كرواتيا تسعى لاستعادة أمجاد جيل مونديال 1998

منذ وصول منتخب كرواتيا المليء بالمواهب إلى الدور قبل النهائي في كأس العالم لكرة القدم 1998 في ثاني ظهور له في بطولة كبيرة كدولة مستقلة، واجهت الأجيال التالية ضغطاً كبيراً من الجماهير ووسائل الإعلام من أجل السير على خطى الجيل الذهبي. لكن كرواتيا ودعت جميع البطولات الكبيرة من دور المجموعات باستثناء بطولة أوروبا 2008، عندما بلغت دور الثمانية، وبطولة أوروبا 2016. وبعد الفوز بجميع مبارياتها الثلاث في دور المجموعات ومن بينها الفوز المثير 2 - 1 على إسبانيا، خرجت كرواتيا من دور الستة عشر بعد الهزيمة 1 - صفر بعد وقت إضافي أمام البرتغال التي نالت اللقب بعد ذلك.
وأبقت كرواتيا على أغلب تشكيلة بطولة أوروبا 2016 التي تضم المخضرم لوكا مودريتش ولاعب الوسط إيفان راكيتيتش والمهاجم طويل القامة ماريو مانزوكيتش لتتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2018 بعد تصفيات متواضعة. وبعد إقالة المدرب انتي تشاتشيتش في الجزء الأخير من التصفيات ليتولى زلاتكو داليتش المسؤولية بعد تراجعها من صدارة المجموعة إلى المركز الثالث، أنهت كرواتيا التصفيات في المركز الثاني خلف آيسلندا لتخوض ملحق الصعود، وضمنت مكانها في النهائيات بعد فوزها 4 - 1 على اليونان في مجموع مباراتي الذهاب والإياب بعدما أجرى داليتش تغييرات على التشكيلة، ليضمن وصول بلاده إلى البطولة الكبيرة العاشرة منذ الاستقلال عن يوغوسلافيا السابقة في 1991، ويعزز موقعه في قيادة الفريق بعدما نال استحسان الجماهير بأسلوبه المغامر والشجاع الذي كان يفتقده المنتخب الكرواتي تحت قيادة سلفه تشاتشيتش.
ويبلغ المدرب داليتش المولود في البوسنة من العمر 51 عاماً، وسبق له اللعب لعدة أندية في يوغوسلافيا السابقة وكرواتيا. تولى مقعد القيادة في أكثر فترة صعوبة في مشوار كرواتيا المضطرب بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم. وحل بدلاً من انتي تشاتشيتش الذي توترت علاقته بلاعبي الفريق والاتحاد الكرواتي لكرة القدم بعدما تراجعت كرواتيا من المركز الأول إلى الثالث في مجموعتها.
تنقَّل داليتش بين أكثر من نادٍ منذ دخوله معترك التدريب، حيث بدأ مع رييكا الكرواتي ثم مع دينامو تيرانا الألباني، وقاده إلى كأس السوبر المحلية عام 2008. بعدها توجه إلى الخليج وتحديداً إلى الفيصلي ثم الهلال السعوديين وأحرز مع الثاني كأس ملك السعودية عام 2013. تسلم بعدها تدريب العين الإماراتي من 2014 إلى 2017 واختير أفضل مدرب في الدوري المحلي مرتين. وفي عام 2016 قاد العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا وأحرز معه كل الألقاب المحلية (الدوري والكأس وكأس السوبر).
ومع وصف النقاد في البلاد للتشكيلة الحالية بأنها الأقوى منذ جيل 1998، سيحمل منتخب كرواتيا على كاهله عبء التوقعات الكبيرة في مجموعة صعبة تضم الأرجنتين وآيسلندا ونيجيريا. ويبدو منتخب آيسلندا منافساً مألوفاً حيث خسرت كرواتيا 1 - صفر في ريكيافيك بعد فوزها 2 - صفر على أرضها. وتمثل نيجيريا منافساً مجهولاً إذ لم يسبق أن لعبت كرواتيا ضدها على الإطلاق بينما ستكون مواجهة الأرجنتين المرشحة لصدارة المجموعة صعبة.
وسيكون الفوز في المباراة الأولى على نيجيريا، التي بلغت الدور الثاني في 2014، حاسماً لآمال كرواتيا قبل مواجهة الأرجنتين. وتختتم كرواتيا مبارياتها ضد آيسلندا وستكون وقتها على دراية بإمكانات منافستها التي أطاحت بإنجلترا في طريقها إلى دور الثمانية في بطولة أوروبا 2016 قبل أن تقدم أداء رائعاً في تصفيات كأس العالم. وتملك كرواتيا الإمكانات للتقدم أكثر في البطولة لكنها معرضة للسقوط وهو ما كان مكلفاً في كثير من المرات في الماضي.
وبالإضافة إلى ماريو مانزوكيتش أبرز لاعبي المنتخب الكرواتي حالياً، يبرز صانع اللعب لوكا مودريتش. ربما يكون مودريتش قد ابتعد عن أوج مجده، لكنَّ وجوده لا يزال لا غنى عنه مع ناديه وبلاده. نجح مودريتش في الاحتفاظ بموقعه في ريال مدريد ومنتخب كرواتيا بسبب تعدد مهاراته، لا سيما دقته في التمرير.

