آيرلندا الشمالية تحتفل بالذكرى العشرين لاتفاق السلام

انهيار حكومة تقاسم السلطة في آيرلندا الشمالية بين الوحدويين البريطانيين والجمهوريين الآيرلنديين قبل عام، ترك فراغاً سياسياً أمس في الذكرى العشرين لاتفاق السلام الذي وضع حداً للعنف الطائفي في هذا الإقليم التابع لبريطانيا. لم تكن هناك أمس حكومة محلية لاستقبال الزعماء السياسيين، الذين حضروا من بريطانيا وجمهورية آيرلندا والولايات المتحدة، من أجل الاحتفال بذكرى اتفاق «الجمعة العظيمة» في عام 1998، الذي وضع حدا لأزمة الصراع العنيف بين القوميين الكاثوليك المطالبين بتوحيد آيرلندا وبين البروتستانت الموالين للارتباط مع بريطانيا. ورغم المشكلة بين الطرفين فقد أحيا القادة، الذين توسطوا في اتفاق آيرلندا الشمالية عام 1998، الذكرى أمس الثلاثاء، محذرين من أن تفاقم الانقسام السياسي وانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يسببان مخاطر جديدة للمنطقة.
ومن بين المشاركين في فعاليات إحياء الذكرى في بلفاست رئيس الوزراء الآيرلندي في وقت توقيع الاتفاقية برتي أهيرن ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. ولعب كل من الرجلين دورا كبيرا في التوسط لعقد الاتفاقية التي أدت إلى تقاسم السلطة في برلمان آيرلندا الشمالية المحلي. وانضم إليهما الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون لإحياء ذكرى هذا الاتفاق الذي تحقق في العاشر من أبريل (نيسان) عام 1998، ودعا لإنهاء 30 عاماً من العنف الذي راح ضحيته نحو 3600 شخص.
وقال السيناتور الأميركي السابق جورج ميتشل الذي ترأس المحادثات التي أفضت لتوقيع الاتفاق عندما سأله التلفزيون الآيرلندي إن كان خطر العودة للعنف يلوح في الأفق: «علينا أن نكون حذرين للغاية. لا شيء مضمون في الحياة».
وشهدت آيرلندا الشمالية تحولا سريعا بفضل الاتفاق فيما وافق الجيش الجمهوري الآيرلندي المسؤول عن معظم أعمال القتل على التخلي عن أسلحته، فيما وافق الجيش البريطاني على إلغاء نقاط التفتيش المسلحة التابعة له والانسحاب. لكن رغم انتهاء حوادث العنف زاد الانقسام في المشهد السياسي بالمنطقة، الأمر الذي أدى إلى انهيار حكومة تقاسم السلطة للمرة الأولى منذ عقد في يناير (كانون الثاني) 2017. وخيم على الاحتفالات تعليق تقاسم السلطة منذ 15 شهرا بسبب الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في آيرلندا الشمالية حزب «شين فين» الجمهوري، الذي يطمح بتوحيد آيرلندا الشمالية مع جمهورية آيرلندا، و«الحزب الديمقراطي الوحدوي» الموالي لبريطانيا. وقال كلينتون الذي يعد دوره في إبرام اتفاقية السلام عام 1998 من إنجازات فترة حكمه: «ينبغي أن تصبح الحلول الوسط أمرا طيبا لا أن تكون مسبة، وعلى الناخبين أن يكفوا عن معاقبة الناس الذين يتوصلون لهذه الحلول الوسط بل أن يكافئوهم».
وفي كلمة له خلال إحدى فعاليات في جامعة دبلن، حث كلينتون الساسة على إنهاء «حالة الشلل» التي تركت آيرلندا الشمالية بلا حكومة. وحذر من أن شعب آيرلندا الشمالية يمكن أن «يفقد الديمقراطية»، وحث الأحزاب على تسوية الخلاف.
وقال وزير الشؤون الخارجية الآيرلندي تاناسيت سيمون كوفني لهيئة الإذاعة «آر تي إي» إن الحكومتين البريطانية والآيرلندية والأحزاب السياسية في آيرلندا الشمالية عليها «التزام ضخم» تجاه استعادة المجلس التشريعي. وقال إن الحكومة التي تملك السلطة في آيرلندا الشمالية هي «القلب النابض لاتفاقية الجمعة العظيمة»، ومن دونها سيكون لآيرلندا الشمالية صوت أقل في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ومنحت جائزة «حرية المدينة» للرئيس كلينتون والسيناتور الأميركي السابق جورج ميتشل الذي ترأس مفاوضات الاتفاقية في عام 1998.