الصين... مهمّة تاريخية إلى القمر

يواجه طموح الصين بإرسال سفينة فضائية للهبوط في الجانب البعيد من القمر في وقت لاحق من هذا العام تحديات كبيرة، ولكنّ نجاح هذا المشروع سيدفع ببرنامج البلاد الفضائي إلى الطليعة في واحد من أهمّ مجالات الاستكشاف الفضائي على سطح القمر، حسب الخبراء. وتأمل الصين أن تكون البلد الأوّل في إتمام مثل هذا الهبوط المشابه.

قمر مجهول
ويعرف الجانب البعيد من القمر بالجانب المظلم أيضاً، لأنّه بعيد عن الرؤية الأرضية ولا يزال مجهولاً.
وقال جون م. لوجسدون من معهد السياسة الفضائية التابع لجامعة جورج واشنطن إنّ صناعة القدرات اللازمة لاستكشاف الجانب البعيد من القمر يعد إنجازاً مثيراً للإعجاب. وأضاف في حديث نقلته وكالة «أسوشيتد برس» «تركّز الدّول الرائدة في الفضاء حول العالم اهتماماً كبيراً في مجال استكشاف القمر، وفي حال حقّق مشروع استكشاف الجانب البعيد من القمر نجاحاً، فإنه سيضع الصين في مرتبة متقدّمة على خطّ تحقيق هذا الهدف».
ولكنّ ضبط القمر الصناعي المستخدم لتتبع وتحليل البيانات ثم نقلها، في الوضعية الصحيحة سيكون أمرا شائكاً ولن يمثّل إلّا الخطوة الأولى فقط نحو الهبوط، على حدّ قول لوجسدون، الذي لفت إلى أنّ القيام بأمور معينة في الفضاء، وخاصة على مسافة بعيدة من الأرض، يبقى صعباً، ما يعني أنّ النجاح ليس مضموناً أبداً.
بدوره، اعتبر برنارد فوينج، رئيس مجموعة الاستكشاف القمري الدولية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية والتي تعاونت مع البرنامج الصيني، أنّ الهبوط برفق في الجانب البعيد من القمر سيكون «سابقة عالمية تاريخية».
وأضاف أن هذا الهبوط سيقدّم «فرصة علمية عميقة لدراسة الجانب البعيد»، الذي يتميّز بتركيبة مختلفة عن المواقع الموجودة في الجانب القريب حيث هبطت المهمات السابقة.
ولكنّه في المقابل حذّر من الصعوبات التي تنتظر هذه الرحلة، وقال إن «استخدام قمر صناعي للسيطرة وجمع البيانات سيكون تحدياً عظيماً».
ولكن العلماء يحتاجون إلى وسيلة متحرّكة للاتصالات مثل قمر صناعي للتواصل مع السفينة الفضائية الهابطة في الجانب البعيد لأنّ التركيبة الصخرية للقمر قد تتسبب في انقطاع الاتصال مع الأرض.
تجدر الإشارة إلى أن السعودية تشارك في مهمة الفضاء الصينية، ببناء وتطوير حمولة لأنظمة استشعار الفضاء بهدف التقاط صورٍ ضوئية للقمر، تم إنجازها في وقت قياسي لم يتجاوز 12 شهراً.
وقال الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (انظر «الشرق الأوسط» 21 مايو (أيار) 2018، العدد 14419)، إن الحمولة تتكون من وحدات تصوير، ومعالجة بيانات، والوسيط بين أنظمة القمر الصناعي ونظام الحمولة، مشيراً إلى أنها تتميز بخفة وزنها وقدرتها على تحمل بيئة الفضاء، وتصوير القمر بزوايا وارتفاعات مختلفة بدقة تباين تتفاوت وفق تغير المدار القمري من 38 متراً إلى 88 متراً عند الارتفاعات بين 300 كلم و9000 كلم وتخزينها ومعالجتها.

طموحات فضائية
وكانت الصين قد أنزلت سابقاً الروفر الفضائي «جادي رابيت» على القمر وتخطّط إنزال مسبار «شينغ إي 5» في نفس الموقع العام المقبل ليعود بعدها إلى الأرض حاملاً عينات قمرية، في عملية تحصل للمرّة الأولى منذ عام 1976.
وقادت الصين أول بعثة فضائية بشرية لها عام 2003 وحلّت في المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة وروسيا في مجال الاستكشاف الفضائي، واضعة محطتين فضائيتين لها في المدار.
وتتضمن البعثات الصينية القادمة إطلاق وحدة أساسية بزنة 20 طنا لمحطة «تيانجونع 2» الموجودة في المدار الفضائي، إلى جانب العناصر الخاصة بمحطة أخرى تزن 60 طنا من المزمع إطلاقها عام 2022. وعربة جوالة ستنطلق إلى المريخ عام 2020.
هذا بالإضافة إلى أن الصين حصلت على «القاعدة التقنية» اللازمة لإرسال رواد فضاء إلى القمر، بسب ما أفاد زهو جيانبينغ، المصمم الرئيس لبرنامج الفضاء البشري في مؤتمر صحافي الشهر الفائت.
وأضاف زهو: «قمنا بمحادثات عميقة مع الكثير من الخبراء حول الاستكشافات البشرية على القمر، وأجرينا بحثاً حول التقنيات الضرورية لها في السنوات الفائتة».
ويلفت لوجسدون إلى أنّه وعلى الرغم من أنّ برنامج الصين الفضائي يدار بجزء كبير منه من قبل السلطات العسكرية، تمثّل بعثة «شينغ إي 4» جهدا فضائياً مدنياً طموحاً عمادها العلم إلى جانب بناء القدرات الفضائية المرتبطة بأمن البلاد القومي».