برلين «اعتادت» على انتقادات ترمب

حتى قبل أن يبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجومه على ألمانيا من بروكسل، كانت برلين تستعد لانتقادات لاذعة اعتادت على تلقيها منه. فمنذ أيام والصحافة الألمانية تضج بتحليلات حول قمة الناتو المرتقبة وتوتر العلاقات الأميركية - الألمانية مؤخرا في ظل إدارة ترمب، وكيفية مواجهة «هذا الرئيس الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته».
ولذلك ربما، لم يكن مستغربا مستوى الهدوء الذي تلقت به برلين الصفعة الأولى من الرئيس الأميركي التي وجهها لها حتى قبل بدء أعمال الحلف الأطلسي. فجاء الرد الأول على اتهام ترمب لألمانيا بأنها «تخضع لروسيا» بسبب اعتمادها على الغاز الروسي من وزيرة الدفاع أورسلا فون دير لاين، التي قالت إن بلادها «باتت شبه معتادة» على انتقادات ترمب، وإن بإمكانها «التعامل معها». وذهبت إلى أبعد من ذلك بالقول إن انتقادات ترمب مبررة نوعا ما. وذهبت تشرح الخطوات التي اعتمدتها ألمانيا لزيادة مساهماتها في الناتو، والتي بحسب الاتفاق بين الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي، يجب أن تصل إلى 2٪ من الإنفاق الدفاعي لكل دولة.
وتساهم ألمانيا في الوقت الحالي بـ2.1 ٪ فقط من إنفاقها الدفاعي، ولكنها مع ذلك ثاني أكبر مساهم في الناتو لجهة أعداد الجنود في مهمات حلف الأطلسي. وفي العام 2014، قررت ألمانيا زيادة مساهمتها للناتو لتصل إلى 2٪ بحلول العام 2030، ولكن ترمب قال إن التاريخ بعيد جدا، وإن بإمكان ألمانيا أن تزيد حجم مساهمتها «فورا».
وانضم أيضا لفون دير لاين برد معتدل على ترمب، رئيس البرلمان فولفغانغ شوبل الذي قال إنه «يتفهم» موقف ترمب. وقال إن «الرئيس الأميركي لديه طريقة مختلفة في التعبير هي غريبة كليا بالنسبة إلي، ولا تعجبني. ولكن فيما يتعلق بالمساهمات الدفاعية وتوزيعها بين أعضاء الناتو، فهو ليس مخطئا تماما». وأضاف: «أنا لست من المعجبين بترمب، لكن أتفهم موقفه. وعلى ألمانيا أن تتعامل مع ترمب بمزيج من الاحترام والثقة بالنفس».
وانضمت لاحقا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى وزيرة دفاعها ورئيس البرلمان لترد على ترمب، وإن كان بلهجة أقل تصالحا منهما. وقالت، وهي تذكر بنشأتها في ألمانيا الشرقية قبل الوحدة الألمانية: «أنا نفسي عشت في ألمانيا عندما كانت تحت حكم السوفيات. وأنا سعيدة جدا اليوم بأننا موحدون في الحرية… وأنه يمكننا القول أيضا بأننا نعتمد سياسات مستقلة ونتخذ قرارات مستقلة». وبعد القمة التي جمعت ترمب بميركل في بروكسل أمس، صدر بيان عن الرئيس الأميركي وصفته الصحافة الألمانية بأنه «تحول» لدى ترمب، الذي وصف فيه علاقته بميركل بأنها «جيدة جدا». ووصف الرئيس الأميركي لاحقا لقاءه بميركل بأنه كان «رائعا»، وأضاف أنهما تحدثا عن الانفاق الدفاعي والتجارة، مضيفا أن واشنطن وبرلين «حليفان جيدان».
وفاقم من التوتر مؤخرا بين الطرفين، إعلان ترمب فرض رسوم جمركية على استيراد الحديد والألومنيوم من ألمانيا وتهديده بفرض رسوم أيضا على استيراد السيارات الألمانية، ما استدعى تحذيرات من اقتصاديين بقرب اندلاع حرب تجارية كبرى.