ساوثهامبتون يدفع ثمن قراراته الخاطئة وبيع نجومه

ربما لا يكون التساؤل الأكبر الآن ماذا سيفعل مارك هيوز بعد تعيينه مدربا لساوثهامبتون، وإنما إذا ما كان الفريق قد قطع بالفعل شوطاً نحو الهبوط قد وصل به إلى نقطة أصبح من المتعذر العودة منها. في الواقع، الأسلوب الذي سار به الفريق مباراة بعد أخرى نحو هوة الهبوط ليقف الآن على شفا السقوط جاء مثيراً للقلق، لكنه محتوماً. والملاحظ أنه على امتداد الشهور التسعة الماضية لم يطرأ ثمة تغيير على الفريق، عندما جرى تعيين ماوريسيو بيليغرينو لتدريب الفريق، بتسجيله فوزا واحدا من إجمالي 17 مباراة بالدوري الممتاز، مما يشير إلى معاناة الفريق من فترة جمود طويلة للغاية.
في أعقاب فشل مدرب الفريق السابق الفرنسي كلود بويل في جذب حب الجماهير من خلال أسلوب لعبه الذي اعتبره الكثيرون مفرطاً في الحذر، روج مسؤولو النادي لبيليغرينو في أوساط جماهير النادي باعتباره مدربا مثيرا للاهتمام قادرا على بث دفقة من الحياة في أوصال الفريق. وكان من المفترض أن يدفع المدرب الأرجنتيني بنسمة من الهواء المنعش داخل صفوف الفريق، ومع هذا مرت 263 يوماً ورحل عن الفريق تاركاً إياه يعاني من المشكلات ذاتها.
وتبخرت جميع مشاعر التفاؤل في أعقاب إحراز بيليغرينو فوزا واحدا خلال المباريات الخمس الأولى له مع الفريق. وجاء هذا الفوز الوحيد أمام وستهام يونايتد الذي كان يلعب بـ10 لاعبين فقط. وبعد ذلك، استمرت سلسلة من المباريات التي لم يفلح الفريق في تحقيق ولو فوز واحد بها، ومواجهات كان يجب على الفريق الفوز فيها خلال يناير (كانون الثاني) الماضي على أرضه أمام برايتون آند هوف ألبيون وكريستال بالاس، ومنذ وقت قريب أمام ستوك سيتي. وفي هذه المرحلة من الموسم الماضي، كان باستطاعة بويل على الأقل الإشارة إلى إيجابيات خوضه نهائي بطولة كأس ولاعبين أمثال المدافع جاك ستيفينز والجناح جوش سيمز، اللذين جرى الترحيب بهما من جديد في صفوف الفريق الأول خلال الشهر الماضي.
من جانبه، وفي أعقاب واحدة من أفضل المباريات التي قدمها فريقه، وكان ذلك أمام توتنهام هوتسبر في يناير، قال بيليغرينو: «إذا كنت لا ترغب في الهزيمة، عليك التوقف عن خوض المباراة من الأساس». بيد أن ذلك في حقيقة الأمر كان أصل المشكلات. لقد بدل بيليغرينو وأدخل تغييرات كثيرة في الفريق - واستعان بفريزر فورستر في المرمى، وهو قرار صائب، ودفع بستيفينز في أعقاب رحيل فيرجيل فان دايك الذي تسبب في زعزعة استقرار الفريق. ورغم أنه كان شخصية لطيفة ومحبوبة من جانب اللاعبين، فإن أداء الفريق خلال مجمل الفترة التي قضاها في التدريب بدا غير مقنع.
وبخلاف الظهير الأيسر ريان بيرتراند ولاعب خط الوسط أوريول روميو، اللذين تألقا خلال موسم باهت، يبدو أن القليل فقط من اللاعبين نجح في ضمان مكان ثابت له بالتشكيل الأساسي للفريق، في الوقت الذي بدا بيليغرينو متحيراً في خضم محاولاته تحديد التشكيل الأمثل للفريق. ورغم أن هذه المهمة ربما كانت صعبة بالفعل، لكن تظل الحقيقة أنه في ظل قيادة كل من المدربين السابقين ماوريسيو بوكيتينو (مدرب توتنهام الحالي) ومن بعده الهولندي رونالد كومان تميز الفريق بهوية واضحة تلاشت تدريجياً على امتداد العامين الماضيين.
الملاحظ أن إصرار بيليغرينو على اللعب بالاعتماد على مهاجم واحد، غالباً ما يقف بمعزل عن باقي أفراد الفريق داخل الملعب، في المباريات على أرضه وخارجها، أخفق في إثارة إعجاب الجماهير أو تسجيل أهداف وزاد من الضغوط على عاتق لاعبين مثل لاعب خط الوسط الصربي دوسان تاديتش ولاعب الوسط جيمس وارد براوز والجناح ناثان ريدموند كي يبذلوا مزيدا من الجهد للوصول إلى مرمى الخصم. وفي ظل وجود ثمانية مباريات متبقية أمام الفريق، يبدو من غير المستبعد أن ينجز تشارلي أوستن، الذي لم يشارك في الملعب منذ الكريسماس بسبب إصابته بتمزق في أوتار العرقوب، الموسم باعتباره الهداف الأول للفريق بإجمالي ستة أهداف في الدوري الممتاز.
