المرشحة لمنصب قيادة «سي آي إيه» تصمد أمام الكونغرس خلال مسـاءلتها

عمّ الاضطراب في بداية جلسة لجنة شؤون الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي، أمس (الأربعاء)، للاستماع لشهادة مرشحة الرئيس دونالد ترمب لقيادة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). وأدت مقاطعة الكثير من الحضور لمجريات الجلسة إلى تحويلها إلى ساحة محتدمة مع المعارضين لتعيينها في هذا المنصب. ودافعت جينا هاسبل عن تاريخها ومواقفها وأدائها الوظيفي والقيادي في وجه الأسئلة الحادة التي طرحها الأعضاء الديمقراطيون في اللجنة. وقالت هاسبل، إنها لن تستأنف برنامج احتجاز واستجواب مثير للجدل بدأ العمل به بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وذلك وفقا لمقتطفات من شهادتها أمام الكونغرس. وقالت: «يمكنني أن أقدم لكم التزامي الشخصي بوضوح ودون تحفظ بأن (سي آي إيه) تحت قيادتي لن تستأنف العمل ببرنامج احتجاز واستجواب من هذا القبيل». وأدت الاضطرابات إلى إلقاء القبض على مجموعة من المتظاهرين الذين هتفوا «التعذيب منافٍ للأخلاق».
وقالت هاسبل في كلمتها الافتتاحية «أنا إنسانة عادية كغيري من الأميركيات اللائي يميزن بين الخطأ والصواب، وحب الوطن، ولا أملك أي حساب على شبكات التواصل الاجتماعي»، وتابعت، إنها عاشت حياتها في قواعد عسكرية أميركية حول العالم بسبب عمل أبيها في الجهاز العسكري الذي أعطاها خبرة واطلاعاً على موقع أميركا في العالم والأخطار المحدقة بها.
وتساءل السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، زعيم الأقلية الديمقراطية، عما إذا كانت هاسبل ستتمكن من التعبير عن رأيها صراحة للرئيس دونالد ترمب. قلق وارنر يعبّر عن قلق الكثير من المعارضين لهاسبل، حيث يركز على مقدرتها التصدي لأوامر غير أخلاقية أو غير قانونية إذا ما واجهت مثل ذلك الوضع، وبخاصة أن هناك شكاً من قبل الديمقراطيين باحتمال طلب ترمب من مدير الوكالة العودة إلى تبني أساليب «استجواب محسنة». وأكد وارنر، أن تلك الأساليب لا ترقى إلى القيم الأميركية قائلاً: «ما رأيك تجاه معاملة المعتقلين بأساليب مشابهة لما قامت به وكالة الاستخبارات الأميركية سابقاً، بتبني أساليب الاستجواب المحسنة، حتى وإن كانت تلك المعاملة مسموحة قانونياً؟»، وتابع بسؤاله إلى هاسبل «هل تعتقدين أن تلك المعاملة تتوافق مع القيم الأميركية التي نعتز بها؟»، أجابت هاسبل بأنها على استعداد لرفض أي أوامر تعارض قيمها الأخلاقية بشأن تبني أساليب الاستجواب المحسنة «لقد استفدنا من انقضاء سنين طويلة على أحداث 11 سبتمبر، حيث قمنا كدولة بمناقشة أساليب الاستجواب المحسنة، واتفقنا كمجتمع على أن نحافظ على مبادئنا الأخلاقية العليا، وعدم استخدام مثل تلك الأساليب».
وأكدت هاسبل في رد لسؤال طرحه السيناتور مارتن هاينريش الديمقراطي، أنها لا تعتقد بأن عمليات الاستجواب تقع في الأساس من ضمن مسؤوليات الوكالة، وأنها في حال التصديق عليها لقيادة الوكالة فلن تسمح بإجراء عمليات استجواب «هناك فرق بين الاستجواب وطرح أسئلة، فهناك جهات مختصة في الجيش الأميركي التي لديها خبرات في إجراء عمليات الاستجواب».
