20 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والبرازيل

أكد المنتدى الاقتصادي العربي البرازيلي ضرورة تعزيز أواصر التعاون العربي البرازيلي على مختلف الأصعدة والمجالات، وفي مقدمها تنمية العلاقات الاقتصادية وتعزيز التبادل التجاري، الذي وصل إلى 20 مليار دولار خلال العام الماضي.
وتحدث الرئيس البرازيلي ميشال تامر، من أصل لبناني، في المنتدى الذي أقيم مؤخراً في مدينة ساو باولو العاصمة البرازيلية مؤخراً، مشيراً إلى العمق التاريخي للعلاقات التي تجمع بين العالم العربي وبين البرازيل، معرباً عن رغبته زيارة الدول العربية قريباً. وتحدث عن تجربته الناجحة في الحكومة البرازيلية عبر دعم حكومته للطبقات الفقيرة ضمن مفهوم المسؤولية العائلية.
وعن العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، قال تامر: «على الرغم من زيادة التبادل التجاري بين البرازيل وبين العالم العربي إلى 20 مليار دولار خلال العام الماضي، إلا أنه يتوجب علينا العمل يداً بيد في المرحلة المقبلة، لفتح مجالات واسعة للاستثمار والتعاون المشترك فيما بيننا، حيث إن الفترة المقبلة ستشهد تذليل كافة العقبات أمام تقدّم وازدهار علاقاتنا مع العالم العربي على مختلف المستويات».
وخلال بيان صحافي، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أمس، تخلل المنتدى كلمة لإبراهيم الزبن، سفير فلسطين بالبرازيل وعميد السلك الدبلوماسي العربي، شدد خلالها على ضرورة تخفيف وطأة الإجراءات البيروقراطية التي تعيق دخول المنتجات العربية إلى السوق البرازيلية، مطالباً البرازيل بدعم الدول العربية، التي ترغب في الانضمام إلى تجمع «الميركسور»، بما للبرازيل من دور مؤثر في اتخاذ القرار داخل دول التجمع.
وتخللت المنتدى، جلسات «بناء المستقبل»، وسلسلة محاضرات حملت عنوان «سيناريوهات اقتصادية... البرازيل والدول العربية»، تلتها جلسات نقاشية تناولت العديد من الموضوعات، أبرزها التكنولوجيا والابتكار، وتحقيق الأمن الغذائي وزيادة التبادل في قطاع الحلال، حيث يعتبر العالم العربي مستهلكاً كبيراً لمنتجات الحلال، سواء كانت مواد غذائية أو تجميلية، في حين تعتبر البرازيل أكبر مصدر للمواد الغذائية إلى الدول العربية.
وتحدث المشاركون في الجلسات النقاشية عن وضع الاستثمارات ورصد الفرص الحالية والمستقبلية بين المؤسسات والشركات العربية والبرازيلية، خصوصاً أن البرازيل استقطبت نحو 700 مليار دولار كاستثمارات أجنبية تراكمية. وشهد الحدث أيضاً مناقشات حول الطاقة المتجددة والاستدامة، حيث عرضت البرازيل خبراتها الواسعة في هذا المجال، مشيرة إلى أن 68 في المائة من الطاقة المستهلكة في مدينة ساو باولو هي من الطاقة المتجددة.
وناقش المنتدى أيضاً استراتيجيات التعاون العربي البرازيلي، مع التركيز على الاستثمار والسياحة، خصوصاً أن العالم العربي يمثل الشريك التجاري الرابع للبرازيل. وأشار المجتمعون إلى ضرورة إنشاء بنك عربي - برازيلي برأس مال كبير يلبي احتياجات الأسواق المتزايدة بين الثنائي، إضافة إلى تطوير الصناعات البيولوجية والهندسية المشتركة، وتحسين قطاع النقل بما يخدم التجارة البينية بين العالمين، فضلاً عن إقامة المشاريع الاستثمارية العملاقة في مختلف المجالات كالصناعات الثقيلة والتكنولوجيا والخدمات اللوجيستية والطاقة المتجددة.
كما جرى مؤخراً إدراج الدول العربية كمحور استراتيجي للبرازيل من خلال أمانة عامة تابعة لرئاسة الجمهورية، تعمل على تعزيز شراكة استراتيجية تشمل المجال السياسي والاقتصادي. وكشف المنتدى عن أن البحث جارٍ لإنشاء هيئة للاستثمار تعمل على تعزيز التعاون بين البرازيل وبين مختلف الدول العربية في المجالات الاستثمارية المختلفة.
وأكد المنتدى أن الفترة المقبلة ستشهد الكثير من التعاون، خصوصاً في ظل تعافي الاقتصاد البرازيلي الذي أصبح اليوم سادس أكبر اقتصاد عالمي، مؤكدين أن العلاقة بين العالم العربي وبين البرازيل هي علاقة متينة، تكاملية وليست تنافسية. وخلص المجتمعون إلى أهمية تعزيز ومواصلة النمو المتسارع في العام الحالي والأعوام المقبلة، مع توصيات بضرورة استكمال هذه المسيرة من التعاون المثمر بين كافة الأطراف في البلدان العربية والبرازيل، لتعزيز العلاقات التجارية والتبادل الثقافي والسياحي والتكنولوجي بشكل أكبر.
وفي كلمته التي ألقاها خلال جلسة «الإعلام الاجتماعي والصحافة والسياحة في العالم العربي»، قال نضال أبو زكي، مدير عام «مجموعة أورينت بلانيت»: «تعتبر إدارة سمعة الدول عملية مستمرة تحتاج إلى جهود متراكمة لتحقيق أهدافها، فهي تشكل أحد أهم المفاهيم الحديثة لصناعة صورة ذهنية إيجابية وقوية للدول، بما يدعم خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية». وأضاف: «يحتّم ذلك على دولنا العربية ضرورة القيام بخطوات جدّية ومدروسة تساعد في تحسين صورتها المطبوعة في أذهان المجتمعات الأجنبية، بهدف استقطاب السياح حتى يصبحوا سفراء لها، وجذب المزيد منهم».
وتطرّق خلال الجلسة إلى موضوع السياحة في العالم العربي، الذي بات 42 في المائة من سكانه يستخدمون الإنترنت بشكل دائم، مما أثّر إيجاباً على نظرة المجتمعات الغربية له، وذلك بحضور نخبة من المسؤولين وممثلي الجهات الحكومية والخاصة والخبراء والمختصّين ورواد الأعمال.
وأشار أبو زكي إلى أهمية التركيز على تطوير اللغة العربية لدى 15 مليون برازيلي من أصل عربي من أبناء الجيلين الثاني والثالث، الذين يتبوأ معظمهم مراكز إدارية ودبلوماسية مرموقة، ليشكلوا بدورهم جسوراً متينة، تعزز الترابط الحضاري والثقافي والاقتصادي والتاريخي بين العالم العربي وبين البرازيل. كما تطرق إلى أهمية المنتدى كفرصة سانحة لتنمية تلك العلاقات، وتعزيز التعاون لتحقيق نهضة شاملة ومستدامة في شتّى المجالات الاقتصادية والتجارية.