خوان كوادرادو... نجم تألق من رحم المعاناة

خوان كوادرادو لاعب وسط كولومبيا ونجم يوفنتوس بطل الدوري الإيطالي تألق من رحم المعاناة، ولم يصل إلى ما هو عليه الآن بسهولة، إذ قتل والده وهو في الرابعة، لكن طموحه ومساندة عائلته دفعته للنجاح بعد طفولة قاسية.
ويملك كوادرادو دافعين لتحقيق النجاح في مسيرته، أولهما ذكرى والده الذي قُتل عندما كان عمره أربع سنوات، في نيكولاي، القرية التي ولد فيها في 26 مايو (آيار) 1988. والثانية حماية ورعاية والدته مارسيلا ، وجعلها "ملكة" نظرا لأنها اضطرت لتقديم الكثير من التضحيات حتى يتمكن ابنها من شق طريقه في العبة، والابتعاد عن دائرة العنف التي سيطرت على طفولته.
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في سلسلة من مقالاتها عن منتخبات كأس العالم 2018 في روسيا، إن الحياة لم تكن سهلة في نيكولاي التي تتبع منطقة ميدلين، والتي تأثرت كثيرا بسبب النزاع المسلح الذي عانت منه كولومبيا لأكثر من 60 عاماً.
وقال خوسيه أورلاند أسينسيو الصحافي في "إل تيمبو"، إن "كوادرادو تعلم من والديه أن ينزل تحت السرير على الفور إذا سمع طلقات الرصاص، وكان في واحدة من تلك المناسبات عندما علم أن والده قد قُتل".
ورغم ندرة الذكريات التي لا يزال نجم يوفنتوس يدركها عن والده الراحل، إلا أنه يحرص في كل مرة يسجل فيها هدفاً، على تكريم ذكرى والده برفع ذراعيه للسماء.
نقطة تحول
وغيرت وفاة غييرمو نهج عائلة كوادرادو تماماً بفضل والدته مارسيلا، بينما كان كوادرادو في رعاية أعمامه في نيكوتشلي حيث عملت والدته في تعبئة وتغليف الموز وإعداده للتصدير، وفي نفس الوقت كانت تذهب به للمدرسة لكنه كان ينام في الفصل ولم يكن سعيداً، وعندما سألته جدته عن سبب عدم سعادته، رد قائلاً: "أمي لا تحبني ولم تدعني ألعب كرة القدم". رغم أنه قضى بعض الوقت مع جدته مارسيلا غيريرو ، إلا أنها أحبطت دورها، وقالت: "كنت أرسله إلى المدرسة، لكنه اعتاد أن يأتي إلى البيت بملابسه متسخة بعد أن يمضي اليوم في لعب كرة القدم. لقد عاقبته وضربته بسبب الفوضى التي كان فيها".
بداية الطريق
وبزغت قدرات كوادرادو بالفعل في سن مبكرة، حيث كان يركض ويركل كل ما يقابله بما في ذلك الكرات والحجارة، وأدركت حينها والدته أن كرة القدم ستكون مستقبله. حيث ألحقته بمدرسة لكرة القدم في نيكولاي، لكن بشرط عدم الابتعاد عن الدراسة.
وكادت مسيرته أن تنتهي قبل أن تبدأ، حيث كان طفلاً نشيطًا للغاية، وفي أحد الأيام ، كان يلعب في الشارع وتعرض لإصابة في وتر العرقوب، وعاقبته والدته وحرمته من حذاء كرة القدم لمدة شهر.
لكن موهبته أصبحت أكثر وضوحاً، لدرجة أن شهرته بدأت في الانتشار. وتابعه نادي ديبورتيفو كالي وانضم له بفضل المدرب نيلسون غاليغو الذي اكتشفه وقال عنه: "عاش خوان معي لعدة سنوات وقمت بتعليمه كيف يكون مستقلاً ويدير شؤونه بنفسه كيف يطبخ ويدرس وكل شيء من هذا القبيل".
كان عمره 12 سنة فقط عندما ذهب إلى كالي. إذ اعتاد على رؤية والدته كل ثمانية أيام وأصبح طريقه صعبا لكنه لم يدم طويلا هناك بعد رفضه بسبب قصر قامته، حيث كان طوله حينها أربعة أقدام وأربع بوصات، كما رفضته أندية أخرى لنفس السبب، قبل أن ينضم إلى ميدلين، والمدرب غاليغو سانتياغو إسكوبار، شقيق أندريس إسكوبار الذي قُتل بعد كأس العالم 1994.
وقال إسكوبار عنه: "لم يتحدث كثيراً ، لكن على أرض الملعب استغل الفرصة. كنت أعلم أنه موهوب ويمكن أن ينتقل إلى أي ناد كبير في العالم".
مشواره الدولي
خاض أولى مبارياته كظهير، لكن أحياناً لعب مع ميدلين في خط الهجوم قبل أن يستقطبه أودينيزي الإيطالي الذي انضم له عام 2009. وكان أول شيء فعله هو طلب وجود والدته معه للاهتمام بها، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن حينما يذهب تكون والدته معها سواء في أوديني وليتشي وفلورنسا ولندن والآن تورينو.
وخاض مباراته الدولية الأولى في سبتمبر (أيلول) 2010، تحت قيادة هرنان داريو غوميز، حيث بدأ وسجل أمام فنزويلا. ولكن كان خوسيه بيكرمان الذي منحه فرصة مناسبة، لينقله خلف خوان كاميلو زونيغا كلاعب خط وسط.
لكن بعد ذلك استعان به أكثر ليصبح أساسياً في تشكيلة كولومبيا في نهائيات كأس العالم في روسيا، وكلما سنحت له الفرصة رفع ذراعيه للسماء ليحيي ذكرى والده ويشكر والدته التي لا زالت معه بروحها وجسدها.