صندوق النقد يحذر من تأثير المخاطر العالمية على الاقتصاد المصري

حذر تقرير لصندوق النقد الدولي من تأثير زيادات أسعار الفائدة عالميا على حركة رؤوس الأموال، وتراجعها عن التواجد في الأسواق الناشئة، والانعكاس المحتمل لهذا التوجه على الاقتصاد المصري.
وقال الصندوق في تقرير المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، الذي تدعمه المؤسسة الدولية بقرض قيمته 12 مليار دولار، إن مصر تتمتع باحتياطات من النقد الأجنبي تمكنها من إدارة مخاطر تدفق رؤوس الأموال للخارج.
وقال البنك المركزي المصري، في آخر تقاريره الشهرية، إن احتياطات النقد الأجنبي للبلاد في شهر أبريل (نيسان) الماضي كانت تغطي 8 أشهر ونصف شهر من قيمة الواردات السلعية للبلاد.
لكن البيانات الأخيرة عن رصيد العملاء الأجانب، من استثمارات أذون الخزانة المحلية الصادرة عن الدولة المصرية، تعكس تراجع قيمة هذه الأرصدة، من 380.3 مليار جنيه (21.36 مليار دولار) في مارس (آذار)، إلى 375.5 مليار جنيه في أبريل (نيسان)، وذلك بعد النمو القوي الذي شهدته هذه الاستثمارات في أعقاب تعويم الجنيه في نوفمبر (تشرين الثاني) من 2016، وقت إبرام اتفاق قرض الصندوق.
وتتجه اقتصاديات كبرى، على رأسها الولايات المتحدة، إلى تطبيق زيادات تدريجية في أسعار الفائدة، بعد أن ظهرت عليها بوادر التعافي من أزمة 2008 المالية، حيث استدعت الأزمة الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستويات متدنية، لتيسير نشاط الإقراض وتنشيط الاقتصاد، وساهمت زيادة الفائدة في العالم المتقدم في جذب رؤوس الأموال مرة جديدة لهذه الأسواق، وهجرة بعض منها إلى الأسواق الناشئة. وأشار صندوق النقد إلى أن زيادة أسعار النفط العالمية تُعد من المخاطر المحدقة أيضا بالاقتصاد المصري لما تمثله من ضغوط على الموازنة العامة للبلاد.
واضطرت الحكومة المصرية لتطبيق زيادة جديدة في أسعار الوقود الشهر الماضي، بعد عام تقريبا من آخر رفع في الأسعار، لتزيد أسعار المحروقات بما يتراوح بين 17.5 في المائة، و66.6 في المائة، وذلك لكبح نفقات الدعم في الموازنة. وجاءت زيادة المحروقات بعد قرارات أخيرة برفع أسعار الكهرباء وثمن تذاكر مترو الأنفاق، ما زاد من الضغوط التضخمية على المواطنين.
وتُظهر بيانات تقرير الصندوق الأخير أنه عدل من توقعاته لتكاليف دعم الطاقة في مصر خلال العام المالي الجاري، من 65.6 مليار جنيه (3.68 مليار دولار)، إلى 115.1 مليار جنيه (6.47 مليار دولار).
وأشار الصندوق إلى أن مصر خالفت مستهدفات البرنامج الإصلاحي المتعلقة بالمتأخرات القائمة على الهيئة العامة للبترول في مصر لصالح شركات الاستخراج، وتمت مخالفتها بـ200 مليون دولار، ما يعكس استمرار الصعوبات المالية التي تواجهها الهيئة، والتي تفاقمت بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية، وفقا للصندوق.
ويرجح الصندوق أن يرتفع متوسط معدلات التضخم في مصر إلى 14.4 في المائة، خلال العام المالي الجاري، متأثرة بالزيادات الأخيرة في أسعار الوقود، وألا ينخفض عن نسبة 10 في المائة قبل منتصف 2020.
لكن المؤسسة الدولية اعتبرت أداء الاقتصاد الكلي للبلاد مبشرا، وأشارت إلى التوقعات بتحقيق مصر معدلات للنمو بنحو 5.5 في المائة، خلال العام المالي 2018 – 2019، مدعومة بتعافي النشاط السياحي، وطفرة في إنتاج الغاز الطبيعي، مع بدء عمل حقل ظهر العملاق.
وعززت الأوضاع الأمنية المستقرة في مصر، واستعادة الرحلات المباشرة بين مصر وروسيا، من أداء القطاع السياحي في البلاد، لكن الصندوق يشير في هذا السياق إلى أن أعداد السياح المتدفقين على البلاد لا تزال أقل من معدلاتها قبل 2011.
ويرى الصندوق أن ضغوط عجز الميزان الجاري والديون الحكومية العامة في طريقها للانخفاض، حيث سيتراجع الأول إلى 2.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، خلال العام المالي الجاري، مقابل 6 في المائة في 2016 – 2017، وستصل الثانية إلى 86 في المائة، مقابل 103 في المائة، خلال نفس فترة المقارنة