والتزمت هاسبل بالحقائق في مواجهة سيل الاتهامات حول دورها في الإشراف على «موقع أسود» في تايلاند قام فيه وكلاء «سي آي إيه»، في عام 2002، باستجواب متهمين ضلعوا في نشاطات إرهابية، في حقبة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، باستخدام ما كان يعرف باسم «أساليب الاستجواب المحسنة». وقالت هاسبل بذلك الخصوص «أريد أن أكون واضحة، أقدم لك التزامي الشخصي، بوضوح ومن دون تحفظ، بعد تجربتي في الخدمة في (مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر) المضطربة، أنه لن تقوم وكالة الاستخبارات المركزية بإعادة تشغيل برنامج الاحتجاز والاستجواب تحت قيادتي».
وقال البيت الأبيض في بيان يدافع فيه عن هاسبل «إنها خبيرة في الاستخبارات، وضليعة بأمور الأمن قومي، وتتبع القانون بما ينص عليه، وأنها أظهرت مقدرة عملية على القيادة في مواقف صعبة للغاية». وجاء في البيان كذلك، إن هاسبل لديها «خبرة مهنية لا تشوبها شائبة»، بعد أن خدمت أكثر من 30 عاماً «على أعلى مستويات (سي آي إيه)»، وتؤكد المذكرة أنها رائدة في «أخلاقيات العمل القوية والفطرة السليمة».
وقد ذكرت السيناتور الديمقراطية سوزان فاينستاين، أن هذه الجلسة هي الأصعب عبر العشرين سنة الماضية؛ لأنها معجبة بهاسبل على مستوى شخصي، لكن من الصعب عليها الوصول إلى قرار بأحقيتها بالوظيفة من دون المعلومات التي طلبتها اللجنة من الوكالة.
وفي تحقيق إخباري نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، يوم أول من أمس، لم يلق الكثير من الاهتمام، بسبب إعلان ترمب سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، قالت: إن العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر الإرهابية على الولايات المتحدة الذي قُبض عليه في مارس (آذار) 2003 وتعرض لأساليب الاستجواب المحسنة من قبل «سي آي إيه»، قد طلب هذا الأسبوع من قاض عسكري في قاعدة غوانتانامو السماح له بإرسال معلومات مكتوبة في ست فقرات حول هاسبل إلى لجنة شؤون الاستخبارات. وبناءً على الصحيفة، من غير المعروف ما إذا كانت هاسبل متورطة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في إخضاع خالد شيخ محمد لعمليات الاستجواب المحسنة. وجاء فيها، إن شيخ محمد كان في سجون سرية تابعة للوكالة في أفغانستان وبولندا. وقالت لجنة شؤون الاستخبارات في مجلس الشيوخ في تقرير أعقب عملية أسره، إن شيخ محمد تعرض للإيهام بالغرق، وتم تجريده من ملابسه، وصب الماء عليه، وصفعه، ودفعه إلى الجدار، وغيرها من الإجراءات التي سمحت وزارة العدل الأميركية بها في تلك المرحلة.
وهاسبل هي أول امرأة ترشح للمنصب الأمني الحساس على مدى الـ53 عاماً هي عمر الوكالة الاستخباراتية المعنية باستباق الأخطار المحدقة بالولايات المتحدة، لتحقيق أهداف الأمن القومي الأميركي. وتنتهج الوكالة العمليات السرية من خلال العملاء السريين والمصادر العامة لجمع المعلومات وتحليلها، وتقييم المصادر وتقديم الاستنتاجات وطرح الخيارات بحسب توجيهات الرئيس.
وسوف تصوّت اللجنة على موقفها من ترشيح هاسبل الأسبوع المقبل، ومن ثم إرسال ترشيحها إلى مجلس الشيوخ للتصويت العام من قبل جميع أعضائه. وينقسم المجلس بين الجمهوريين 51 مقابل 49 ديمقراطياً. وكان الجمهوري راند بول قد أعلن أنه سوف يصوت ضد هاسبل، ولم يعلن السيناتور جبف فليك الجمهوري تأيده لهاسبل حتى الآن؛ مما يقلص من فرص التصديق عليها. وتحتاج هاسبل إلى 51 صوتاً لتحصل على التصديق؛ مما يدفع البيت الأبيض إلى السعي للحصول على تأييد أعضاء ديمقراطيين لإنجاح ترشيحها.