مختصون يحذرون من الوقوع في شرك «الشراء» من أجل «المسابقات»

حذر مختصون في السعودية من الاندفاع نحو الشراء الاستهلاكي من الأسواق والمحال لدخول المسابقات والسحوبات والعروض الربحية التي تتزايد في البلاد بمناسبة رمضان المبارك، مرجعين ذلك إلى عامل وقوع الضرر على المستهلك وإيقاعه في الغرر.
يأتي ذلك وسط تحذيرات أطلقتها وزارة التجارة والصناعة للشركات والمؤسسات والمصانع هذا الأسبوع، تشدد فيها على تجنّب إلزام المستهلكين الشراء شرطا للمشاركة في المسابقات والعروض والسحوبات التي تنظمها، مشيرة إلى أن دفع أي مبلغ أو اشتراط الشراء مقابل المشاركة في المسابقات يعد من أنشطة اليانصيب المحظورة في السعودية.
وعدّ المختصون أن التوجه يمثل خطوة مهمة لتعزيز تنظيم سوق التجزئة وتحريرها من كل أشكال عوامل الضرر على المستهلكين، مشيرين في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى جوانب تختص بضرورة فصل الترويج للسلع عن إيقاع المستهلك في أي شكل من أشكال الغرر.
وكانت الوزارة شددت على ضرورة حصول المنشآت التجارية على ترخيص إقامة مسابقة عبر القنوات الرسمية، موضحة أنها ضبطت أربع شركات تجارية لقيامها بنشر إعلانات عن إقامة مسابقات واشتراط الشراء مقابل المشاركة فيها، حيث طبقت الأنظمة بحق المنشآت المخالفة، كما أوقفت نشر الإعلانات، واستدعت المسؤولين عنها لاستكمال الإجراءات النظامية بحقهم.
وسبق لـ«التجارة والصناعة» أن نفذت أحكاما تضمنت غرامات مالية ونشر منطوق الحكم في الصحف المحلية، على عدد من الشركات والمؤسسات لاشتراطها الشراء للدخول في المسابقات، ما يعد مخالفة واضحة وصريحة للأنظمة المعمول بها في السعودية، التي تحظر أشكال مسابقات «اليانصيب» كافة، مؤكدة أن على المنشآت الراغبة في إجراء المسابقات التقدم للغرف التجارية تبعا للمقر الرئيس للمُنشأة، وذلك بطلب إجراء المُسابقة قبل الموعد المُحدّد لبدئها بـ30 يوما على الأقل.
وأوجب النظام خلو المسابقة من أي عامل يخل بمبادئ الشريعة والأعراف المرعية في السعودية، وأن يشتمل طلب الترخيص لها على بيان برنامجها وطريقة الاشتراك فيها بشكل واضح، علاوة على إعلان الجوائز المقدمة للمسابقة مع ما يثبت ملكيتها، وعدد قسائم المسابقة مع تقديم نموذج منها، إضافة إلى ذكر رقم ترخيص الوزارة في أي إعلان عن المسابقة.
وبحسب بنود النظام، فإنه تُشكّل لجنة فرز لنتائج المسابقات المرخصة برئاسة مندوب عن الوزارة أو الغرفة التجارية الصناعية، حيث تقوم اللجنة بإعداد محضر بنتائج المسابقة، وأسماء الفائزين، وعناوينهم، والجوائز التي حصلوا عليها، على أن تعلن نتائج المسابقة لمرة واحدة على الأقل في الوسيلة الإعلانية التي أعلن عن المسابقة فيها.
وكررت الوزارة دعوتها عموم المستهلكين إلى الإبلاغ عن الجهات المخالفة لشروط إجراء المسابقات، في وقت أكد فيه لـ«الشرق الأوسط» عبد الله القصبي، وهو شريك شركة رواج للاستشارات المختصة بالتسويق، أن هذه التحذيرات تأتي في خضم تنظيمات كثيرة شرعت «التجارة والصناعة» في تفعيلها ولعب دور المدافع عن المستهلك والحامي لحقوقه فيها دون تعدٍّ على حقوق التجار والمنشآت.
وقال: «أعتقد أن تشديدات الوزارة وفرضها العقوبات يأتي ضمن مهمة تنظيم هذه السوق، كما رأينا تنظيم أسواق كثيرة، منها: المساهمات العقارية، وضبط الغش التجاري، وإعلان المخالفات القانونية على المنشآت، وقياس رضا المستهلكين عن وكلاء السيارات... وغيرها، وجميعها تمثل منظومة كبيرة من التطويرات التي تقوم عليها وزارة التجارة والصناعة».
وبيّن القصبي أن التحذير من الشراء بوصفه شرطا لدخول المسابقات والعروض وغيرها، يمثل مرحلة من مراحل العمل التي يجري تنظيم سوق التجزئة فيها من قبل «التجارة والصناعة»، إذ تحتاج هذه السوق إلى كثير من الضبط، مشيرا إلى أن التحذيرات تنطوي على هدف التوعية واستباق مرحلة الإدانة والمخالفة والعقوبات، وتؤكد جدية المسار الصحيح لما فيه صالح المستهلك، إذ هو المستفيد الأول.
وأمام مشهد تحذيرات الوزارة، لفت الدكتور إبراهيم الزمامي، أكاديمي مختص في الشريعة، إلى أن توجه الوزارة ينطبق على المبدأ الشرعي في تحريم المعاملة الدائرة حول قاعدة «الغنم والغرم» التي تنطبق في هذا الإطار، على أن الشراء للاشتراك يقع باحتمال حظ الفوز أو الخسارة، وهو ما يدخل في القمار المحرم شرعا.
وأفاد بالقول: «لا شك في أن المعاملة دخلت دائرة الغنم والغرم، فإما أن يكسب المشترك في هذه المسابقة فيأخذ جائزة الشركة، أو أن يخسر قيمة الاشتراك فيقع في (القمار)»، مؤكدا أن النية المعقودة حجر زاوية للراغبين في الشراء، موضحا أن المستهلك الذي لا يحتاج إلى السلعة واشتراها بغرض الاشتراك في المسابقة، فقد دخل في المحرم شرعا، فيما من اشتراها بغرض الحاجة إلى السلع ويدخل المسابقة فلا بأس لانتفاء الممنوع.