نارت بوران يكشف لـ «الشرق الأوسط» عن خطة شاملة لتغيير قناة «الحرة»

تحدٍّ جديد يواجه الإعلامي الأردني نارت بوران في المنصب الجديد الذي تولاه منذ أسابيع قليلة كنائب أول لرئيس شبكة «الشرق الأوسط للإرسال» (MBN)، بعدما أمضى 27 عاماً في العمل الإعلامي شمل محطات في «رويترز» و«تلفزيون أبوظبي» و«سكاي نيوز».
بوران يتبوأ منصبه اليوم ليكون جزءاً من خطة شاملة لنقل الشبكة إلى مرحلة جديدة تنافس فيها القنوات الإعلامية الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، معتمداً، كما يقول، على سقف الحرية العالي والمعايير المهنية.
لكن، خلال الشهور الماضية جرت همهمات وتسريبات عن وضع قناة «الحرة» واستغنائها عن دفعات متوالية من العاملين فيها. وانتشرت شائعات عن إغلاق محتمل لـ«راديو سوا»، ومشكلات انخفاض نسب المشاهدة.
يرد بوران في هذا الحوار على هذه الأمور وسياسات إعادة الهيكلة الجديدة وخطط التطوير في الشكل والمضمون واستغلال المنصات الإعلامية لإحداث تفاعل أكبر من الوسيلة الإعلامية وجمهورها، مؤكداً أن الأهم هو القدرة على التأثير وليست نسب المشاهدة.
ومن المعروف أن قناة «الحرة» هي قناة أميركية تموّلها الحكومة الأميركية ويخصص لها الكونغرس ميزانية بهدف الترويج للسياسات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، ولذا لا تبث القناة إرسالها إلى داخل الولايات المتحدة وإنما إلى الخارج. ويؤكد بوران أن قناة «الحرة» والشبكة ككل، لا تتحيز إلى سياسات معينة، وتقدم كل الأصوات التي تتفق وتختلف مع المواقف الأميركية، وتعتمد في سياستها على الترويج للحرية والعدالة والديمقراطية ومحاربة التطرف. وإلى نص الحوار:

> خلال مسيرتك الإعلامية في عدة عواصم عربية وأجنبية ومحطاتها المتنوعة، ما الذخيرة التي حصلت عليها وما المعوقات التي واجهْتها؟
- كل مرحلة لها تحدٍّ ولها دروسها التي أتعلم خلالها شيئاً جديداً. وكل مكان جديد يعلّمنا شيئاً. في المرحلة الأولى كنت أريد التعرف على المجال الإعلامي وكنت في «رويترز» أتطوع لأي مهمة في أي مكان لتزداد خبرتي. مرحلة «رويترز» كانت مرحلة تعلم لاكتساب الخبرة الصحافية في الميدان. عندما دخلت مجال الإدارة تعلمت أموراً تتعلق بإدارة البشر، خصوصاً التعامل مع المراسلين الذين يعملون في أماكن بها نوع من الخطورة. ومع الصعود في السلم الوظيفي تزيد المسؤوليات والتحديات. في تجربتي بـ«سكاي نيوز» كان التحدي أن أبدأ من الصفر.
> ما التحدي الذي تواجهه اليوم كنائب أول لرئيس شبكة الشرق الأوسط للإرسال، وهل لكل قناة تلفزيونية هوية محددة أم أن العمل الإداري في كل القنوات متشابه؟
- بدأت العمل منذ بضعة أسابيع وأرى في عملي فرصة جديدة. هناك أمور تتشابه إدارياً في كل الأماكن كبعض الثوابت المطلوبة في كل مؤسسة، لكن لكل قناة أو مؤسسة سماتها الخاصة وهدفها وطريقتها في التعامل والثقافة التي تحكم المكان. التحدي لأي مدير هي محاولة التأقلم مع الثقافة الموجودة في المكان وتقديم ما لديه من خبرة للتغيير والتطوير.
أكثر ما جذبني للعمل في قناة «الحرة» مكانها ومكانتها في العالم وقدر الحرية المتاحة. متحمس جداً. وأعتبر عملي في «الحرة» مرحلة مهمة في مسيرتي المهنية لأنها فرصة أن أكون جزءاً من فريق يقوم بالتغيير، وأن تشهد الساحة الإعلامية العربية هذا التغيير في الفترة المقبلة.
> عانت قناة «الحرة» في فترة من الفترات من تدني نسبة المشاهدة إضافة إلى سلسلة تسريح الكثير من العاملين فيها. ما المشهد اليوم وما نسبة المشاهدات؟
- هذه الصورة غير صحيحة. نقوم بإعادة صياغة وإعادة ترتيب حتى نتمكن من المنافسة، ونعرف التحديات بالمقارنة مع القنوات الأخرى وهذا جزء من الخطة الواضحة التي لدينا.
أنا مؤمن دائماً بأن نسبة التأثير هي أهم من نسبة المشاهدة، وحالياً هناك آراء مختلفة على قدرة قناة «الحرة» على التأثير، لكن الهدف بالتأكيد هي القدرة على توصيل رسالة معينة تؤثر على المشاهد في المستقبل، لكنّ هناك اتجاهات نراقبها في إحصاءات نسب المشاهدة بحكم أن الأخبار لها وزن أكثر من أي شيء آخر، ولذا سيكون هناك تركيز على الأخبار، وهذا سيساعد في نسب المشاهدة والتأثير. أيضاً في المنصات الإلكترونية قدرة القياس أسهل وأكثر قدرة. اللافت للنظر في تلك المنصات أيضاً أنها تتغير، ففي السابق كان عدد المتابعين هو المعيار الأساسي، الآن أصبح المعيار الأساسي هو حجم التفاعل أكثر من عدد المتابعين، وهذا هو ما يصنع التأثير والتغيير، وهذه هي الفرصة لقناة «الحرة» في مناقشة موضوعات حساسة يمكن أن يكون لها تأثير.
