بعد حادثة كاراغر... هل أثر النقاد على كرة القدم بالسلب؟

استغرق الأمر بعض الوقت لكي تقرر شبكة «سكاي سبورت» الرياضية ما الذي ستفعله مع المحلل التلفزيوني ونجم ليفربول السابق جيمي كاراغر، بعدما بصق على فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً عقب خسارة ليفربول أمام مانشستر يونايتد بهدفين مقابل هدف وحيد في الدوري الإنجليزي الممتاز في المرحلة الثلاثين من المسابقة. وفي الحقيقة، كان من الممكن أن يُشفق المرء على مسؤولي قسم شؤون الأفراد بشبكة «سكاي سبورت» في هذه الأزمة، وربما يكون المسؤولون عن هذا القسم قد شاهدوا مقطع الفيديو الذي يظهر فيه كاراغر وهو يبصق على هذه الفتاة أكثر من مرة قبل اتخاذ القرار اللازم.
وفي نهاية المطاف، أعلنت الشبكة يوم الأربعاء الماضي عن قرارها النهائي، والمتمثل في وقف كاراغر عن عمله كمحلل بالقناة حتى نهاية الموسم الحالي، ثم يعاد مراجعة موقفه مرة أخرى. وجاء هذا القرار بعد خمسة أيام من استفزاز كاراغر من قبل أحد مشجعي مانشستر يونايتد، يدعى آندي هيوز، الذي كان يستقل سيارة مجاورة، وكرر نتيجة المباراة أكثر من مرة قائلاً: «2 - 1. جيمي». وقال هيوز بعد ذلك إن الأمر كان مجرد دعابة ومناكفة لكاراغر. وعند هذه النقطة، كانت هناك خيارات أخرى أمام كاراغر، حيث كان يمكنه الانفجار في البكاء، أو أن يشعر بالحزن في داخله كغيره من جمهور ليفربول العريض، لكنه قرر أن يبصق على الرجل الذي كان يستفزه هو وابنته بجواره بشكل جعله يبدو كالهمجي الذي يتم استفزازه بأقل الكلمات.
أما العملية التي لجأت إليها شبكة «سكاي سبورت» للتعامل مع هذه الأزمة، فكانت طويلة وشاقة، حيث كانت هناك في البداية فترة من الشك وعدم اليقين. وفي النهاية، تم استدعاء كاراغر من ليفربول إلى لندن لحضور اجتماع مع رؤسائه في العمل. ووصلت ذروة هذه المشكلة إلى إعفاء كاراغر من منصبه، لكن هذا الأمر لم يدخل حيز التنفيذ إلا بعدها بأيام قليلة، عندما ظهر غاري نيفيل بمفرده في الاستوديو التحليلي لمباراة ستوك سيتي أمام مانشستر سيتي. وفي اليوم التالي، عاد كاراغر إلى التحليل المباشر على شبكة «سكاي نيوز» ليقدم فقرته المعتادة.
وبدأت المذيعة، التي أجرت معه المقابلة في هذه الفقرة، وهي سارة هيوسون، حديثها بإبلاغه بأنها شخصياً «شعرت بالاشمئزاز» من سلوكه «المشين». ثم طُلب من كاراغر دراسة أفعاله جيداً. وكان أفضل تفسير يمكنه اللجوء إليه يتمثل في أنه قد فعل ذلك في «لحظة جنون»، وبالفعل ظل لبضع دقائق يحاول تقديم تفسير مقنع للأسباب التي دفعته لهذا الجنون، لكنه لم ينجح في ذلك. وبعد ذلك، قررت شبكة «سكاي سبورت» إيقاف كاراغر لمدة طويلة مع التهديد بفرض عقوبة قصوى في الصيف. وظلت الشبكة تتحدث طويلاً حول هذا الأمر لمدة أربعة أيام، ومن المتوقع أن يستمر الحديث وحالة الجدل حول هذا الأمر في المستقبل أيضاً.
وفي الوقت نفسه، اتخذت شبكة «سكاي سبورت» قرار تعليق عمل كاراغر، لكنها تركت كل الخيارات مفتوحة. ومن الممكن أن تكون الشبكة قد استغرقت هذا الوقت الطويل في اتخاذ هذا القرار لأنه كان في واقع الأمر صعباً ومعقداً. ويدرك أي شخص يعمل في وسائل الإعلام بمجال كرة القدم جيداً أن النجومية وصناعتها وتعامل الناس معها هي من صميم هذا العمل الذي هو جزء منه. ويدرك أيضاً أن اللعبة ليست بالشيء السهل، لكنها تنطوي على العديد من المصاعب والضغوط بالشكل الذي مر به كاراغر.
ويجب أن يدرك من يعملون في هذه المهنة أنه من المهم الحديث عن الأشخاص الذين يتطورون، والأشخاص الذين يواجهون مصاعب ومشكلات ونزاعات، لأن مثل هذا الحديث هو أمر ضروري للغاية من أجل استمرار الدراما وحالة الجدل التي تقوم عليها هذه البرامج والفقرات التحليلية في الأيام التي لا تكون بها أحداث كروية داخل الملعب (وهذه ليست إشارة إلى مباراة مانشستر يونايتد ضد أشبيلية، بالمناسبة). ويجب أن ندرك أن المشجعين يتفاعلون مع مثل هذه الأخبار، كما يتفاعلون مع أي نوع آخر من أخبار المشاهير.
وكما كتب إيان هربرت في صحيفة «ديلي ميل» هذا الأسبوع، فإن النقاد أصبحوا جزءاً هاماً من اللعبة مثلهم مثل اللاعبين تماماً. ومن المؤكد أنك لن تصدق ما يقوله بول سكولز عن مانشستر يونايتد، أو الكيفية التي يوجه بها غاري نيفيل انتقادات لأنطونيو كونتي، أو التصريحات المستفزة لروي كين التي تغضب الجميع، لكن هذه البرامج وهذه التصريحات والتحليلات أصبحت جزءاً لا يتجزأ من لعبة وصناعة كرة القدم.
لكن عندما يصل الأمر إلى هذه الدرجة من السوء، فلا يجب أن يشعر أي شخص بالاندهاش عندما تخرج الأمور عن السيطرة تماماً. وربما كانت شبكة «سكاي سبورت» تنظر إلى ما حدث مع جيمي كاراغر خلال هذا الأسبوع، وهي تفكر في كيفية استغلال ما حدث على النحو الأمثل، وربما من خلال تصعيد الأمر، وزيادة حالة الجدل الموجودة في الشارع من أجل مزيد من المتابعة!
وفي ظل الأوضاع القائمة حالياً، فقد رأينا النتيجة المنطقية لهذا الهراء، حيث انتهى الأمر بنا أن نرى شخصين في الأربعينات من عمرهما (كاراغر ووالد الفتاة) وهما يتصرفان مثل الأطفال، بينما الطفلة الحقيقة هي التي تتعرض للإهانة في الأماكن العامة. ولعل الشيء المؤكد الآن هو أن هذه الفتاة تعيش الآن أسبوعاً صعباً للغاية بسبب خطأ لم ترتكبه. ومع ذلك، كانت هذه الفتاة هي صاحبة الصوت الوحيد الذي يطالب بوقف هذه الحالة من الفوضى، عندما قالت لوالدها أكثر من مرة خلال مقطع الفيديو «توقف عن ذلك!». وربما لم تكن الأمور قد وصلت لهذه الدرجة لو استمع الأب لنصيحة ابنته.