كان النادي قد راهن في يناير على المهاجم الأرجنتيني جيدو كاريلو، الذي عمل تحت قيادة بيليغرينو في نادي استوديانتيس دي لا بلاتا الأرجنتيني، واشتراه النادي بمبلغ قياسي بلغ 19 مليون جنيه إسترليني، لكنه لم يفلح في تسجيل أهداف أو المعاونة في حل المشكلات التي يعانيها الفريق لكونه لاعباً من السهل للغاية الدفاع في مواجهته. على الجانب الآخر، جاءت ملحمة فيرجيل فان دايك لتشتت التركيز داخل النادي والفريق في وقت عصيب. من جانبه، أقر بيليغرينو بشعوره بالإحباط إزاء حقيقة ضم النادي لاعبا واحدا فقط لصفوفه على امتداد الأسابيع الأربعة التي مرت منذ رحيل اللاعب الهولندي إلى ليفربول مقابل 75 مليون جنيه إسترليني.
جدير بالذكر أن سياسات ساوثهامبتون قد لاقت استحساناً متحفظاً خلال السنوات الأخيرة فيما يخص الصفقات الجديدة وتنمية وبيع الأصول - من حيث اللاعبين والمدربين - لكن من الصعب إغداق الثناء على صفقات الانتقال التي أبرمها النادي الصيف الماضي. الواضح أن أياً من المدافع البولندي يان بيدناريك، الذي قضى الجزء الأكبر من هذا الموسم في صفوف فريق أقل عن 23 عاماً، وقلب الدفاع الدولي الهولندي ويزلي هويدت الذي نجح في توفير صلابة دفاعية للفريق. أما لاعب خط الوسط الغابوني ماريو لامينا، فقد أبدى مثل هويدت بعض ومضات الأداء الرفيع، لكنه يبدو على نحو متزايد عنصرا زائدا عن حاجة الفريق. ولا يزال الفريق حتى اليوم بحاجة إلى هداف، سواء كان كتلة متحركة من الطاقة قادرة على بث الفزع في صفوف مدافعي المنافس مثل مهاجمه الإيطالي السابق غراتسيانو بيلي أو قادر على الانقضاض مثل ساديو ماني جناحه السابق وجناح ليفربول الحالي.
أما مجلس إدارة ساوثهامبتون فيتعين عليه اتخاذ الخطوة التالية على نحو صائب. عندما اشترى رجل الأعمال الصيني جاو جي شينغ 80 في المائة من أسهم النادي مقابل قرابة 210 ملايين جنيه إسترليني في أغسطس (آب)، من غير المحتمل أنه كان يفعل ذلك وهو يتوقع هبوط النادي إلى دوري الدرجة الأولى (تشامبيون شيب). اليوم، أصبح حتماً على الفريق الخروج من منطقة الخطر وبسرعة، لكن تحقيق خمسة انتصارات على امتداد 30 مباراة بالدوري الممتاز (فقط ويست بروميتش ألبيون القابع في القاع حقق عدد انتصارات أقل) لا يبدو مبشراً ويخلق حاجة ملحة أمام خليفة بيليغرينو لتحقيق قفزة سريعة وكبيرة في أداء الفريق.
الغريب في الأمر أن ساوثهامبتون عين مارك هيوز مدربا الأربعاء ليبدأ مهمة إنقاذه من الهبوط بعد شهرين فقط من إقالته من تدريب ستوك سيتي.
وسيخلف مدرب ويلز ومانشستر سيتي السابق الأرجنتيني بليغرينو الذي تمت إقالته يوم الاثنين إذ يبتعد الفريق بنقطة واحدة ومركز واحد عن منطقة الهبوط. وقال النادي في بيان على موقعه على الإنترنت إن عقد هيوز البالغ عمره 54 عاما يمتد حتى نهاية الموسم. وقاد هيوز، لاعب ساوثهامبتون السابق، ستوك للمركز التاسع في مواسم 2013 - 2014 و2014 - 2015 و2015 - 2016 لكنه ليس غريبا على التعامل مع صراع النجاة من الهبوط.
وكان ستوك في منطقة الخطر عندما تمت إقالته بعد وداع كأس الاتحاد الإنجليزي أمام كوفنتري سيتي المنافس في الدرجة الرابعة في يناير. وقال هيوز: «إنه تحد مثير. هذه فرصة كبيرة بالعودة إلى فريق أعرفه جيدا ولدي صلة حقيقية به. لم أستطع الرفض... الهدف واضح هو البقاء في الدوري الممتاز والتأكد من وجودنا في دوري الأضواء في الموسم المقبل. هذا هو المكان الذي يجب أن يكون فيه الفريق وهو المكان الذي ينتمي إليه وننوي التأكد من حدوث ذلك».
وينافس ساوثهامبتون، الذي أصبح الفريق التاسع الذي يغير مدربه هذا الموسم، في دوري الأضواء للموسم السادس على التوالي ولم يحتل مركزا أسوأ من 14 في هذه الفترة. ويحل ساوثهامبتون ضيفا على ويغان أثليتيك المنتمي لدوري الدرجة الثالثة في دور الثمانية لكأس الاتحاد الإنجليزي يوم الأحد. لكن الفريق لن يلعب في الدوري حتى 31 مارس (آذار) الحالي عندما يحل ضيفا على وستهام يونايتد منافسه على النجاة من الهبوط.