الوجه الآخر لاحتفالات خريجي المدارس العليا بانتهاء الدراسة في النرويج

يفضل خريجو المدارس الثانوية حول العالم الترويح عن أنفسهم وإطلاق العنان لطاقاتهم، بعض الشيء، بمجرد الانتهاء من اختبارات نهاية العام الدراسي والتخلص من ضغوطه النفسية.
ويختلف سلوك الشباب وأسلوبهم في الاحتفال بنهاية العام الدراسي من بلد لآخر، لكنك لن تجد سلوكاً أكثر جموحاً مما هو عليه في النرويج.
تقول تانابورن سامفيانج، البالغة من العمر 19 عاماً: «خلال فترة التخرج، يكون الأمر متعلقاً في الأساس بإقامة الحفلات... وقد يبدو الأمر مضحكاً عندما أقول ذلك، ولكننا في الواقع وببساطة نقضي وقتاً ممتعاً بعض الشيء».
وكانت تانابورن وأصدقاؤها مارتن وتوبياس ومارغريتا في آخر عام دراسي لهم بمدرسة مالاكوف الثانوية، الواقعة في بلدة موس جنوب أوسلو، وظلوا على مدار ثلاث سنوات يتطلعون إلى الأسبوع الذي يسبق امتحاناتهم النهائية، عندما يحتفلون كثيراً بمناسبة نهاية العام.
وعلى الرغم من اقتراب موعد الامتحانات، فإنهم كانوا على استعداد لقضاء وقت ممتع، حيث إن أي شخص من الـ«راس» -وهو الاسم الذي يتم إطلاقه على خريجي المدارس الثانوية في النرويج- لديه أمور أكثر أهمية إلى جانب نتيجة الامتحانات.
أولاً، هناك الملابس التي يجب أن تكون مناسبة تماماً، ثم الاسم الذي تطلقه مجموعة من الأصدقاء على نفسها، واختيار شعار يتم طبعه على مجموعة خاصة من القمصان، وعلى بطاقات العمل.
ويصل الأمر إلى تأليف بعضهم أغنية خاصة، كما يقوم من يستطيعون تحمل تكاليف استئجار حافلة بتوفيرها، إلى جانب شرب الكحوليات والاحتفال.
ويتطلب ذلك بطبيعة الحال توفير الأموال اللازمة للإنفاق على الاحتفال، مما يدفع الكثير من طلاب المدارس الثانوية في النرويج إلى توفير نقودهم قبل فترة استعداداً لهذه المناسبة، قد تصل إلى عامين أو ثلاثة أعوام.
وتقول مارغريتا وتانابورن: «لقد قمنا ببيع الحلوى وبيع جوارب مصنوعة يدوياً» بهدف تغطية تكاليف الاحتفال. ومن المعتاد أيضاً التنقل من منزل إلى آخر لبيع أغراض مثل ورق المرحاض. ويتكلف عضو مجموعة الـ«راس» مبالغ مالية طائلة. يقول توبياس: «من الممكن أن ينفق البعض خلال هذه الفترة ما يتراوح بين 5 آلاف و6 آلاف يورو (5800 و7 آلاف دولار)».
وبالتالي، أصبح هناك حالياً الكثير من الأنشطة التجارية التي تتخصص في تجهيز ملابس خريجي المدارس العليا، وتوفير ما يحتاجون إليه. وتتضمن النفقات أيضاً ما يطلبه الموسيقيون الذين يقومون بتأليف الأغنيات والهتافات لمجموعات الخريجين، من مبالغ مالية كبيرة مقابل خدماتهم. ومن الممكن الحصول على تصميمات للشعار الذي تختاره مجموعات الخريجين من أجل طبعه على القمصان الخاصة بهم، مقابل بضع المئات من الدولارات فحسب، إلا أن القدر الأكبر من المال يتم إنفاقه على استئجار حافلة مخصصة للاحتفال، التي من الممكن أن تصل تكلفتها إلى 50 ألف يورو، بناءً على الموسيقى ونظام الصوت.
ويقوم الشباب بعمل جولة في المدينة طوال الليل، حيث يرقصون ويحتفلون. لا يشغل بالهم في هذه الحالة الاستيقاظ مبكراً للذهاب إلى المدرسة في اليوم التالي، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
من ناحية أخرى، تقول جان ستومنر، من شرطة أوسلو: «خلال السنوات القليلة الماضية، صدر المزيد والمزيد من الشكاوى بشأن مرور مجموعات خريجي المدارس العليا بحافلات تنطلق منها موسيقى صاخبة جداً، عبر مناطق سكنية». وتضيف: «تشهد هذه الاحتفالات تناول الكثير من المشروبات الكحولية، ويصل الأمر إلى حد وجود مخدرات... لدينا انطباع بأن احتفال الخريجين أصبح أكثر جموحاً».
من جانبها، تعترف تانابورن ببعض النقاط، حيث تقول: «هناك بعض الأشخاص الذين عندما يرون شاباً من خريجي المدارس الثانوية... يعتقدون أنه من مثيري الشغب وأنه سوف يتسبب في حدوث مشكلات».
ربما يرجع البعض هذا المفهوم إلى «اختبارات الشجاعة» -التي يطلق عليها في النرويج اسم «روسكنوتن»- التي يجب على خريجي المدارس الثانوية القيام بها من أجل الفوز بدبابيس يمكنهم تثبيتها في قبعاتهم.
ويقدم الخريجون نماذج أخرى لإظهار الشجاعة، من بينها وفق ما تقوله تانابورن: «خمس دقائق من الرقص على عمود عند الترام، أو ربما تناول شطيرة من الهمبورغر في قضمة واحدة».