مونديال 2018... بداية متعثرة للمنتخبات العملاقة

تعثرت المنتخبات العملاقة في عالم كرة القدم، والتي كانت تستعرض مواهبها عادة في كأس العالم، عندما واجهت منافسين أكثر اجتهادا وأقل مكانة في نسخة روسيا هذا العام.
وأخفقت منتخبات البرازيل وألمانيا والأرجنتين، والتي فازت بكأس العالم 11 مرة فيما بينها، في تحقيق الفوز في أولى مبارياتها في البطولة، الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات بشأن ما إذا كان ما جرى مجرد كبوة عابرة أم مؤشر على تغيير كبير في توازن القوى على صعيد الكرة العالمية.
وبدا هذا نمطا متبعا في بطولة هذا العام مع إخفاق إسبانيا بطلة نسخة 2010 في الفوز على البرتغال، بخلاف معاناة فرنسا لتخطي أستراليا التي يفترض أنها تشارك بواحدة من أضعف التشكيلات خلال السنوات الأخيرة.
ورغم أن ألمانيا سبق لها أن خسرت أمام المكسيك من قبل، لكن هزيمتها 1 - صفر هذه المرة كانت لافتة من الناحية الإحصائية.
وانضمت ألمانيا بطلة العالم تحت قيادة مدربها يواخيم لوف للفرق حاملة اللقب التي خسرت في المباراة الافتتاحية لكأس العالم في النسخة التالية وهي إسبانيا (2014) وفرنسا (2002) والأرجنتين (1982 و1990) وإيطاليا (1950).
وأصبحت هذه هي الهزيمة الأولى التي تلحق بألمانيا في مباراتها الافتتاحية منذ 1982.
كما أنها المرة الأولى التي تفشل فيها منتخبات ألمانيا والبرازيل والأرجنتين في تحقيق الفوز في مبارياتها الافتتاحية بالبطولة.
ولا يبدو الجميع مقتنعا بأن بطولة هيمن على لقبها ثمانية منتخبات فقط طوال تاريخها الممتد عبر 88 عاما يمكن أن تشهد انقلابا مفاجئا في الأوضاع بهذا الشكل.
ويعد جوزيه مورينيو مدرب مانشستر يونايتد من أنصار القول بأن ما حدث مجرد كبوة.
وأفاد المدرب البرتغالي: «سيتأهلون جميعا للدور التالي وستمضي أفضل هذه المنتخبات قدما في أدوار خروج المغلوب».
ولإنجاز هذه المهمة، فعلى تلك المنتخبات إعادة التأكيد على نقاط قوتها أمام المنافسين الأقل شأنا من الناحية النظرية، وهي منتخبات يبدو أن جميعها يعتمد على خطة تهدف لإحباط المنافسين الأكثر موهبة.
فالأرجنتين، التي تعادلت 1 - 1 أمام أيسلندا، والبرازيل، التي تعادلت بالنتيجة نفسها أمام سويسرا، واجهتا فريقين يميلان للتضحية بالنزعة الهجومية من أجل تنظيم دفاعي متماسك ومستويات كبيرة من المثابرة.
لكن المكسيك تقدمت خطوة إضافية حيث نجحت في تشييد حائط دفاعي مع الانطلاق نحو تنفيذ هجمات مرتدة سريعة وهو ما ترك دفاع ألمانيا الذي يضم لاعبين كبار السن في حالة من التداعي.
لكن وضع الحواجز والمتاريس الدفاعية ليست فكرة مستحدثة للدول الصغيرة التي تحاول تحقيق مفاجآت.
مكانة كبيرة
وأظهر نجاح كوستاريكا في بلوغ دور الثمانية في نسخة البرازيل 2014 أن قدرتها على التفوق على منافسين أكبر مكانة يمكن أن يؤتي ثماره بشكل جيد.
كما أن نجاح أيسلندا في بلوغ الدور ذاته في بطولة أوروبا 2016، هو نموذج آخر للكيفية التي يمكن أن يتحول بها الحذر إلى أحد الأساليب التي يعول عليها لتحقيق إنجازات كبيرة.
وبدت جهود ألمانيا تحديدا في اختراق دفاعات المكسيك من دون طائل.
فكلما زادت ألمانيا من عدد مهاجميها، زادت احتمالات تعرضها للخطر بسبب الهجمات المرتدة السريعة.
كما أن لاعبي المنتخب الألماني أنفسهم يرون أنهم سقطوا في هذا الفخ الذي نصب لهم بدقة، إذ قال قلب الدفاع ماتس هوملز إن فشل منتخب بلاده في اختراق دفاع المكسيك شكل محورا لنقاشات «داخلية».
وتزداد مهمة اختراق الدفاعات الحصينة صعوبة بالطبع في ظل غياب تأثير النجم الأبرز في الفريق.
ويتوقع منتخبا الأرجنتين والبرازيل المزيد من مواهبهم المميزة.
وبدا الساحر ليونيل ميسي، الذي لم يحرز لقب أي بطولة كبرى مع منتخب بلاده حتى الآن، كما لو أنه يحمل هموم العالم على كتفيه ليهدر ركلة جزاء لفريقه أمام أيسلندا.
ولم يكن النجم البرازيلي نيمار أفضل حالا، حيث عاد أغلى لاعب في العالم لخوض مباريات رسمية عقب فترة إصابة طويلة ليلعب أمام سويسرا.
وأمضى مهاجم باريس سان جيرمان معظم أوقات المباراة وهو يتدحرج على الأرض، ويتفحص قدمه المصابة مع ارتكاب لاعبي سويسرا 19 خطأ إجمالا منها 10 أخطاء ضد نيمار.
ومع تراجع مستويات لاعبين من أمثال نيمار وميسي، تراجعت المخاوف من مواجهة منتخبي الأرجنتين والبرازيل لدى الكثيرين إلى حد ما.
ومع تواصل مباريات البطولة، فسيتضح إن كانت هذه المنتخبات الكبيرة ستواصل تراجعها أم ستعود لتثأر لنفسها من جديد.