إقبال قياسي على الأصول الروسية في «أسبوع الأزمة»

قال وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، إن المستثمرين الخارجيين، لا سيما الأميركيين، ما زالوا يظهرون اهتماماً خاصاً بالسوق الروسية، على الرغم من التعقيدات التي تشهدها السوق من حين لآخر. وكشفت معطيات صندوق «إي بي إف آر» (EPFR) لمراقبة تدفقات الاستثمارات عن زيادة إقبال المستثمرين، الأسبوع الماضي، على الأصول المتصلة بالصناديق الروسية، الذين وجدوا في الهبوط الحاد لمؤشرات السوق الروسية والروبل فرصة مناسبة للشراء بأسعار متدنية. وكانت هذه المسائل مجتمعة ضمن المواضيع الرئيسية التي بحثها وزير المالية الروسي، خلال اليومين الماضيين، مع رجال أعمال ومسؤولين ماليين غربيين في واشنطن، على هامش مشاركته في أعمال الدورة الربيعية لاجتماع مؤسسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وكان وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف قد أجرى سلسلة لقاءات في واشنطن، خلال اليومين الماضين، مع كبار المسؤولين الماليين ووزراء مالية دول أوروبية، وأجرى كذلك محادثات مع نظيره الأميركي ستيفن مينوتشين، بحثا خلالها العقوبات والأزمة الكورية والوضع في سوريا وأوكرانيا، باعتبارها أزمات سياسية تؤثر سلباً على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتشكل أحد أسباب فرض الولايات المتحدة عقوبات ضد قطاعات حساسة في الاقتصاد الروسي، بما في ذلك حزمة العقوبات الأخيرة، مطلع أبريل (نيسان) الحالي، التي تسببت بتراجع سعر الروبل، وهبوط معظم مؤشرات السوق الروسية، وتهاوي أسهم الشركات الروسية في السوقين المحلية والعالمية، وخسارة كبار رجال الأعمال الروس نحو 16 ملياراً من ثرواتهم في يوم واحد. وكانت شركة «روسال» للألمنيوم من أكبر المتضررين، ولم يستبعد وزير المالية الروسي أن تلجأ الحكومة إلى مساعدة هذه الشركة عبر تأميمها.
وفي أعقاب اللقاءات في واشنطن، أكد سيلوانوف للصحافيين أنه لمس اهتماماً بالاستثمارات في روسيا، وقال إن «المستثمرين الأميركيين أبدوا اهتماماً بالوضع في روسيا، والعقوبات وكيف سنرد عليها، وكيف يمكن التعاون مع الشركات التي طالتها العقوبات، وكيف سنبني سياستنا المالية وسياسة الميزانية، بما في ذلك في مجال الديون، في ظل الظروف الراهنة».
وفي إجاباته عن كل تلك التساؤلات، كان الوزير الروسي حريصاً في البداية على طمأنة المستثمرين بأن الروبل الروسي سيستعيد قيمته، في حال لم تفرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة، وأن العقوبات لن تشمل سندات الدين العام الروسي، وأشار إلى توافق وجهات النظر في هذا الصدد مع وزير المالية الأميركي، من أن «فرض عقوبات على الدين العام الروسي سيكون له تداعيات ليس على روسيا فحسب، بل وعلى المستثمرين الأجانب الذين يعملون بنجاح مع السندات الروسية، وتزيد نسبة مساهمتهم فيها عن 34 في المائة».
وقال سيلوانوف إن وزارة المالية تصدر سندات الدين العام فقط لتحافظ على وجودها في السوق الخارجية، وأكد أنه حتى لو أقرت الولايات المتحدة مثل تلك العقوبات، واضطرت روسيا للخروج من سوق سندات الـ«يوربوند»، فإنها لن تواجه مشكلة في ذلك، وستعتمد على المصارف والمستثمرين المحليين لتمويل السندات.
ومقابل التأثير السلبي للوضع الجيوسياسي، وتوتر العلاقات مع الغرب، على الاقتصاد الروسي، يشكل انتعاش أسواق النفط «وسادة أمان» تساعد روسيا على امتصاص تلك الصدمات، والتخفيف من تداعياتها إلى أدنى مستوى. وأكد سيلوانوف أن وزارة المالية باشرت بإعداد تعديلات على قانون الميزانية للعام الحالي 2018، تنص على زيادة محدودة للإنفاق، مقارنة بالحجم المقرر سابقاً، وعبر عن قناعته بأنه إذا حافظت أسعار النفط على مستوياتها الحالية، يتوقع أن ينتهي العام بفائض ميزانية نحو 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وستتمكن المالية الروسية من زيادة مدخرات صندوق الرفاه الوطني (صندوق الاحتياطي الوحيد المتبقي، بعد إنفاق مدخرات صندوق الاحتياطي).
إلى ذلك، كشف تقرير صادر عن «إي بي إف آر» (Emerging Portfolio Fund Research) اهتماماً متزايداً من جانب المستثمرين بالسوق الروسية خلال الأسبوع الماضي، أي عندما هبطت غالبية مؤشرات السوق والأسهم بسبب العقوبات الأميركية. وأشارت دراسة أعدتها صحيفة «كوميرسانت» إلى أن الأصول المتصلة بالسوق الروسية جذبت خلال «أسبوع أزمة العقوبات»، في أبريل الحالي، استثمارات قياسية منذ فبراير (شباط) 2017، وزادت على 215 مليون دولار. وأظهر المستثمرون نشاطاً متزايداً في السوق الروسية على الفور، بعد إعلان الولايات المتحدة عن فرض عقوبات جديدة في 8 أبريل، طالت 38 شخصية روسية اعتبارية وطبيعية. ويقول محللون اقتصاديون إن اهتمام المستثمرين خلال الأزمة بالسندات بالروبل الروسي يعود إلى اعتقاد بأن تلك الأصول ستعود مجدداً للارتفاع، تحت تأثير التوجه الإيجابي في سوق النفط.