لا يوجد أي مبلغ من المال يبرر بيع «ويمبلي» الرمز التاريخي للكرة الإنجليزية

فور إعلان الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أنه يفكر في بيع ملعب ويمبلي الشهير مقابل 600 مليون جنيه إسترليني للملياردير الأميركي شهيد خان الذي يمتلك نادي جاكسونفيل جاجوارز المنافس في دوري كرة القدم الأميركية، تساءل كثيرون بكل صراحة عما إذا كان المبلغ المعروض كافيا لإتمام مثل هذه الصفقة. وبالنسبة للأشخاص الذين يعتقدون أن هذا العرض ضئيل جداً وأنه لا يوجد أي مبلغ من المال يبرر بيع هذا الرمز التاريخي لرجل أعمال أميركي، فإن السؤال الذي يمكن طرحه هو: كيف يمكن للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أن يبرر بيع الاستاد بأقل من الـ757 مليون جنيه إسترليني التي أنفقت على بنائه؟
وتتمثل الإجابة ببساطة في أن مكاناً فريداً من نوعه مثل ويمبلي يستحق أي مبلغ يُدفع مقابل الحصول عليه. ويجب الإشارة إلى أن هذا العرض المقدم من خان، الذي يريد أن يكون ويمبلي هو الملعب الذي تقام عليه مباريات فريقه جاكسونفيل جاجوارز، هو العرض الأول. وقال رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، غريغ كلارك، في رسالته إلى مجلس الاتحاد الإنجليزي للتأكيد على وجود المفاوضات إن إحدى شركات الاستشارات المالية - والتي يُعتقد أنها شركة روتشيلد، ستنظر فيما إذا كان مبلغ الـ600 مليون جنيه إسترليني سعرا عادلا للصفقة أم لا. وعلاوة على ذلك، لا يوجد اتفاق حصري لإتمام هذه الصفقة مع خان، وبالتالي فإذا كانت هناك جهات أخرى مهتمة بشراء ملعب ويمبلي، فيمكنها بالتأكيد التقدم بالعروض الخاصة بها.
ويمكن استخلاص وجهة نظر أخرى من إعادة الحديث عن قصة إعادة بناء ملعب ويمبلي، التي تولاها الاتحاد الإنجليزي عندما رفضت الجمعية الأولمبية البريطانية الحل المقترح لبناء مضمار جري مكان كتل خرسانية قابلة للإزالة. وفي الأصل، حصل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم على قرض بقيمة 426 مليون جنيه إسترليني من عدة بنوك بقيادة بنك «ويست إل بي»، ودفع في النهاية 493 مليون جنيه إسترليني لشركة «مالتيبليكس» الأسترالية، التي وافقت على إعادة بناء ملعب ويمبلي مقابل سعر محدد. وتكبدت الشركة الأسترالية خسارة كبيرة بعدما ارتفعت التكلفة إلى 757 مليون جنيه إسترليني، وكان الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم قد اقترض أقل من ذلك بكثير من أجل الاستحواذ على الملعب في عام 2007.
وفي السنة التالية، أعاد الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم تمويل مبلغ الـ341.5 مليون جنيه إسترليني المستحق عليه من القرض الأصلي، مما أدى إلى انخفاض مدفوعات الفائدة السنوية بمقدار أربعة ملايين جنيه إسترليني، من 31 مليون جنيه إسترليني إلى 27 مليون جنيه إسترليني خلال تلك السنة. ويشير بعض المسؤولين الكبار في الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم إلى معاناتهم أثناء نقل مكاتب الاتحاد إلى الممرات الدائرية الجديدة في ويمبلي، والجهود الكبيرة التي بذلت من أجل تقليل الديون إلى 140 مليون جنيه إسترليني الآن، وتساءلوا عن الهدف من فكرة بيع الملعب بعد كل هذه المعاناة.
ومع ذلك، فإن أولئك الذين يفكرون جدياً في البيع يقولون إنه في مقابل التكاليف المتراكمة لكل الفوائد ورأس المال المستحق فإن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم قد حقق مكاسب كبيرة خلال تلك الفترة أيضا من خلال تذاكر حضور المباريات - التي انتقدها المشجعون ووصفوها بأنها أسعار مبالغ فيها منذ البداية. ويؤكد الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم على أنه سيحصل على أموال ضخمة يستخدمها في هدفه الأساسي المتمثل في تحسين القواعد الشعبية للعبة، مع الاستمرار في إقامة مباريات المنتخب الإنجليزي ومباريات الدور نصف النهائي والنهائي لكأس الاتحاد الإنجليزي على ملعب ويمبلي.
