موازنة تاريخية لأمن الدولة البلجيكي لمكافحة الإرهاب

حصل جهاز أمن الدولة البلجيكي، من الحكومة خلال العام الحالي على 57 مليون يورو، وهو رقم تاريخي حسب ما علقت وسائل إعلام في بروكسل أمس (السبت)، على تصريحات حول هذا الصدد صدرت عن مكتب وزير العدل البلجيكي جينس كوين. وكانت الحكومة قد وعدت بتقديم الدعم وزيادة المخصصات المالية لمكافحة الإرهاب وذلك في أعقاب تفجيرات باريس التي وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015. وبالفعل تقدم جهاز أمن الدولة «الاستخبارات الأمنية» في هذا التوقيت بخطة متعددة السنوات تمتد حتى 2021 لإعادة التنظيم وتحقيق إجراءات خدمية مطلوبة.
وحسب الإعلام البلجيكي فقد كانت المخصصات المالية قبل أربع سنوات 46 مليون يورو بينما كان الرقم قبل 15 عاما إلى 24 مليون يورو فقط، ومن المبالغ التي يخصصها أمن الدولة البلجيكي من موازنة العام الحالي ما يقرب من 12 مليون يورو فقط لشراء حواسيب إلكترونية جديدة ومستلزماتها، وكان رئيس جهاز أمن الدولة البلجيكي قد صرح في وقت سابق أنه يحتاج إلى موازنة تصل إلى ثلاثة أضعاف الموازنة الحالية. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أشار التقرير السنوي للجنة البرلمانية، المكلفة بالإشراف على عمل أجهزة الاستخبارات الأمنية والعسكرية في بلجيكا، إلى أن الفترة التي سبقت حدوث هجمات بروكسل في مارس من العام 2016. قد عرفت تخبطا في عمل تلك الأجهزة، وخاصة التأخر من جانب بعض الإدارات في مجال تبادل المعلومات، حول بعض الأشخاص، وأحدهم تورط بالفعل في تنفيذ التفجيرات. وقال التقرير، بأن جهاز الاستخبارات الأمنية الداخلية وجهاز الاستخبارات العسكرية، تغاضيا عن بعض المعلومات التي تتعلق بأشخاص يشتبه في علاقتهم بالإرهاب قبل وقوع الهجمات».
ولمح إلى أن عدم توفر المعلومات الكافية حول منفذي التفجيرات ساهم في عدم القدرة على توقع وقوع الهجوم. وحسب ما ذكرت محطة في تي إم البلجيكية الفلامنية فقد تضمن التقرير الإشارة إلى تعجب اللجنة البرلمانية من حدوث هذا الأمر، رغم أن من أولويات عمل جهاز الاستخبارات الأمنية الداخلية القيام بهذا العمل، وفي نفس الوقت تعطل جهاز الاستخبارات الداخلية في الرد على استفسارات من جانب جهاز الاستخبارات الخارجية. وحسب ما نشرت وسائل إعلام محلية وقتها، على سبيل المثال لم تهتم الأجهزة الاستخباراتية ومنها الاستخبارات العسكرية، ببعض المعلومات التي توفرت عبر عناصرها، ومنها ما حدث في نوفمبر 2015، عندما جرى تصوير دورية أمنية للجنود في مطار بروكسل من طرف شخص كان يجلس في سيارته. كما أنه في مارس (آذار) 2016 كان هناك أكثر من تقرير يشير إلى أن نجيم العشراوي أحد منفذي الهجمات، شوهد في مطار بروكسل الذي تعرض للهجوم، ولم تتم الاستفادة من هذه المعلومات ولم يتم إرسالها إلى جهاز الاستخبارات الأمنية، أو مركز تحليل المخاطر الإرهابية التابع للحكومة. كما أشار تقرير اللجنة البرلمانية البلجيكية المعروفة باسم «اللجنة إل»، إلى وقوع جهاز الاستخبارات في خطأ بعد شهور من المحاولة الفاشلة لتنفيذ عملية إرهابية في قطار تاليس الأوروبي في أغسطس (آب) 2015، أثناء توقفه في بروكسل وهو في طريقه إلى فرنسا، وجرى توجيه استفسار من جهاز الاستخبارات الخارجية إلى جهاز الاستخبارات الأمنية للحصول على معلومات بشأن أرقام هواتف لها صلة بمنفذ الهجوم أيوب الخزاني، ولم يتم الرد على هذه الاستفسارات، وتكرر الاستفسار مرة أخرى قبل أربعة أيام من تفجيرات مارس من العام الماضي، ولم يتم الرد عليها إلا في اليوم التالي لوقوع الهجمات، ولهذا شدد التقرير على ضرورة حدوث مزيد من العمل المشترك بين الأجهزة الاستخباراتية، وخاصة فيما يتعلق بحفظ وتبادل المعلومات. وكانت نفس الملحوظات قد جاءت في تقرير للجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق في ملابسات هجمات بروكسل، وبعدها بوقت قصير استقال رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية ايدي تيتلمانس، وخاصة في أعقاب شكاوي من بعض موظفيه بسبب المنافسة الداخلية.