غواتيمالا تنقل سفارتها إلى القدس وسط احتجاجات فلسطينية

افتتحت غواتيمالا أمس في القدس سفارتها الجديدة في إسرائيل، لتصبح بذلك أول دولة تحذو حذو الولايات المتحدة في خطوتها المثيرة للجدل، التي ترافقت مع مواجهات دامية أوقعت عشرات القتلى الفلسطينيين على حدود قطاع غزة.
وحضر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الغواتيمالي جيمي موراليس حفل افتتاح السفارة، التي انتقلت إلى مكتب في المدينة المقدسة، وذلك في خطوة مخالفة للإجماع الدولي على وضع القدس، الذي يقع في صلب النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
وصرح موراليس لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «قرار نقل السفارة جاء من قبل الشعب الغواتيمالي، وهذا القرار سيقوينا جميعا». مشددا على أن «إسرائيل منارة للعالم، واليوم نعيد تأكيد مواقفنا بأننا أصدقاء وإخوة، وأعلن أن غواتيمالا وإسرائيل ستتحدان للأجيال القادمة».
من جهته، أشاد نتنياهو بخطوة غواتيمالا، لافتا إلى أنها تأتي بعد يومين فقط من قيام الولايات المتحدة بفتح سفارتها في القدس.
وقال بهذا الخصوص: «أتطلع لأبحث معكم الطرق العملية للدفع بهذه الصداقة وهذا التحالف قدما»، لكن «اليوم أود أن أعبر فقط عن مدى سعادتنا باستضافتكم».
وانتقلت السفارة من مدينة هرتسيليا بتوح إلى مبنى في الحديقة التكنولوجية في المالحة في القدس الغربية.
وتابع نتانياهو موضحا: «غواتيمالا صديقتنا من قبل، والآن نحن نتشارك بالأهداف والقيم»، مؤكدا أنه سيزور غواتيمالا في إطار جولة سيقوم بها داخل أميركا اللاتينية.
وترافق نقل السفارة الأميركية إلى القدس الاثنين مع مواجهات دامية على حدود قطاع غزة، حيث أطلق الجيش الإسرائيلي النار على المحتجين، كما تزامن أيضا مع الذكرى السبعين للنكبة، وتهجير أكثر من 760 ألف فلسطيني في حرب 1948. وقد أدت الاحتجاجات الفلسطينية على حدود قطاع غزة إلى مقتل 62 فلسطينيا خلال 24 ساعة، وإصابة أكثر من ألفي فلسطيني. كما أثارت المواجهات الدامية على قطاع غزة موجة استنكار عالمية، وعمدت بعض الدول إلى استدعاء سفراء إسرائيل للاحتجاج على هذه الخطوة.
وفيما بدأت الجامعة العربية أمس اجتماعا على مستوى المندوبين الدائمين، تحضيرا لاجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب اليوم في القاهرة «لمواجهة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وقرار الولايات المتحدة غير القانوني» بنقل سفارتها إلى القدس، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والاتحاد الأوروبي إلى إجراء تحقيق مستقل، بعد أن قتل 116 فلسطينيا على يد القوات الإسرائيلية منذ بدء حملة احتجاج على الحدود بين غزة وإسرائيل في 30 من مارس (آذار) الماضي.
وندد الفلسطينيون أمس بنقل سفارة غواتيمالا إلى القدس، حيث اعتبرت الخارجية الفلسطينية في بيان أن «هذا العمل المخزي والمخالف للقانون، يستفز مشاعر المسيحيين والمسلمين كافة، بما في ذلك أولئك الذين أعلنوا بالإجماع، وبشكل لا لبس فيه، رفضهم لكل المحاولات التي تستهدف وضع ومكانة مدينة القدس المحتلة، أو نقل السفارات إليها».
من جهته، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات إن حكومة غواتيمالا «اختارت الوقوف على الجانب الخطأ من التاريخ... إلى جانب انتهاكات القانون الدولي وحقوق الإنسان، واتخاذ خطوة عدائية ضد الشعب الفلسطيني والعالم العربي».
وسنت إسرائيل في عام 1980 قانونا ضمت فيه القدس الشرقية، وأعلنتها عاصمتها «الأبدية الموحدة»، في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي ولا منظمة الأمم المتحدة، التي تعترف بالقدس الشرقية كأرض محتلة، تخضع لبنود معاهدة جنيف الرابعة، وترفض بذلك الاعتراف بـ«السيادة الإسرائيلية» عليها.
واعتبر البعض قرار موراليس، وهو مسيحي إنجيلي درس إدارة الأعمال وعلم اللاهوت، بنقل السفارة أنه جاء نتيجة تأثره بمعتقداته الدينية الإنجيلية، التي تعتبر أن قيام اليهود ببناء هيكلهم في المدينة المقدسة سيسهل عودة المسيح، بينما رأى آخرون أن قرار موراليس هو لفتة للحصول على دعم من الولايات المتحدة.
وكانت غواتيمالا قد أقرّت الخميس الماضي قانونا يُحدّد 14 من مايو (أيار) يوما للاحتفال السنوي «بالصداقة مع إسرائيل»، ويتزامن هذا التاريخ مع احتفال تل أبيب بقيام دولة إسرائيل في 14 من مايو 1948.
من جهتها، نددت الحكومة الأردنية أمس بقرار حكومة غواتيمالا نقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني القول إن «قرار حكومة غواتيمالا بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، يعتبر انتهاكا صارخا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وخصوصا القرار الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي نص على رفض اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل».
وأضاف المومني موضحا أن «قرار حكومة غواتيمالا غير مسؤول، ومن شأنه أن يذكي أعمال العنف في المنطقة، ويشجع إسرائيل على المضي بخرق القانون الدولي».
مشددا على أن «الأحرى بدول العالم المحبة للسلام أن تدعم حل الدولتين، الذي توافقت عليه الشرعية الدولية، والذي يوجب قيــام الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، وعــاصمتها القدس الشرقية».