ساوثغيت... إنسان يرفض دائماً فكرة الفشل

مساء الاثنين قبل الماضي، تحرك كل من سيمون أوسبورن وبوبي باوري باتجاه المكان المخصص لانتظار السيارات بعد أن خاضا ساعتين ونصف الساعة من التدريب الشاق برفقة 70 طفلاً، ذلك أنهما يضطلعان بمهمة تدريب ست فئات عمرية مختلفة داخل أكاديمية فولينتي التي تحقق نجاحاً لافتاً في الوقت الحاضر.
لطالما رأى باوري زميل غاريث ساوثغيت السابق في فريق كريستال بالاس في مدرب المنتخب الإنجليزي الحالي أمراً مميزاً، ذلك أنه يتمتع بقدر واضح من الإصرار يميزه عمن سواه. وعليه، فإن إمكانية اضطلاع قائد «كريستال بالاس» السابق بقيادة المنتخب الوطني خلال مواجهات بطولة كأس العالم لا تبدو بالأمر الذي يثير الدهشة. وأعرب أوسبورن، الذي خلف المدرب الحالي للمنتخب الإنجليزي كقائد لفريق الناشئين داخل «كريستال بالاس» في أواخر ثمانينات القرن الماضي، عن وجهة النظر ذاتها.
وقال: «نعلم جميعاً أنه شخص لطيف المعشر، لكن يبدو أن الناس يفهمون هذا الوصف على أنه شخص ضعيف، لكن هذا محض هراء. على العكس، إنه لا يهاب قط اتخاذ قرارات صعبة، مثل عدم ضم لاعبين مثل جاك ويلشير أو جو هارت، أو شن هجوم مباشر ضد موقف واين روني في وقت لم يكن قد رسخ وجوده داخل ناديه الجديد. لقد وجدنا بداخله صلابة واضحة... في الواقع، لقد اضطر إلى القتال كثيراً ليصل لما وصله إليه اليوم».
في الواقع، كثيراً ما يجري النظر إلى مسألة صعود نجم ساوثغيت حتى مستوى توليه الإشراف على المنتخب الإنجليزي خلال بطولة كأس العالم التي تستضيفها روسيا في إطار تعافيه الشخصي من محنة إهداره ركلة جزاء في بطولة «يورو 1996»، أو حتى إعادة اكتشافه لنفسه داخل منظومة التعامل مع الناشئين داخل اتحاد كرة القدم في أعقاب تجربته بمجال التدريب في إطار بطولة الدوري الممتاز، وذلك مع «ميدلزبره».
وفي الأيام الأولى من مسيرته، واجه ساوثغيت خطر النبذ والرفض، بجانب تعرضه لتحذيرات قاسية من مدرب منتخب الناشئين من أنه إذا لم يحاول اللاعب المراهق التأقلم على نحو أكبر مع متطلبات كرة القدم، بدنياً وذهنياً، فإن حلم احتراف كرة القدم سيبقى بعيد المنال. في هذا الصدد، قال أوسبورن إن: «السبب وراء إبقائهم عليه كان لأنه شديد التفاني والمهنية ودائماً يفكر». ويضيف أوسبورن: «كان فتى متأنقاً - ليس على نحو متكلف، وإنما كان مثقفاً وبالنسبة لنا نحن الذين نشأنا في حي كرويدون، فإنه بدا متحدثاً لبقاً... وكان دائماً فكره منصباً على تطوير نفسه، وإن كنت أعتقد أن هذا الأمر نقمة كذلك لأنه كان يدفعه للمبالغة في تحليل أدائه في أعقاب المباريات. وكان يقسو على نفسه بشدة إذا ما ارتكب خطأً، لكن هذا أيضاً ما دفعه للأمام».
