ألمانيا تعلن إحباط عملية إرهابية باستخدام «سلاح بيولوجي»

أعلنت السلطات الألمانية رسمياً، أمس، إحباط هجوم بسلاح بيولوجي كان يخطط موقوف تونسي لتنفيذه، وسط معلومات عن دور لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في كشف المؤامرة الإرهابية وإبلاغ الألمان بها.
وقال هولغر مونش، رئيس شرطة الجنايات الألمانية الاتحادية، إن التونسي المعتقل بتهمة الإرهاب منذ أسبوع، اتخذ «استعدادات ملموسة لهجوم بسلاح بيولوجي، ويمكننا القول بقنبلة بيولوجية». وقال مونش لـ«راديو برلين وبراندنبورغ» أمس الأربعاء، إن الجديد في قضية الشاب التونسي، الذي ألقي القبض عليه في مدينة كولون (غرب) قبل أسبوع، إثر الاشتباه بتخطيطه لهجوم، تلقى التعليمات حول كيفية صناعة السلاح البيولوجي من تنظيم إسلامي متشدد على الإنترنت.
وأضاف مونش: «من الواضح أيضاً أن المتهم كرّس نفسه لذلك الفعل». وقال: «هذا الهجوم، إن حدث، كان سيمثل أمراً غير مسبوق في ألمانيا». وأكد أن رجال التحقيق صادروا من مسكن التونسي المتهم أدوات تستخدم في صناعة القنابل.
ونفى رئيس شرطة الجنايات علمه بموعد محدد أو بمكان تنفيذ الضربة التي خطط لها الشاب بـ«القنبلة البيولوجية» المزعومة. ولفت إلى عدم وجود مؤشرات إلى وجود شركاء للمتهم في التحضيرات، ورجّح أنه كان ينشط بمفرده بوحي من التنظيمات الإرهابية.
وفي إشارة غير مباشرة إلى تقارير صحافية ذكرت أن السلطات الألمانية تلقت تحذيراً من وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) حول شراء الشاب بذور الخروع المستخدمة في إنتاج سم الريسين، على الإنترنت، اكتفى مونش بالإشادة بتعاون الأجهزة الأمنية الوطنية و«الصديقة» في إحباط عملية إرهابية وشيكة.
وعبّر رئيس الشرطة عن بالغ القلق بسب ارتفاع عدد المتشددين المصنفين في قائمة «الخطرين» إلى 770 شخصاً في ألمانيا. وقال إن احتمال تنفيذ عملية إرهابية كبيرة من قبل «داعش»، كما حصل في باريس وبروكسل، ليس مستبعداً تماماً، رغم الضعف الذي أصاب التنظيم الإرهابي بعد الهزائم التي مني بها في سوريا والعراق.
جدير بالذكر أن دائرة حماية الدستور الاتحادية (مديرية الأمن العامة) تصنّف المتشددين المستعدين لتنفيذ العمليات الإرهابية في ألمانيا، أو المساهمة فيها، في قائمة «الخطرين».
وفي رده على سؤال حول ضرورات مزيد من التشدد والقيود على بيع المواد الكيماوية والبيولوجية على الإنترنت، قال مونش لـ«راديو برلين وبراندنبورغ» إن وزارة الداخلية تدرس هذا الأمر حالياً. وكانت الوحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب، تدعمها وحدات مكافحة الحرب النووية والبيولوجية والكيماوية، ووحدات المطافئ والإسعاف، اعتقلت التونسي «سيف الدين هـ.» (29 سنة) مساء يوم الثلاثاء قبل الماضي في حي كورفايلر في مدينة كولون. واعتقلت الشرطة زوجته أيضاً، ووضعت أربعة أطفال لهما تحت رعاية دائرة الشباب؛ لكنها أطلقت سراح الزوجة في مساء اليوم نفسه. وهي سيدة ألمانية لها سبعة أطفال من عدة زيجات، واعتنقت الإسلام في السنوات الأخيرة.
ووجهت النيابة العامة إلى «سيف الدين هـ.» تهمة خرق قوانين حيازة السلاح لعدم وجود أدلة ملموسة على تحضيرات لتنفيذ عملية إرهابية. وواصلت النيابة العامة حملة تفتيش البناية العالية التي يسكنها التونسي في شارع أوسلو في اليوم الثاني، بعد أن اتضح أنه كان يحمل مفتاحاً «عاماً» يفتح أبواب نحو 10 شقق أخرى في البناية.
وتتكتم النيابة العامة على كمية المواد السامة التي تمت مصادرتها في شقة «سيف الدين هـ.»، إلا أن مصادر في النيابة العامة أقرت لاحقاً بأنه صنع من بذور الخروع ما يكفي لإنتاج قنابل بيولوجية في عشرات العلب.
وبعد أن تحدثت تقارير صحافية كثيرة عن 1000 حبة خروع اشتراها المتهم التونسي على الإنترنت، ذكر مصدر في النيابة العامة لصحيفة «إكسبريس» الواسعة الانتشار، أن الشرطة صادرت أكثر من 2000 بذرة من منزله. ويعود الفرق في تقدير عدد البذور إلى أن الشرطة الألمانية كانت على علم بمصدر واحد على الإنترنت اشترى منه «سيف الدين هـ.» البذور، واتضح لاحقاً أنه طلب أكثر من 1000 بذرة أخرى على صفحات إنترنت أخرى. وتكفي هذه الكمية، بحسب تقدير الخبراء، لقتل كثير من الناس عند تفجيرها في أماكن مغلقة، مثل محطات المترو والملاعب المغلقة وغيرها. ومعروف أن مسحوق الريسين من أخطر أنواع السموم، ويكفي مليغرام واحد منه لقتل إنسان بالغ. وأشارت محطة تلفزيون «آر تي إل»، بناء على معلومات استقتها من النيابة العامة الاتحادية، إلى أن «سيف أ.» كان ينوي الالتحاق بـ«داعش» في سوريا والعراق، إلا أنه غيّر رأيه بعد الهزائم التي لحقت بالتنظيم الإرهابي في هذين البلدين، وقرر البقاء في ألمانيا لتنفيذ نشاطاته الإرهابية.
وذكر مصدر في النيابة العامة أن المتهم التونسي كان يخضع لرقابة دائرة حماية الدستور (مديرية الأمن العامة) منذ فترة بواسطة فريق رقابة «متحرك». وأضاف أن «سيف الدين هـ.» من المتعاطفين مع «داعش»، وأنه كان يخضع في بلاده (تونس) إلى الرقابة أيضاً بسبب تطرفه.