل من انتصار المنتخب الفرنسي». لكن هناك آخرون دافعوا عن قرار بيتانا مؤكدين أن الحكم كان مصيبا في انحيازه للفيديو لأن لعبة مثل هذه لم تكن لتحتسب دون وجود (فار).