جغرافية إثيوبيا... وديموغرافيتها

- إثيوبيا، واسمها الرسمي «جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية»، دولة مغلقة ـ لا تطل على البحر ـ في منطقة القرن الأفريقي. عاصمتها أديس أبابا، وهو اسم يعني «الزهرة الجديدة». أما الاسم الذي اشتهر لها في التاريخين العربي والإسلامي فهو «الحبشة».
- تعد إثيوبيا ثاني أكبر دول أفريقيا من حيث عدد السكان بعد نيجيريا، والعاشرة من حيث المساحة. تحدّها من الشرق جيبوتي والصومال، ومن الشمال إريتريا، ومن الشمال الغربي السودان، ومن الغرب جنوب السودان، ومن الجنوب الغربي كينيا.
- نشأت فيها مملكة أكسوم التاريخية، وعثر فيها على أقدم هيكل بشري عمره 4.4 مليون سنة، ولها سجل تاريخي من البقاء مستقلة عن الاستعمار بين بلدان أفريقيا، ولم تخضع للاستعمار الإيطالي سوى خمس سنوات.
- استقلت في ديسمبر (كانون الأول) 1944، تحت حكم الإمبراطور هايلي سيلاسي الأول (راس تفري ماكونن).
- يسكن إثيوبيا أكثر من 80 قومية (شعب) ومجموعة عرقية وثقافية، يمثل الأورومو (الغالا) منهم أكثر من 34.5 في المائة، والأمهرا 26.91 في المائة، وتبلغ نسبة قومية التيغراي الحاكمة 6.07 في المائة فقط من جملة عدد السكان، لكن لهم امتدادهم في إريتريا المجاورة.
- بعد الإطاحة بحكم الإمبراطور هايلي سيلاسي، في سبتمبر (أيلول) 1974، تولّت السلطة مجموعة من الضباط اليساريين بقيادة الرئيس منغيستو هايلي مريام، ذي التوجهات الشيوعية. ولكن هايلي مريام أسقط في عام 1991 بحرب عصابات قادتها «الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية» بقيادة الرئيس الأسبق مِلِس زناوي (التيغري)، والذي خلفه الرئيس هايلي مريام ديسالين الذي استقال منتصف الشهر الحالي.
- بدأت الاحتجاجات القومية منذ عام 2001، وتصاعدت بزخم شعب الأورومو في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وكانت قد بدأت بطلاب المدارس والجامعات، والتحق بهم بقية سكان إقليم أوروميا. وبعدها التحق الأمهرا، الذين يمثلون أكثر من 26 في المائة من السكان، والذين كانوا يسيطرون على الحكم في زمن الإمبراطور الراحل هايلي سيلاسي، بالركب.
- شعبا الأورومو والأمهرا يتهمان نخب شعب التيغراي الحاكمة بأنها تسيطر على مفاصل السلطة والثروة والتشريع، بل الدولة بكاملها، وتعمل على تهميشهم ثقافياً واقتصادياً، وتتدخل في شؤونهم القومية والثقافية والجغرافية.
- الأمهرا على رغم وجودهم في التحالف الحاكم، يحتفظون بموقف سياسي سلبي تجاه حكومة أديس أبابا منذ عهد زناوي، ويتهمونه بالتفريط في وحدة إثيوبيا والاعتراف باستقلال دولة إريتريا.
- يرجع المحلّلون جذور الاحتجاجات الحالية إلى أيام الحكم اليساري لمنغيستو هايلي مريام، الذي كان مستفزاً لقوى سياسية إثيوبية كثيرة تحمل واجهات سياسية؛ لأنه اعتُبر امتداداً لحكم الأمهرا.
- منذ النظر إلى حكم منغيستو باعتباره حكماً لصالح جماعة عرقية وقومية، اندلعت المعارضة ذات الطابع القومي، فنشأت قوى قومية معارضة مثل جبهة تحرير التيغراي، وجبهة تحرير الأورومو، وجبهة تحرير أوغادن (تمثل الصوماليين). ومن ثم، دعمتها الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا، التي كانت تحارب أديس أبابا مطالبة بالاستقلال، وهو ما مكّن مِلِس زِناوي من الانتصار على قوات «الدرغ» («اللجنة العسكرية» الحاكمة) بقيادة منغيستو، ونشأت الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا والجبهة الشعبية لتحرير التيغراي، بصفتهما حليفين استراتيجيين.
- وجدت الجبهة الشعبية لتحرير السودان، الدعم أيضاً من الحكومة السودانية؛ فهي الأخرى كانت تريد إسقاط نظام منغيستو الذي كان يدعم حركة التمرد الجنوبية (الحركة الشعبية لتحرير السودان).
- أسقط تحالف الثوار التيغراي حكم منغيستو مطلع تسعينات القرن الماضي، وكوّن حكومة ائتلافية مع جبهة تحرير الأورومو، ترأسها تامريت لاين (من الأمهرا) وضمت ممثلين عن القوميات الأخرى، وكوّنوا «الجبهة الثورية الديمقراطية للشعب الإثيوبي» الحاكمة الآن.
- بعدما استتب الحكم للتحالف الجديد، ارتفعت نغمة سيطرة التيغراي على مقاليد البلاد، وتململ بعض شركاء الحكم، وعلى رأسهم الأورومو، ثم انضم إليهم الأمهرا، لينتقدوا بعنف سيطرة التيغراي على مقدرات الدولة.
- تبنى التحالف الحاكم بادئ الأمر دستوراً فيدرالياً منح بموجبه حق تقرير المصير للقوميات الإثيوبية، لكن اتهامات بأن أديس أبابا لم تلتزم بالحكم الفيدرالي، وأنها مارست «قمعاً وحشياً» ضد القوميات الأخرى، أطل بوجه سافر؛ ما جعل من نظام الحكم عند الكثير ليس فيدرالياً.
- بدأ البعض معارضتهم للحكم من داخل البرلمان، وعارضه آخرون من خارجه، بل ولدت معارضة مسلحة تضعف وتتطور حسب الأوضاع الداخلية.
- التحق المسلمون الإثيوبيون بخط المعارضة، فتظلموا من التهميش والتمييز الديني من المجموعات المسيحية، رغم أن النخبة الحاكمة في الدولة الإثيوبية تعد تاريخياً مسيحية مرتبطة بالكنيسة الأرثوذكسية.
- تطالب المعارضة بإعادة توزيع الأرضي واقتسام السلطة، والمشاركة السياسية وإلغاء التهميش وتحقيق التنمية غير المتوازنة. لكن الحكومة واجهت ذلك بقمع الحريات وارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان.
- غطى النجاح الاقتصادي اللافت للحكومة الإثيوبية لبعض الوقت على التناقضات الإثنية في بنية الدولة، وقدّمت إثيوبيا من قبل المجتمع الدولي باعتبارها «قصة نجاح» بين العالم الثالث، بعد أن حققت معدل نمو بلغ 10 في المائة أحياناً. لكن النجاح الاقتصادي لم يصمد طويلاً أمام الخلافات الإثنية الكامنة، فسرعان ما اندلعت احتجاجات واضطرابات سياسية، بدأت تهدد الاستقرار والتنمية الاقتصادية؛ ما دفع حكومة أديس أبابا للاعتراف بخلل معالجتها لاحتجاجات 2016.
- لا ترى المعارضة أن المشكلة في الرئيس المستقيل ديسالين أو خليفته، بل في العقل الذي يحكم ويسيطر على الدولة العميقة. وترى أن مجيء رئيس وزراء من الأورومو أو الأمهرا لن يحل المشكلة ما لم يُعاد إعادة النظر في التركيبة والتقاسم.