وأضاف: «في فريق «(ميتشام)، كان يتعين على الناشئ السعي وراء الفوز باحترام أسماء كبيرة مثل آندري غراي وجيوف توماس ومارك برايت وإيان رايت. وكان يجب على اللاعب الناشئ ألا يترك لنفسه العنان في الشعور بالرهبة أمام اللاعبين الكبار لأن هذا كان يعني أنهم قد يلتهموه حياً! لقد كنا نلعب هناك ونحن مجرد صبية أمام رجال كبار. لذا، كبرنا سريعاً. حتى داخل الفريق الاحتياطي، كنا نقف أحياناً في مواجهة لاعبين محترفين ومخضرمين. وعليه، كان يتحتم علينا أن ننضج سريعاً. بالنسبة لغاريث، فقد شارك في عدد كبير للغاية من المباريات مع الفريق الاحتياطي قبل أن يقف إلى جوار جون بمبرتون وجون همفري في الفريق الأول».
من ناحية أخرى، أشار باوري إلى أنه: «كانت هناك روح صداقة لطيفة بين اللاعبين الصغار الذين وجدوا أنفسهم جميعاً في الموقف ذاته. بالنسبة لي، سنحت أمامي فرصة الانتقال إلى (آرسنال) مقابل مبلغ أكبر وكان العقد في انتظار توقيعي، لكن تولدت داخلي قناعة أثناء أحد أيام التدريب في (كريستال بالاس) وبفضل الترحيب الذي نلته من صبية آخرين مثل غاريث، اكتشفت أن شيئا ما يربطني بهؤلاء الأشخاص».
اللافت في غاريث أنه كان يحدد التوجه السائد داخل الفريق وكان لديه إيمان قبل الموسم أنه قادر، ذهنياً، على التفوق على أسرع لاعبي الفريق. وكان بالفعل يحاول الدخول معهم في منافسات. وربما كان ليفعل الأمر ذاته في مواجهة العداء محمد فرح اليوم. لقد كان يعي جيداً ما يريده ولا يسمح لأي شيء بالوقوف عقبة في طريقه».
بمرور الوقت، انتقل سبعة من فريق الناشئين للمشاركة مع الفريق الأول ببطولة الدوري. وكانت أول مشاركة بالدوري الممتاز لأوسبورن وساوثغيت في عمر الـ19 والـ20 على الترتيب، وذلك خلال المباراة ذاتها والتي جرت على أرض استاد آنفيلد وانتهت بالهزيمة بنتيجة 3 - 0 في أبريل (نيسان) 1991. وفي ذلك العام، أنجز «كريستال بالاس» الموسم في المركز الثالث بين الأندية المشاركة بدوري الدرجة الأولى.
خلال مسيرته الكروية، انتقل باوري من «كريستال بالاس» إلى «ميلوول» إلى «كولشستر». كما تولى رئاسة قسم إدارة شؤون اللاعبين داخل أكاديمية فولنتي. وبمرور الوقت، نجحت جلسات التدريب التي تعقد في «أكاديمية هاريس» في كرويدون في ترسيخ مكانة «أكاديمية فولنتي» باعتبارها مركزاً للشباب الصغار الطامحين لاحتراف كرة القدم. كانت «أكاديمية فولنتي» قد دخلت في شراكة مع مؤسسة «بالاس فور لايف» من أجل تنفيذ برنامج رياضي وتثقيفي للشباب فوق 16 عاماً. وعن هذا البرنامج، أوضح باوري أنه: «نتولى تنمية مهارات اللاعبين».
وأضاف: «يتمثل هدفنا في أن نصبح جزءاً من المجتمع ولدينا صبية مشتركون ينتمون لمناطق كامبرويل وبيكام ونيو كروس وروسليب، بجانب آخرين من شمال لندن يحرصون على حضور البرنامج التثقيفي. أيضاً، يفد إلى هنا صبية من ويمبلدون وفولهام وبالاس وتشارلتون. الجميع ينظرون إلينا كفريق. في الواقع، لسنا كذلك، لكن عندما تلعب في مواجهة فرق تتبع أكاديميات، يظن الناس أننا نادٍ رياضي حقيقي، الأمر الذي يعد بمثابة مؤشر على أننا نضطلع بعملنا على النحو الصائب».