وقد أنشأت مؤسسة كرة القدم في إنجلترا عام 2000 لإدارة الاستثمارات المتوقعة من الحصول على خمسة في المائة من عائدات البث التلفزيوني للدوري الإنجليزي الممتاز - مساهمتها الحالية التي تصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني سنويا في المرافق والمشروعات ليست خمسة في المائة كما كان مخططا له، وكتبت المؤسسة آنذاك تقريرا عن الخسائر التي تحققت آنذاك. ووجدت المراجعة أن سنوات نقص الاستثمار، والتي كان معظمها في ظل حكومة المحافظين خلال الفترة بين عامي 1979 و1997 التي خفضت التمويل للسلطات المحلية، قد أدت إلى سوء الأحوال في كل مكان وفي غرف تغيير الملابس، وأشارت المراجعة إلى أن إصلاح هذه المنشآت السيئة بحاجة إلى ملياري جنيه إسترليني.
وقدمت المؤسسة ملايين الجنيهات كمنح إلى الأندية وعملت في شراكة مع السلطات المحلية منذ ذلك الحين، لكن غالبية لاعبي كرة القدم الشباب والهواة ما زالوا يعانون من نفس الأحوال السيئة. وقال كلارك في رسالته إن واحدا من كل ثلاثة ملاعب عشبية على مستوى البلاد يعتبر غير مؤهل للعب عليه. وفي الحقيقة، ربما يكون ذلك سببا للعار أكثر من فكرة بيع ملعب ويمبلي نفسها.
تأتي هذه التطورات في الوقت الذي قال فيه شهيد خان المرشح المحتمل لامتلاك استاد ويمبلي إن عملية الشراء ستعزز هدف إنجلترا في إحراز لقب كأس العالم وأكد أن الملعب العريق سيواصل استضافة مباريات كرة القدم الإنجليزية وفقا للعرض الحالي. ووفقا لهذه الخطة فإن الاتحاد الإنجليزي سيواصل استخدام استاد ويمبلي لاستضافة مباريات المنتخب الوطني والمباريات النهائية للكأس وقال خان إن اسم الملعب لن يتغير. وأبلغ خان هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) «ويمبلي هو أساس ومهد كرة القدم الإنجليزية. سنرحب كثيرا بإقامة مباريات إنجلترا ونهائيات الكأس على ويمبلي».
وأضاف أن الاتحاد الإنجليزي «سيملك مبلغا ضخما يبلغ نحو 600 مليون جنيه إسترليني يمكن استثمارها في المهمة الرئيسية للاتحاد الإنجليزي وتحقيق هدف كرة القدم الإنجليزية بإحراز لقب كأس العالم». وتبلغ سعة استاد ويمبلي 90 ألف متفرج وتم افتتاحه في 2007 بعد إعادة تشييده في نفس مكان الملعب الذي شهد فوز إنجلترا بكأس العالم 1966.
جدير بالذكر أن روي هودجسون مدرب منتخب إنجلترا السابق كان قد أعلن تأييده قرار الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ببيع استاد ويمبلي اللندني الشهير لكنه تمنى أن يظل الاستاد مقرا لاستضافة مباريات منتخب إنجلترا للعبة الشعبية. وقال هودجسون، الذي درب منتخب إنجلترا من 2012 إلى 2016 إنه يتمنى أن يتخذ الاتحاد القرار الأفضل لصالح كرة القدم الإنجليزية.
وأضاف في تعليق بثته شبكة سكاي سبورتس: «أعتقد أنه ما دام الاتحاد توصل لاتفاق فإن ذلك يستند إلى أسباب وجيهة. يرى الاتحاد أن الأموال التي سيجنيها من الصفقة ستكون مفيدة وستنفق بطريقة حكيمة وتصب في صالح كرة القدم الإنجليزية... أتمنى أن تظل مباريات منتخب إنجلترا تقام على ملعب ويمبلي». وأوضح «كل ما أستطيع أن أقوله هو أنني من الداعمين بقوة أن يظل ويمبلي هو ملعب منتخب إنجلترا لكنني أثق كثيرا في أن مسؤولي الاتحاد الإنجليزي لا يتخذون قرارات متسرعة. وإذا كانوا يعتقدون أنه اتفاق جيد فسأقف إلى جانبهم».
لكن كارلوس كارفالياو مدرب سوانزي سيتي عارض الصفقة. وقال: «من وجهة نظري فإن الآثار التاريخية لا يمكن بيعها. فإذا بيع ويمبلي ألا يمكن أن تفكر بعدها في بيع ساعة بيغ بن أو قصر باكنغهام؟ من وجهة نظري فإن ويمبلي صرح تاريخي ولا يمكن بيع الآثار. من وجهة نظري هذه ثقافة وحضارة... لا تباع».