تحليل: مدرب فرنسا يجيب على أصعب سؤال في المونديال ...والفضل لمبابي

بعد نحو 20 عاما من اليوم الذي انتصرت فيه فرنسا على البرازيل 3-صفر لتفوز بلقبها الأول والوحيد في كأس العالم أصبح المدرب الذي كان قائدا وحد الأمة على بعد 90 دقيقة من وضع يده على الكأس مرة أخرى.

ويأمل ديدييه ديشان بعد الفوز باللقب كلاعب في 1990 في أن يكون الرجل الثالث الذي يحقق الإنجاز كلاعب ومدرب والسير على خطى البرازيلي ماريو زاجالو والألماني فرانتس بيكنباور.

واللاعبون وليس المدربين فقط هم من يفوزون في مباريات كأس العالم لكن في هذه المواجهة في الدور قبل النهائي بدا الانتصار أنه قصة نجاح شخصي لديشان الذي تفوق خططيا على نظيره روبرتو مارتينيز إذ كانت ليلة نفذت فيها فرنسا خطة المدرب بشكل مثالي ليبدو من الغريب أن المدرب المستمر مع الفريق منذ فترة طويلة تم اتهامه دائما بتكوين منتخب بدون هوية حقيقة أو أسلوب لعب.

لكن هذا السرد أصبح من الماضي بعدما قام ديشان بكل شيء صحيح عندما أعد فريقه لمواجهة بلجيكا التي لعبت بطريقة ساعدت فرنسا تماما.

وأنهت بلجيكا المباراة بوجود تقريبا كل المهاجمين الذين يمكن لمارتينيز وضعهم على أرض الملعب لكنها لم تبد قادرة على اختراق حائط القمصان الزرقاء وبعد أداء دفاعي استثنائي والمثال عليه المستوى الرائع لرافائيل فاران ونجولو كانتي الذي لا يعرف الكلل نجحت فرنسا في إحباط بلجيكا.

ورغم أنها المباراة الرابعة التي تحافظ فيها على شباكها نظيفة في ست مواجهات حتى الآن في البطولة – كانت الأرجنتين هي الوحيد التي سجلت ضدها من اللعب المفتوح – فإن لمسة السحر في الهجوم هي ما تجعل هذه المجموعة رائعة ومتكاملة.

ولم يكن كيليان مبابي قد ولد بعد عندما اصطف مليون شخص في الشانزليزيه في 1998 للاحتفال بإنجاز فريق المدرب إيميه جاكيه لكنه أظهر مرة أخرى لماذا هو أكثر اللاعبين الشبان في العالم إثارة للإعجاب عندما تكون الكرة بين قدميه فمبابي ببساطة من الصعب التفوق عليه في الكثير من الأحيان.

وهناك أمر يكاد أن يكون غريبا حول سرعته – يظهر المدافعون كأنهم يسيرون بجانب مبابي عندما يركض – وكانت بلجيكا تتجمد من الذعر عندما تكون الكرة بحوذته وبعد عشر ثواني فقط من البداية انطلق مبابي متخطيا اثنين من المدافعين وأوضحت هذه الانطلاقة في الناحية اليمنى لهجوم فرنسا الإيقاع المقبل.

وكانت هناك لحظة عندما أعاد للأذهان صورة الأسطورة دييجو مارادونا في كأس العالم 1982 عندما كان محاطا بستة مدافعين بلجيكيين والكرة بين قدميه لكن مبابي ليس مارادونا – أو على الأقل ليس في الوقت الحالي – لكن بعمر 19 عاما هو يرهب ويخيف منافسيه.

وعندما وقف مبابي عند حدود منطقة الجزاء جذب إليه أربعة لاعبين تاركا مساحة كبيرة لبنجامين بافار الظهير الأيمن ليركض خلفه ومرر اللاعب الشاب كرة متقنة وفي توقيت مثالي لكن التصدي المذهل من تيبو كورتوا بقدمه اليمنى هو من حرم فرنسا فقط من التقدم في النتيجة.

وبسرعته الاستثنائية يمنح مبابي الفرصة لفرنسا لضرب منافسيها في الهجمات المرتدة وهذا بالضبط مع فعله الفريق فقد ارتضى بالتراجع منذ البداية واللجوء للدفاع بدلا من الضغط من الأمام والتكتل ومحاولة خطف الكرة – استحوذت بلجيكا على الكرة بنسبة 64% - ثم الانطلاق في هجمات مرتدة كالبرق.

وأوضحت واحدة من تلك اللحظات مدى نجاح وتأثير هذا الأسلوب فكانتي خطف الكرة في دفاع فرنسا ومرر إلى بول بوجبا الذي ساعده مروره من على الكرة في التخلص من مطاردة موسى ديمبلي وانطلق مبابي من بين يان فيرتونجن وفينسن كومبابي وكاد أن يلحق بتمريرة بوجبا الأرضية.

وهذا الخيار لم يكن متاحا لفرنسا قبل عامين عندما خسرت أمام البرتغال في نهائي يورو 2016 لكن تطورها منذ ذلك الوقت لم يكن بسبب بزوغ نجم مبابي فقط إذ دخل كانتي وفاران إلى الفريق ومنحاه القوة في الدفاع وأصبح بوجبا يلعب بنضج أكبر.

ولو هناك نقطة ضعف فهي في مركز المهاجم حيث لعب أوليفييه جيرو 497 دقيقة في كأس العالم بدون تسجيل هدف ويمكن أن يجادل ديشان حول أن قراره بإعادة جيرو إلى التشكيلة الأساسية بعد الفوز غير المقنع على أستراليا في أول مباراة للمنتخب في البطولة والذي أدى إلى انتقادات واسعة في فرنسا منحه توازنا أكبر في الهجوم وهو أمر من المرجح أن يكون صحيحا.

لكن في بعض الأحيان كان يجب على مهاجم تشيلسي استغلال واحدة من الفرصتين اللتين صنعهما مبابي – من غيره؟ - له.

ولم يكن صامويل أومتيتي رحيما عندما قابل ركلة ركنية نفذها أنطوان جريزمان بضربة رأس داخل المرمى في بداية الشوط الثاني وهي اللحظة الفاصلة في المباراة التي سارت على النحو الذي أراده ديشان بالضبط.

وسيكون التحدي أمام المدرب هو إنهاء العمل بكتابة اسمه في كتب التاريخ يوم الأحد.