إردوغان يرسم ملامح حكومته «المفترضة» عبر القائمة الانتخابية

كثّفت الأحزاب التركية، اعتباراً من أمس، حملاتها بعد أن تقدمت بقوائم مرشحيها للانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 24 يونيو (حزيران) المقبل، إلى اللجنة العليا للانتخابات. وانتظرت الأحزاب حتى الموعد الأخير لإغلاق باب الترشيح بنهاية يوم عمل أول من أمس لتتقدم بقوائم مرشحيها، حيث ستنظر اللجنة في القوائم المقدمة من الأحزاب وتعلن القوائم النهائية للمرشحين على مقاعد البرلمان وعددها 600 مقعد في 30 مايو (أيار) الجاري.
وكشفت قائمة مرشحي حزب العدالة والتنمية الحاكم عن العديد من المؤشرات في ما يتعلق بشكل الحكومة القادمة التي سيختار المرشح الفائز بالانتخابات الرئاسية، التي ستُجرى في اليوم ذاته مع الانتخابات البرلمانية، والذي يرجَّح بنسبة كبيرة أن يكون هو الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان، أعضاءها.
وتضمنت القائمة التي عكف إردوغان على تنقيحها بنفسه طوال يوم أول من أمس في مقر الحزب الحاكم في أنقرة غالبية أعضاء الحكومة الحالية باستثناء وزراء المجموعة الاقتصادية يتقدمهم نائب رئيس الوزراء محمد شيمشيك، ووزير الاقتصاد نهاد زيبكجي، ووزير المالية ناجي أغبال، إلى جانب وزير الدولة لشؤون الاتحاد الأوروبي كبير المفاوضين الأتراك همر تشيليك، ووزير الصناعة والعلوم والتكنولوجيا فاروق أوزلو، ما يشير إلى احتمال أن تجد هذه الأسماء أماكن لها في الحكومة المقبلة.
وحسب التعديلات الدستورية، لن يتم اختيار الوزراء من بين أعضاء البرلمان، كما سيستقيل من البرلمان من يتم اختياره ضمن أعضاء الحكومة أو الفريق الرئاسي. وضمت قائمة الحزب 167 نائباً من النواب الحاليين بالبرلمان وعددهم 316 نائباً، وجاء رئيس الوزراء بن علي يلدريم، على رأس قائمة مرشحي الحزب في المنطقة الأولى في إزمير (غرب تركيا)، و126 مرشحة، و57 مرشحاً تقل أعمارهم عن 25 عاما، بينهم «إليف نور بايرام» البالغة من العمر 18 عاماً المرشحة في مدينة كوجالي (غرب)، و8 مرشحين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأشارت مصادر بحزب العدالة والتنمية إلى أنه قد يتم ترشيح رئيس الوزراء الحالي بن علي يلدريم، لرئاسة البرلمان الجديد، حيث سيلغَى منصب رئيس الوزراء في النظام الرئاسي الجديد، كما سادت توقعات بأن وزير شؤون الاتحاد الأوروبي عمر تشيليك، قد يكون له موقع بارز في الحكومة القادمة وربما يكون وزيراً للخارجية بدلاً عن مولود جاويش أوغلو الذي رُشح للبرلمان في أنطاليا (جنوب). وتضمنت القائمة أسماء جديدة من مختلف المجالات منهم عدد من الرياضيين أهمهم متسابق الدراجات النارية الدولي كنان صوفو أوغلو. ولاعب كرة القدم التركي السابق في صفوف نادي أستون فيلا والمنتخب الوطني التركي ألباي أوزالان، والمصارع الدولي سلجوق تشلبي، وحل أحمد مدحت أرينتش نجل نائب رئيس الوزراء رئيس البرلمان الأسبق أحد مؤسسي الحزب بولنت أرينتش في دائرة مانيسا، التي كانت دائرة والده من قبل.
وأدت الترشيحات إلى مناقشات داخلية واسعة في الأحزاب التركية، وبخاصة في حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، حيث شهدت قائمته تغييرات ومفاجآت متعددة، إذ تم استبعاد 61 من نواب الحزب بالبرلمان وعددهم 131 نائباً، وتم الدفع بأسماء من هيئات وتشكيلات الحزب ومجلسه التنفيذي إلى جانب الدفع بأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم عبد اللطيف شنر، الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء قبل أن ينشقّ عن «العدالة والتنمية» بسبب خلافات مع إردوغان في عام 2011، ليؤسس بعدها حزب «تركيا» الذي لم يتمكن من الحصول على أي مقاعد بالبرلمان ليتم حله في ما بعد، وكان حزب الشعب الجمهوري يفكر في ترشيحه للرئاسة أيضاً.
ومن بين من استبعدتهم القائمة الأسماء التي كانت ضمن قائمة مرشح الحزب للرئاسة محرم إينجه في انتخابات رئاسة الحزب التي خاضها منافساً لرئيسه كمال كليتشدار أوغلو.
واعتبر مراقبون أن استبعاد الأسماء المقربة من إينجه، فضلاً عن عدم ترشيحه في البرلمان كونه مرشحاً للرئاسة يعني أنه تمت الإطاحة به وبفريقه دفعة واحدة، وعلق إينجه على هذا الأمر مطالباً أنصار الحزب بألا يشغلوا أنفسهم به، وقال في مؤتمر جماهيري في إطار حملته الانتخابية: «إنه من المؤكد أن الإعلان عن هذه القوائم البرلمانية سيجعل البعض سعداء والبعض الآخر عكس ذلك، لكن دعُونا نركز في هدفنا الأكبر وهو الرئاسة، فهدفنا كبير والوقت محدود وليس لدينا وقت للتعامل مع مثل هذه الأشياء، وعندما يتم انتخابي رئيساً للجمهورية سأكون أنا الشخص الذي يعد قائمة مجلس الوزراء».
في السياق ذاته، رفضت محكمة تركية استئنافاً تقدم به حزب الشعوب الديمقراطي التركي المعارض (مؤيد للأكراد) لإطلاق سراح رئيسه المشارك السابق المسجون حالياً صلاح الدين دميرتاش، المرشح للانتخابات الرئاسية. ورشح الحزب دميرتاش، المسجون منذ أكثر من عام ونصف العام في تهم تتعلق بادعاءات دعمه للإرهاب، ويواجه عقوبات بالسجن لما يصل إلى 142 عاماً في حال إدانته في القضايا المتهم فيها. وتقدم حزب الشعوب الديمقراطي الأسبوع الماضي بطلب إطلاق سراح دميرتاش قبل الانتخابات، مستنداً إلى أن احتجازه يشكل خطورة على حرية الناخبين. وكان دميرتاش، قد صرح مؤخراً من داخل سجنه عبر محاميه بأن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية «لن تكون نزيهة»، وأنه ما زال يأمل في أن يتخطى حزبه، مكاسبه الانتخابية السابقة، وأن يمنح الرئيس رجب طيب إردوغان «الرد المناسب في صندوق الاقتراع». وتنفي الحكومة التركية مزاعم أن الانتخابات ستكون غير نزيهة، وتقول إنها تهدف إلى «الإساءة لسمعة الديمقراطية التركية».
وكان دميرتاش البالغ من العمر 45 عاماً، قد رشح نفسه أمام إردوغان في انتخابات الرئاسة في 2014، وقاد حزب الشعوب الديمقراطي لدخول البرلمان للمرة الأولى في انتخابات يونيو 2015، ليكون أول حزب موالٍ للأكراد يكسر الحاجز الانتخابي (شرط الحصول على 10% من أصوات الناخبين من أجل التمثيل في البرلمان).