> التشكيلة

> المدير الفني: زلاتكو داليتش
> حراسة المرمى: دانيال سوباشيتش (موناكو الفرنسي)، لوفري كالينيتش (غنت البلجيكي)، دومينيك ليفاكوفيتش (دينامو زغرب) > الدفاع: فدران تشورلوكا (لوكوموتيف موسكو الروسي)، دوماغوي فيدا (بشتكاش التركي)، إيفان سترينيتش (سمبدوريا الإيطالي)، ديان لوفرن (ليفربول الإنجليزي)، شيمي فرساليكو (أتلتيكو مدريد الإسباني)، يوسيب بيفاريتش (دينامو كييف الأوكراني)، تين يدفاي (باير ليفركوزن الألماني)، ماتي ميتروفيتش (بروج البلجيكي)، دويي كاليتا - كار (سالزبورغ النمسوي) > الوسط: لوكا مودريتش وماتيو كوفاسيتش (ريال مدريد الإسباني)، إيفان راكيتيتش (برشلونة الإسباني)، ميلان باديلي (فيورنتينا الإيطالي)، مارسيلو بروزوفيتش (إنترميلان الإيطالي)، فيليب براداريتش (رييكا) > الهجوم: ماريو ماندزوكيتش (يوفنتوس الإيطالي)، إيفان بيريشيتش (إنترميلان الإيطالي)، نيكولا كالينيتش (ميلان الإيطالي)، اندري كراماريتش (هوفنهايم الألماني)، ماركو بياتسا (شالكه الألماني)، انتي ريبيتش (إينتراخت فرانكفورت الألماني).

> نجم الفريق

> ماريو مانزوكيتش

> ستكون تشكيلة كرواتيا في كأس العالم عامرة باللاعبين الموهوبين، لكن المهاجم فارع الطول ماريو مانزوكيتش يمثل العنصر الأساسي في مساعي الفريق في تجاوز دور المجموعات عقب عقدين من الفشل. وبعد أن تسببت في صدمة في عالم كرة القدم بتأهلها للدور قبل النهائي في كأس العالم 1998، فشلت كرواتيا في تجاوز دور المجموعات منذ ذلك الوقت، وهو ما يعود في جانب كبير لافتقاره للمسة الحاسمة لمهاجم قوي.
ويمثل مانزوكيتش (32 عاماً)، كبير هدافي كرواتيا في التصفيات برصيد عشرة أهداف، كل هذا وأكثر. وبعد تألقه في مركزه المفضل كمهاجم تقليدي، بات مانزوكيتش أحد أكثر المهاجمين في العصر الحديث الذين لا يتسمون بالأنانية، كما لا تقدر تحركاته بدون كرة وتمريراته الحاسمة بثمن بالنسبة للفريق الذي يلعب له سواء على مستوى النادي أو المنتخب الوطني. وكانت أكثر سنوات مانزوكيتش عطاء بين 2012 و2014 مع بايرن ميونيخ، حيث فاز بلقبين في دوري الدرجة الأولى الألماني إضافة للقبين في كأس ألمانيا ولقب دوري أبطال أوروبا 2013 قبل أن ينتقل لأتليتيكو مدريد لمدة موسم واحد.
واعتقد كثير من المحللين أن مانزوكيتش وصل إلى مرحلة تراجع في مسيرته عندما انضم إلى يوفنتوس في 2015 لكنه بات إضافة قيمة للفريق المقبل من تورينو مع استمرار هيمنته المحلية وكذلك خلال فترة تألقه القاري.
وبعد أن ساعد يوفنتوس على انتزاع لقبين في دوري الدرجة الأولى الإيطالي وكأس إيطاليا في أول موسمين له مع يوفنتوس، ساعده مانزوكيتش أيضاً على بلوغ نهائي دوري أبطال أوروبا 2017، حيث سجل أحد أروع أهداف البطولة. وسجل المهاجم الكرواتي في الهزيمة 4 - 1 أمام ريال مدريد بركلة خلفية رائعة ورغم أن الهدف لم يمثل سوى القليل من العزاء عقب الهزيمة المذلة ليوفنتوس، فإنه أكد على تنوع مهاراته حيث وصلت موهبته لمستوى الجهد الذي يبذله في الملعب.
وربما لا يزال ثنائي الوسط المؤلف من لوكا مودريتش وإيفان راكيتيتش يضبطان إيقاع خط الوسط، لكن اللمسة الأخيرة لمانزوكيتش ستكون حاسمة لكرواتيا من أجل ترك بصمة في روسيا.