تونس: كبرى نقابات رجال الأمن تقرر مقاطعة الانتخابات البلدية

أكد محمد التليلي المنصري، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، استعداد نقابتين أمنيتين للمشاركة في الانتخابات البلدية التونسية، فيما عبرت النقابة التونسية لقوى الأمن الداخلي، التي تضم العدد الأكبر من رجال الأمن، عن مقاطعتها للاستحقاق الانتخابي.
وقال المنصري إن من حق النقابة الأمنية عدم المشاركة في الانتخابات، طالما أن التصويت غير إجباري، وفق ما ينص عليه القانون الانتخابي. مشيرا إلى أن الهيئة استدعت النقابات الثلاث، وتحاورت مع قياداتها حول المشاركة في الانتخابات، التي تشمل الأمن والجيش لأول مرة. كما أبرز أن الهيئة طالبت نقابة أمنية بالتراجع عن موقفها الداعي لمقاطعة المشاركة في الانتخابات البلدية، ووعدت بتصحيح الاختلالات المرتبطة بحقوق رجال الأمن والعسكر في ثاني محطة انتخابية مقبلة.
وتجرى الانتخابات البلدية في تونس على دفعتين: الأولى في 29 من أبريل (نيسان) الحالي، وهي موجهة لرجال الأمن والعسكر، فيما ستكون الدفعة الثانية في السادس من مايو (أيار) المقبل، وستكون مخصصة للناخبين المدنيين. وسيمنع في يوم الانتخاب تصوير الأمنيين والعسكريين في مكاتب الاقتراع بوجوه مكشوفة، كما تمنع مؤسسات سبر الآراء من سؤالهم عن القائمة التي صوتوا لها.
وكانت النقابة التونسية لقوى الأمن الداخلي قد دعت منخرطيها، الذين يمثّلون غالبية ناخبي قوات الأمن والجيش المسجلين في قوائم الانتخابات البلدية، إلى عدم المشاركة في التصويت، وبررت هذه الدعوة بحرمان عناصر الأمن والجيش من حق حضور الاجتماعات التي ينظمها المرشحون والتعرف على برامجهم، وتمكينهم من حقوق انتخابية كاملة. ويقدر عدد المنخرطين في النقابة التونسية لقوى الأمن الداخلي بنحو 64 ألفاً (تشمل رجال الأمن والحراس وموظفي السجون)، وحسب تقديرات رسمية، فإن عدد عناصر الأمن والجيش يبلغ نحو 100 ألف شخص؛ لكن لم يقبل على مراكز التسجيل في القوائم الانتخابية سوى 36 ألف أمني وعسكري فقط.
وسن القانون الانتخابي في تونس عقوبات تصل إلى حدّ الفصل من العمل في حال مشاركة أحد عناصر الأمن أو الجيش في اجتماع مع مرشحين، يمثلون أحزاباً سياسية أو مسجلين في القوائم الانتخابية، سواء كانت ائتلافية أو مستقلة. كما أن عناصر قوات الأمن والجيش لن يستعملوا «الحبر الانتخابي» في مراكز الاقتراع، خلافاً للمدنيين، وذلك لتحقيق «غايات أمنية»، كما أُعلن رسمياً.
على صعيد غير متصل، دعا رياض الشعيبي، رئيس حزب «البناء الوطني» المعارض كل المنظمات الموقعة على «وثيقة قرطاج»، التي انبثقت عنها حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد، إلى الانسحاب من اتفاق قرطاج من أجل «رفع الغطاء عن سياسات الحكومة الفاشلة، والتموقع حيث الخيارات الوطنية والاجتماعية» على حد تعبيره. وتزامنت هذه الدعوة مع إعلان اتحاد الشغل (نقابة العمال) عن انسحابه من مشاورات لجنة الخبراء، المدعوة لوضع خريطة طريق أمام حكومة الشاهد، وذلك بسبب خلافات حادة حول الملفات الاجتماعية، وخاصة ما يتعلق بالزيادات في الأسعار، وتجميد الأجور، وتقليص التوظيف في القطاع العام، وتفويت بعض المؤسسات العمومية لفائدة القطاع الخاص. ومن المنتظر أن يزيد هذا الانسحاب من حدة التوتر والاحتقان، الذي طبع علاقة الاتحاد بالحكومة خلال الشهور الماضية.
وتشمل قائمة المنظمات التي دعاها حزب البناء إلى الانسحاب: «الاتحاد العام التونسي للشغل» (نقابة العمال)، و«الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة» (مجمع رجال الأعمال)، و«الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري» (نقابة الفلاحين)، بالإضافة إلى «الاتحاد الوطني للمرأة التونسية» (منظمة نسائية مستقلة). وفي هذا السياق، قال الشعيبي لـ«الشرق الأوسط»، إن المعركة في تونس «موجهة ضد السياسات الليبرالية المجحفة في استخدام السلطة، وهي تستدعي تجميع كل القوى الحية، أحزابا ومنظمات، لخوضها في صف واحد، وذلك بتعميق الوعي الشعبي بخطورتها، والنضال الميداني ضد أي محاولة لفرضها بالقوة»، في إشارة إلى «الإصلاحات الاقتصادية الكبرى»، التي بدأت الحكومة في تنفيذها، تلبية لتوصيات صندوق النقد الدولي.
وحمل الشعيبي حكومة الشاهد مسؤولية الأزمة التي يعيشها قطاع التعليم، واستمرار حجب أعداد الامتحانات عن الإدارة، في سابقة تعد الأولى من نوعها في تونس.