«دويتشه بنك» يجري عملية تسريح كبرى وسط دوامة من التراجع

أعلن مصرف دويتشه بنك الألماني أمس الخميس عن خطط لشطب أكثر من 7 آلاف وظيفة، لينخفض إجمالي عدد موظفيه إلى «أقل كثيرا» من 90 ألف موظف مقابل 97 ألفا حاليا، بعد ثلاث سنوات من الخسائر.
وجاء الإعلان قبل ساعات من بدء الاجتماع السنوي للجمعية العمومية للبنك في مدينة فرانكفورت، وهو الاجتماع الأول بقيادة رئيسه الجديد كريستيان زفينغ. وذكر أكبر بنك في ألمانيا أن عملية خفض الوظائف، التي بدأت بالفعل، هي جزء من خططه لخفض النفقات.
وقال زفينغ إن التخفيضات الهائلة في الوظائف «وضع صعب» لكن الوضع المالي الحالي للبنك يتركه «بلا خيار»... «نحن بحاجة لوضع الأساس للربحية على المدى الطويل».
وسيكون قطاع بيع الأوراق المالية والتداول الأشد تضررا من عملية خفض العمالة حيث أشار البنك إلى أنه سيتم تقليص قوة عمل هذا القطاع بنسبة 25 في المائة كجزء من عملية «إعادة صياغة» كبيرة له. فيما سيتم المضي في حملة لزيادة الأتمتة في عمليات تكنولوجيا المعلومات بالبنك.
من ناحيته، أكد زيفنغ استمرار التزام دويتشه بنك بقطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية وبالعمل في السوق الدولية، قائلا: «نحن متمسكون بذلك... ولكن علينا التركيز على ما نقوم به بصورة جيدة بالفعل».
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أعلنت أولا في تقرير لها عن خطط شطب الوظائف، قائلة إن دويتشه بنك يعتزم شطب نحو 10 آلاف وظيفة. وخفض البنك بالفعل نحو 9 آلاف وظيفة بداية من عام 2015 عندما كان يترأسه جون كريان.
وكان زفينغ قد أعلن أثناء الكشف عن نتائج الربع الأول للبنك في الشهر الماضي، عن اعتزامه تقليص قطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية في «دويتشه بنك» وبخاصة في الولايات المتحدة والتركيز بصورة أكبر على العملاء الأوروبيين.
يذكر أن «دويتشه بنك» سجل خسائر مستمرة خلال السنوات الثلاث الماضية، كما أن نتائجه خلال الربع الأول من العام الحالي جاءت مخيبة للآمال حيث انخفضت أرباحه إلى 120 مليون يورو (140 مليون دولار) مقابل أرباح قدرها 575 مليون يورو خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ويتخلي دويتشه بنك عن هدفه التنافسي مباشرة مع عمالقة البنوك الاستثمارية الكبرى بإعلانه تخفيضات الوظائف، وقال الرئيس زيفنغ إن البنك سيعيد التركيز على قاعدة عملائه في أوروبا وألمانيا وسيقلل من العمليات الأكثر خطورة التي لا تحتل مكانة رائدة، وأكد أن البنك ملتزم بعملياته المصرفية الاستثمارية الدولي.
وتعني الاستراتيجية الجديدة التراجع عن عدة عقود من التوسع العالمي سعى البنك خلالها للتنافس مع منافسي وول ستريت على غرار غولدمان ساكس أو جي بي موغان تشيس.
ويرى محللون أن دويتشه بنك محاصر في دوامة من التراجع، وعلى البنك القبول بأن اللعبة قد انتهت، في ظل وجود كثير من بنوك التجزئة في ألمانيا لتوفير المنافسة وخدمة جيدة للمستهلكين في الأعمال المصرفية الاستثمارية، ولا يزال هناك بنوك استثمار أوروبية جيدة يمكنها تقديم خدمة جيدة للصناعة الألمانية.
وجاءت كبوة دويتشه بنك لصالح باركليز البريطاني الذي امتدحه متعاملون في الأسواق بأنه قادر تمام على تلبية احتياجات الصناعة الألمانية للخدمات المصرفية للشركات والاستثمار.
ومن الصعب فعليا التخلي عن بنك بعراقة دويتشه بنك الذي يمتلك عقودا مشتقة بقيمة 46 تريليون يورو في عام 2016.
واستمر سعر سهم دويتشه بنك في الانخفاض، ليهبط 2.5 في المائة في تعاملات فرانكفورت بحلول الساعة 1136 بتوقيت غرينتش. ورغم أنه في العادة تؤدي إعلانات خفض الوظائف إلى ارتفاع أسعار الأسهم، بسبب تجاهل المستثمرين تداعيات ذلك على الموظفين واحتفالهم بتوفير التكاليف، فإن المساهمين ليسوا سعداء بتكلفة إعادة الهيكلة التي قدرت بنحو 800 مليون يورو، مما سيؤدي إلى تراجع ربحية البنك هذا العام.