الأوروبيون يرضخون للضغوط ويتعهدون رفع مساهماتهم الدفاعية

جدد الأعضاء الأوروبيون في حلف شمال الأطلسي الالتزام بزيادة مساهماتهم في الإنفاق العسكري لهذا الحلف بعد الضغوط التي مارسها بهذا الصدد الرئيس الأميركي، وذلك في ختام اجتماع قمة للحلف عقد في بروكسل على مدى يومين.
وقال ترمب في مؤتمر صحافي عقده أمس بعد انتهاء الاجتماعات، التي تخللتها «جلسة طارئة» بحثت موضوع حصص الدول في الإنفاق: «وافقوا (في إشارة إلى الأوروبيين) على الدفع، وعلى الدفع بشكل أسرع».
وقال الأمين العام للحلف الأطلسي في الإطار نفسه إنه «منذ انتخاب ترمب، وصلت الكثير من الأموال الجديدة: 41 مليار دولار إضافية للنفقات العسكرية للحلف، وهو أمر مهم. إلا أننا لا نزال بحاجة إلى زيادات كبيرة». وأضاف ستولتنبرغ «كنت أتوقع قيام نقاش صريح، وهذا ما حصل البارحة واليوم. لقد فهم الحلفاء أن الرئيس ترمب جاد جدا في مسألة النفقات»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وينص اتفاق تم التوصل إليه في 2014 على أن تخصص الدول الأعضاء في الحلف 2 في المائة من إجمالي ناتجها الداخلي لنفقات الدفاع في الحلف بحلول العام 2024. وتم تجديد هذا الالتزام في البيان الذي وافقت عليه أمس الدول الـ29 الأعضاء. إلا أن 15 دولة داخل الحلف لا تزال بعيدة عن تحقيق هذا الهدف، وبينها ألمانيا وكندا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا. وقال بعضها إنه غير قادر على تحقيق هذا الهدف في 2024. ما أثار غضب الرئيس الأميركي.

ووصل دونالد ترمب إلى بروكسل مساء الثلاثاء، مصمما على فرض موافقة الدول الأوروبية على مطالبه. ومارس ضغطا على حلفائه بسيل من الانتقادات، خصوصا عبر «تويتر»، طالت ألمانيا بشكل رئيسي. كما طالبها بوجوب رفع المساهمة مستقبلا إلى 4 في المائة.
وكتب ترمب على «تويتر» أن «ألمانيا باشرت للتو دفع مليارات الدولارات لروسيا، البلد الذي تريد أن تحمي نفسها منه، لسد حاجاتها من الطاقة عبر خط أنابيب غاز جديد قادم من روسيا. هذا غير مقبول!».
وكان صرح الأربعاء قائلا «ألمانيا تحت سيطرة روسيا بالكامل (...) إنها رهينة روسيا».
وجدد ترمب مطالبه في كلمته أمام الحلف أمس، ما دفع الأمين العام للأطلسي ينس ستولتنبرغ إلى الدعوة إلى «جلسة طارئة» لبحث مسألة النفقات. وقال ترمب في مؤتمر صحافي عقده بعد الجلسة: «البارحة كنت مستاء جدا مما يحصل، فقاموا بزيادة التزاماتهم بشكل كبير، والآن نحن سعداء جدا ولدينا حلف أطلسي قوي جدا جدا، أقوى مما كان عليه قبل يومين».
وأضاف ردا على سؤال: «كان بإمكاني استخدام التهديد (بالانسحاب من الحلف)، إلا أن ذلك لم يكن ضروريا (...) أحرزنا تقدما هائلا اليوم مقارنة بالذين سبقوني»، مشيرا إلى أن ألمانيا وافقت على تسريع وتيرة الدفع لتتمكن من زيادة مساهمتها. وتابع ترمب «لم تُعامَل الولايات المتحدة بإنصافٍ، لكننا اليوم نحصل على هذه المعاملة. أؤمن بالحلف الأطلسي (...) والتزام الولايات المتحدة به لا يزال قويا».
إلا أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ردت على ترمب قائلة إن «الألمان يعرفون أن علينا أن نقوم بالمزيد، وهذا ما نقوم به منذ بعض الوقت».
بدوره، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن حلف شمال الأطلسي «يخرج أقوى بكثير» من هذه القمة. وأضاف أن ترمب «يعرف أن الولايات المتحدة طلبت مساعدة حلف شمال الأطلسي في لحظات رئيسية من تاريخها (...). أعتقد أن الأطلسي هو أمر جيد للولايات المتحدة»، التي وصفها بأنها «شريك كبير جدا، وحليف كبير بالنسبة إلينا». وأكد أن «البيان واضح: إنه يؤكد على الالتزام بنسبة 2 في المائة»، مشيرا إلى أن المساهمة الأوروبية في موازنة الحلف «تزيد منذ 2014 - 2015، بينما المساهمة الأميركية تنقص، بما يتوافق مع تقاسم أفضل».
وأكد أن فرنسا تسير في الطريق الصحيح مع «1.81 في المائة هذه السنة». وردا على انتقادات ترمب لألمانيا، قال ماكرون إن فرنسا وألمانيا «مصيرهما مترابط»، وألمانيا «شريك ضروري» لفرنسا. ووعد رئيسا الحكومة الإيطالية والإسبانية جوزيبي كونتي وبيدرو سانشيز بأن يلتزما بما تعهد به سلفاهما، إلا أنهما رفضا أي زيادة في مساهمة البلدين.
وبعد مؤتمر صحافي عقده في بروكسل، اتجه ترمب بعد ظهر أمس إلى لندن. وستكون محطته الأوروبية الأخيرة في هلسنكي للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال خلال المؤتمر الصحافي في بروكسل عن بوتين: «هل هو عدوي؟»، لا إنه ليس عدوي. هل هو صديقي؟ لا، لا أعرفه جيدا. ولكن في المرتين اللتين قابلته فيهما انسجمنا تماما». وأضاف: «لكن في النهاية هو منافس. إنه يمثل روسيا، وأنا أمثّل الولايات المتحدة... وآمل أن يصبح صديقي يوما ما، ولكنني لا أعلم».
وقال ترمب إنه سيناقش مع بوتين الحرب في سوريا والنزاع في أوكرانيا، والاتهامات بالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية 2016. وأضاف: «سأسأل عن التدخل، وهو سؤالكم المفضل». كما سيتناول البحث مشروع أنبوب «نورث ستريم 2» الذي سينقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا، والذي ينتقده دونالد ترمب. وقد طالب خلال قمة الأطلسي بوقفه، ما سمح له بدق إسفين بين الأوروبيين المنقسمين حوله.
إذ تعتبر بولندا أن أوروبا ليست بحاجة إلى «نورث ستريم 2». وقال وزير خارجيتها ياتسك تشابوتوفيتش «هذا نموذج عن دول أوروبية تقدم الأموال لروسيا، وهي أموال يمكن استخدامها ضد أمن بولندا».