بريطانيا تدرس تمديد الترتيبات الجمركية مع الاتحاد الأوروبي

ناقشت بريطانيا رسميّاً البقاء ضمن الاتحاد الجمركي الأوروبي بعد الفترة الانتقالية التي تعقب «بريكست»، خشية أن تكون ترتيبات التجارة الجديدة غير جاهزة، وفق ما ذكرت صحيفة بريطانية، أمس.
وأفادت صحيفة «ذي تلغراف» بأن إحدى اللجان الفرعية التابعة للحكومة وافقت، هذا الأسبوع، على أن تبقى القوانين البريطانية متماشية مع قواعد الاتحاد الأوروبي، ربما حتى عامين بعد انتهاء المرحلة الانتقالية في ديسمبر (كانون الأول) 2020، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
ويُتوقع أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) 2019، بينما تستمر في الترتيبات التجارية الحالية خلال الفترة الانتقالية لمنح الطرفين وقتاً للاتفاق على بنود شراكة جديدة. لكنّ هناك قلقاً متزايداً من أنه لن يتم وضع أي نظام جمركي جديد قبل ذلك، إذ لا يزال على حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي اتخاذ قرار بشأن الترتيبات التي ترغب بها. وطرح فكرة فترة انتقالية إضافية خلال الأسابيع الماضية كل من المدير السابق لمكتبها نيك تيموثي، ونائبها سابقاً داميان غرين، ووزير الأعمال التجارية غريغ كلارك.
وأكدت رئاسة الحكومة مراراً أن بريطانيا ستخرج من الاتحاد الجمركي بعد انتهاء الفترة الانتقالية، رغم أن ماي نفسها لم تذكر موعداً أمس. وقالت للصحافيين لدى وصولها لقمة في بلغاريا إن «المملكة المتحدة ستخرج من الاتحاد الجمركي، سنغادر الاتحاد الأوروبي». وأضافت: «بالطبع، سنتفاوض على ترتيبات جمركية مستقبلية مع الاتحاد الأوروبي».
وتسعى بريطانيا إلى أن يكون بمقدورها عقد صفقات تجارية خاصة بها مع أطراف خارج الاتحاد الأوروبي، ما يعني أنها لن تقبل برسوم جمركية خارجية مشتركة مع الاتحاد الأوروبي. لكن لا يزال على الوزراء إيجاد حلول، بينما حتى تلك المطروحة سيستغرق تطبيقها سنوات. وذكرت «ذي تلغراف» أن أحد الخيارين اللذين يلقيان دعماً ويلجآن للتكنولوجيا لتخفيف التفتيش على الحدود قد لا يتم تطبيقهما قبل عام 2023، ما يشي بإمكانية تمديد الفترة الانتقالية لعامين إضافيين.
وتواجه ماي ضغوطاً مكثفة لحل المسألة، بعدما وافقت على حل «مؤقت» تبقى آيرلندا الشمالية بموجبه ملتزمة بترتيبات التكتل الجمركية ما لم تجد بديلاً. وأكدت رئيسة الوزراء أن فصل آيرلندا الشمالية أمر لا يمكن التفكير فيه، مشددة على ضرورة تطبيق أي قواعد تجارية جديدة على كامل المناطق البريطانية.
وفي صوفيا حيث تعقد القمة بين الاتحاد الأوروبي ودول غرب البلقان، صرح رئيس الوزراء الآيرلندي ليو فارادكار بأن بريطانيا تواجه خطر مغادرة الاتحاد الأوروبي «دون اتفاق على الإطلاق» إذا بقيت المفاوضات تراوح مكانها.
وعبّر فارادكار الذي كان يتحدث قبل لقاء مع ماي، عن الأسف لعدم وجود اقتراح من لندن «يقترب» من حل القضية الشائكة التي يمثلها مصير الحدود بين آيرلندا ومقاطعة آيرلندا الشمالية البريطانية. وقال لصحافيين إن «الموعد المحدد لاتفاق حول الخروج هو أكتوبر (تشرين الأول)، لكن إذا لم نحقق تقدماً حقيقاً وجوهرياً بحلول يونيو (حزيران) فيمكننا أن نتساءل جدياً عما إذا كان سيُبرم اتفاق».
وتدرس الحكومة البريطانية حالياً اقتراحين لحل مشكلة الحدود الآيرلندية، بما أن خروج بريطانيا من الاتحاد سيقسم الجزيرة بين الشمال الملحق بالمملكة المتحدة، والجنوب حيث الجمهورية الآيرلندية العضو في التكتل الأوروبي.
ودعا فاردكار لندن إلى صياغة حلول «مكتوبة بشكل واضح». وقال: «نحتاج لمعرفة أن هذا أمر يعمل، وأنه قابل للاستمرار قانونياً، ولم نرَ أيَّ شيء قريب من ذلك حتى الآن».
على صعيد منفصل، أكدت وسائل إعلام ألمانية، أمس، أن جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني حصل في تسعينات القرن الماضي عبر منشقٍّ روسي على عيّنة من مادة نوفيتشوك السامة للأعصاب، التي استُخدِمت أخيراً في تسميم عميل روسي مزدوج سابق في بريطانيا.
وحصل جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني «في النصف الأول من تسعينات القرن الماضي»، أي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، على عينة من هذه المادة التي استُخدِمت في تسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال وابنته. ونجا سكريبال وابنته من الحادثة، لكن القضية قادت إلى عاصفة دبلوماسية بعدما اتهمت لندن موسكو بالوقوف وراء تسميمه. وتنفي روسيا رسمياً ذلك، وتقول إنها لم تمتلك يوماً برنامج «نوفيتشوك».
وقالت صحيفتا «سوددويتشه تسايتونغ» و«دي تسايت» وشبكتا «في دي آر» و«إن دي آر»، نقلاً عن مصادر «شاركت في قرار» الحصول على السمّ، إن منشقاً روسياً لم تكشف هويته عرض على الاستخبارات الألمانية تسليمها عينة منه لقاء تأمين الحماية له ولعائلته.
وبعد الحصول عليه، تم تحليله في مختبر سويدي لأن ألمانيا لا تريد أن تتهم بالعمل على أسلحة كيميائية، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وبعد ذلك، حصل جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني ووزارة الدفاع على التركيبة الكيميائية لـ«نوفيتشوك». وأضافت وسائل الإعلام الألمانية أن برلين أبلغت بعد ذلك الاستخبارات الأميركية والبريطانية بوجود هذه العينة.
وتم إنتاج كميات صغيرة من هذا السمِّ في بعض دول حلف شمال الأطلسي لاختباره، خصوصاً لتحديد ما إذا كان معدات الحماية قادرة على مقاومته، ولإيجاد مصل مضادّ له. وأكد التحقيق الذي أجراه صحافيون ألمان أن وجود «نوفيتشوك» لم يكشف علناً لتجنب إلحاق الضرر بالعلاقات مع الرئيس الروسي حينذاك بوريس يلتسين.
ورفضت الحكومة الألمانية وجهاز الاستخبارات الخارجية الألماني الإدلاء بأي تعليق ردّاً على أسئلة وسائل الإعلام.