المشتبه به الرئيسي في تفجيرات باريس يتحدث لأول مرة أمام المحققين

لأول مرة منذ اعتقاله قبل عامين في حي مولنبيك بالعاصمة البلجيكية بروكسل، تخلى صلاح عبد السلام، الناجي الوحيد من بين منفذي هجمات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، عن صمته الذي التزم به على مدى ما يقرب من 24 شهراً ودافع عبد السلام عن شخص يدعى علي أولقايد، وهو أيضاً من سكان مولنبيك ببروكسل، وقال عبد السلام إنه اتصل به عقب التفجيرات في باريس وطلب مساعدته في نقله بسيارته إلى حي سكاربيك في العاصمة البلجيكية. وجاء ذلك على لسان المحامي البلجيكي ديديه ديكويفي، المكلف بالدفاع عن أولقايد، وقال المحامي في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام البلجيكية، إن موكله الموجود في السجن أكد مراراً وتكراراً أنه بريء، وليس له علاقة بالإرهاب، وإنه فقط استجاب لطلب صلاح وقام بنقله إلى حي سكاربيك في بروكسل، ولم يكن يعلم بتورط عبد السلام في الأمر، وهذا ما أكده عبد السلام أمام المحققين الفرنسيين عندما تحدث لأول مرة وبشكل مفاجئ، بحسب ما ذكر المحامي ديكويفي. وأضاف: «إن الأمر جاء مفاجئاً؛ ولهذا لم أستطع أن أحضر جلسة الاستجواب وتوجيه الأسئلة للمشتبه به صلاح عبد السلام، لكن قاضي التحقيق المكلف بملف الإرهاب قام باستجوابه».
من جانبها، قالت وكالة الأنباء البلجيكية: إن عبد السلام استعان بكل من محمد عامري وحمزة عطو لنقله من باريس إلى بروكسل يوم 14 نوفمبر أي بعد ساعات من التفجيرات، وفي أحد مقاهي بروكسل التقى عبد السلام علي أولقايد، وقام الأخير بنقله إلى حي سكاربيك. وأفادت الوكالة بأن صلاح رفض الإدلاء بأي اعترافات حول دوره هو شخصياً في هجمات باريس. بينما نفى عبد السلام أن يكون علي أولقايد قد زار السكن الذي كان موجوداً في سكاربيك، وجرى فيه إعداد المتفجرات التي استخدمت في الهجمات، بينما ذكر رجال التحقيق ببلجيكا في وقت سابق، أنه جرى العثور على عينات «دي إن إيه» لكل من صلاح عبد السلام وعلي أولقايد داخل مكان صنع المتفجرات في سكن سكاربيك، وهنا أبدى المحامي البلجيكي ديكويفي دهشته من الحديث عن وجود عينة «دي إن إيه» لموكله رغم أنه لم يقم بزيارة السكن، حسب ما جاء على لسان عبد السلام. وكانت مصادر مقربة من التحقيقات قد أفادت بأن عبد السلام كسر حاجز صمته فقط ليؤكد براءة رجل آخر متهم بمساعدته على الهرب من الشرطة، ويُعتقد أن عبد السلام، وهو مواطن فرنسي، هو الناجي الوحيد من مجموعة تنتمي إلى تنظيم داعش الإرهابي، الذين أدت هجماتهم المنظمة في باريس في مساء 13 نوفمبر 2015 إلى مقتل 130 شخصاً. وتم القبض على عبد السلام في بروكسل في مارس (آذار) 2016، وتم تسليمه إلى فرنسا في الشهر التالي.
وهو أيضاً متهم في محاكمة تجري حالياً في بلجيكا، حيث إنه متهم مع مشتبه به آخر بمحاولة القتل بسبب تورطهما المزعوم في تبادل إطلاق النار مع الشرطة قبل يوم من اعتقاله.
وفي منتصف فبراير (شباط) الماضي، أشاد تنظيم داعش بالموقف الذي أظهره، عبد السلام أثناء حضوره أول جلسة من جلسات الاستماع في محكمة بروكسل مطلع فبراير، ورفضه الوقوف أمام رئيسة المحكمة، ورفضه أيضا التعاون مع المحكمة وعدم الإجابة على الأسئلة، وذلك خلال النظر في ملف إطلاق النار على رجال الشرطة في بروكسل في مارس 2016. وجاءت الإشادة في نشرة أسبوعية أصولية تحمل اسم «نبأ» على مواقع التواصل الاجتماعي، وحسب ما ذكرت صحيفة «ستاندرد» اليومية البلجيكية، فقد أكد تنظيم داعش من خلال نشرة «نبأ» على تورط عبد السلام في الإرهاب. وقالت: إنه شارك في التخطيط لهجمات إرهابية كثيرة نفذها أشخاص من بلجيكا وفرنسا، وأسفرت عن مقتل وإصابة أعداد من المدنيين.
وعرفت فترة الجلسات، ردود أفعال وحالة جدل أثارتها مطالبة محامي عبد السلام ببراءته بسبب خطأ في الإجراءات، وقال وزير الداخلية جان جامبون إنه لا يفهم طلب محامي صلاح عبد السلام بالبراءة على أساس مشكلة إجرائية. وأضاف: «لا أفهم ذلك، المحامي موجود لضمان حصول المتهم على حكم صحيح»، لكن «أن يطلب السيد ماري سيفن الآن تبرئته هنا يذهب بعيداً جداً». وأضاف: «إذا ما ارتكبت أخطاء إجرائية، فقد يكون من الضروري بدء المحاكمة مرة أخرى، لكن هذا لا يمكن أن يؤدي إلى تبرئة صلاح عبد السلام».
وقد أثارت تلك التصريحات انتقادات من جانب عدد من المحامين والحقوقيين، ورد مكتب الوزير بالقول: إن التصريحات لم يكن الغرض منها ممارسة أي ضغوط على القضاء، وأن الوزير من حقه أن يقول رأيه في رده على سؤال حول دور المحامي في المجتمع.
من جانبه، قال المحامي ماري سفين إن الوزير عليه أن يتذكر جيدا مبادئ الفصل بين السلطات، ولا يحق لمسؤول في منصب رسمي أن يعلق على قضية تنظر أمام القضاء، وهذا يعني وضع المحكمة والقاضي تحت ضغوط وهي تنظر في ملف صعب للغاية.
وقررت هيئة المحكمة الجنائية في بروكسل تأجيل جلسات محاكمة كل من صلاح عبد السلام، وسفيان عياري في هذا الملف إلى 29 من شهر مارس الحالي. وقال رئيس المحكمة الابتدائية لوك هينارت للصحافيين بعد الجلسة التي انعقدت من دون هيئة محلفين: «الشهر الماضي سيكون لدينا حكم في موعد أقصاه 29 أبريل (نيسان)». وأضاف، إنه تم تحديد موعد الجلسة المقبلة في 29 مارس؛ ما يعطي القضاة شهراً لاتخاذ قرار، علماً بأنه قد يصدر قبل ذلك الموعد.