> ما الخطة التي تريد تنفيذها؟
- لا أريد الإفصاح عن تفاصيلها لكن لدينا رؤية محددة، وننظر إلى المنافسة في المنطقة وما الذي يمكن عمله، وما الأمور التي تميز شبكة الشرق الأوسط للإرسال وكيف نطوّرها في الشكل والمضمون. الإعلام لم يعد يخدم أجندة إخبارية تمررها عبر الموقع والشاشة، بل أصبح الأمر اتجاهين؛ فلا بد من الاستماع للناس والمشاهدين وتفهم ما المطلوب والطريقة التي يختارون تلقي المحتوى الإعلامي من خلالها. خطتنا في النهاية أن نخرج بشكل جديد ومختلف في الشكل والمضمون بكل المنصات. الخطة شاملة للتغيير بحيث تصبح قناة «الحرة» منافساً قوياً وتستغل ما لديها من ميزة وهو سقف الحرية العالي.
> متى يمكن أن يشعر مشاهد قناة «الحرة» بهذا التطوير؟ هل لديك خطة زمنية؟
- الخطة الزمنية بدأت بالفعل وبدأ التغيير منذ تولي السفير ألبرتو فرنانديز رئاسة شبكة الشرق الأوسط للإرسال، وخرجت برامج جديدة للمشاهد، ولدينا خطة زمنية واضحة، إلا إنني لا أريد الإفصاح عنها في الوقت الحالي.
> «الحرة» قناة أميركية يموّلها الكونغرس وتهدف إلى الترويج للموقف الأميركي في الشرق الأوسط، ما حجم تمويل الشبكة ككل وقناة «الحرة»؟
- ميزانية شبكة الشرق الأوسط للإرسال لعام 2017 كانت 112.7 مليون دولار، وهذا الرقم يشمل قناة «الحرة» و«الحرة عراق» و«راديو سوا»، (ميزانية قناتي «الحرة»، و«الحرة عراق» فقط تبلغ 82 مليون دولار)، ولا بد أن نفكر في الأمر من منطلق المبادئ التي تعتمدها قناة «الحرة» والشبكة ككل، وهي الحرية والديمقراطية والمساواة بين الأعراق والأجناس، وهذه هي المبادئ التي نعتمدها، ونتكلم عن نقل هذه المبادئ أكثر من الترويج لشخص أو سياسة. وهناك أصوات مختلفة تنطلق من منصات تقف مع وضد المواقف الأميركية ولا تتحيز إلى سياسات معينة، ونعرض كل الآراء المختلفة حتى في الموضوعات المتعلقة بسياسات الحكومة الأميركية، عندما نتكلم كفريق تحرير عن المبادئ التي نريد ترويجها فهذه المبادئ هي الحرية والعدالة والديمقراطية ومحاربة التطرف.
> هل لديك قيود أو محاذير أو قضايا لا يجب التطرق إليها في سياسات «الحرة»؟
- ليست لديَّ قيود أو محاذير تحريرية نهائياً، وما علينا سوى الالتزام بالمعايير الصحافية والقواعد المهنية.
> «الحرة العراق»، «الحرة مصر»، و«أصوات مغاربية» كلها نماذج لبرامج متخصصة إقليمياً، هل هناك رؤية في إطار خطة تطوير القناة لوضع برنامج يتطرق إلى الشأن السوري؟
- هناك عدة أفكار لعدة برامج، وكلها جزء من خطة التطوير. أعتقد بشكل أو آخر أنه لا بد أن نهتم بالشأن السوري سواء في برنامج متخصص أو طرح الموضوعات العامة في الشأن السوري على الموقع أو التلفزيون.
> هناك اتجاه في الإعلام هو الصحافي المواطن، فبإمكان شخص لديه عدد كبير من المتابعين على وسائل الإعلام الاجتماعية أن يكون أكثر تأثيراً وتفاعلاً من صحافي متخصص ينقل الخبر بمعايير الدقة والموضوعية، كيف ترى هذا الاتجاه؟
- هذا الاتجاه كان مقلقاً للجميع منذ فترة، لكن بطريقة أو بأخرى تعدل صناعة الإعلام من نفسها وتتكيف مع الوضع، واتضحت الأمور أنه ليس من السهل أن تمتلك هاتفاً وتروج أخباراً بهذه السهولة. لست قلقاً على دور المؤسسات الإعلامية وإنما قلقي يرتكز على مدى قدرة المؤسسات على ملاحقة التطور التكنولوجي حتى تستمر.
> هذا يقودنا إلى الاتهامات التي يطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب للصحافة بنشر «الأخبار الكاذبة»، كيف ترى هذا الأمر؟
- انا متفاجئ من الانقسام الشديد في الإعلام الأميركي وهذا الاستقطاب الصريح بغضّ النظر عن الموقف الحزبي والسياسي لوسيلة إعلامية أو قناة تلفزيونية، وأعتقد أن الأخبار الكاذبة هي بالفعل مشكلة كبيرة، وهناك أنواع من الأخبار الكاذبة التي تستهدف تضليل الناس وهناك أخبار كاذبة ناتجة عن خطأ. والمشكلة في كل المؤسسات الإعلامية في كل العالم أن المشاهد أو القارئ يبحث عن الوسيلة التي ترضي ميوله وتتكلم بلسانه لكن لا يريد أن يستمع إلى وسيلة أخرى تتكلم بطريقة مختلفة حتى لو كانت صحيحة وتقدم الحقيقة، وهذا ما يحدث، فبعض البرامج السياسية أصبح ضيوفها شخصاً معك والآخر ليس ضدك.