مانشستر يونايتد يواصل عروضه المملة... لكن هل مورينيو مسؤول عن تقديم كرة قدم ممتعة؟

شاهد عدد من جمهور مانشستر يونايتد مباراة رائعة في أشبيلية، لكنها لم تكن بالطبع تلك المباراة التي لعبها فريقهم أمام أشبيلية في دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا، حيث سافر عدد من جمهور النادي الإنجليزي مبكرا إلى إسبانيا وتوجهوا يوم الأحد لملعب «بينيتو فيلامارين» بين 50 ألف مشجع لرؤية المباراة المثيرة التي انتهت بفوز ريال مدريد على ريال بيتيس بخمسة أهداف مقابل ثلاثة في إطار مباريات الدوري الإسباني الممتاز.
وبعد ثلاثة أيام وعلى بُعد 3.5 كيلومتر، كان هذا العدد من الجمهور بين 40 ألف مشجع يشاهدون المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي بين مانشستر يونايتد وأشبيلية على ملعب «رامون سانشيز بيزخوان»، في ليلة لم يسدد فيها لاعبو مانشستر يونايتد سوى تسديدة واحدة فقط على مرمى النادي الإسباني. وهناك نقطة يجب الإشارة إليها فيما يتعلق بريال بيتيس، حيث كانت هذه هي المرة الثانية التي ينتهي فيها لقاء للفريق بنتيجة خمسة أهداف مقابل ثلاثة، كما انتهت له مباراتان بنتيجة خمسة أهداف مقابل لا شيء، ومباراة بنتيجة أربعة أهداف مقابل لا شيء، ومباراتان بالتعادل بهدفين لكل فريق، ومباراتان بنتيجة ثلاثة أهداف لهدفين، ومباراتان بنتيجة ستة أهداف مقابل ثلاثة، ومباراة بنتيجة التعادل بأربعة أهداف لكل فريق، فضلا عن الفوز على ريال مدريد على ملعب «سانتياغو بيرنابيو». ولم تكن هناك أي مباراة لريال بيتيس تنتهي بالتعادل السلبي.
وعندما يتعلق الأمر بكرة القدم الإسبانية، هناك قاعدة أساسية يجب الالتزام بها: بغض النظر عن الفريق الذي تشجعه، يجب عليك مشاهدة مباريات ريال بيتيس. وإذا كان هناك توقع مسبق بأن نشاهد مباراة مثيرة وحماسية لريال بيتيس يوم الأحد الماضي، فقد كان هناك توقع أيضا بأن نشاهد أداء مملا وباهتا من جانب مانشستر يونايتد يوم الأربعاء الماضي. وبعد انتهاء المباراة بنحو الساعة، وقف لاعب سابق على بُعد بضع مئات من الأمتار عن ملعب «رامون سانشيز بيزخوان» وقال: «اللعنة، لقد كانت مباراة سيئة، أليس كذلك؟»، لم تكن هذه هي الملاحظات الوحيدة في هذا الصدد، كما لم يأت هذا من قبيل الصدفة بكل تأكيد.
وكتب الناقد الرياضي بارني روناي في هذه الصحيفة يتحدث عن كيف «وجد مورينيو نفسه، على مضض وضد رغبته، مضطرا بسبب ظروف المباراة وسوء الحظ لأن يدفع باللاعب الأكثر موهبة في فريقه (بول بوغبا) في مركزه المفضل!»، وقال مورينيو بعد المباراة: «لقد بذل بوغبا جهدا كبيرا لمحاولة تنفيذ ما طلبته منه. لقد شارك بوغبا بديلا لأندير هيريرا وحاول أن يحافظ على نفس الوتيرة التي كانت تسير بها المباراة». وحتى لو نحينا جانبا الخلاف المثار بين مورينيو وبوغبا في الآونة الأخيرة، فإن تصريحات المدير الفني البرتغالي السابقة تعكس شيئا مهما للغاية، وهو أن مورينيو كان في حقيقة الأمر هو من أدخل فكرة «ركن الحافلة» إلى كرة القدم الإنجليزية - أي الدفاع بشكل مبالغ فيه - عندما اشتكى أن توتنهام هوتسبير هو من يقوم بذلك. وبعد هذه المباراة، قال المدير الفني البرتغالي إنه «شعر بالارتياح» مرة واحدة فقط، لكنه لم يتحدث إطلاقا عن أي لحظة شعر خلالها بأن المباراة مثيرة، وربما كانت المرة الوحيدة التي اقترب فيها من الإشارة إلى ذلك كانت عندما قال: «لقد أنهينا المباراة بسرعة أكبر، وكنا أقرب لتسجيل هدف».
وستكون هناك مباراة أخرى بين الفريقين في ملعب «أولد ترافورد» معقل مانشستر يونايتد، وربما يشعر الفريق الإنجليزي بأن فرصته أكبر في التأهل إلى دور الثمانية. وقد يكون من حق مورينيو أن يجعل فريقه يلعب بالطريقة التي يحبها وأن ينفد صبره من النقاد الذين يسيطرون على تفكيره بشكل واضح، وربما تكون هذه هي الطريقة التي يريد العمل بها. ومع ذلك، عندما سُئل مورينيو عن النتيجة رد قائلا: «إنها ليست جيدة وليست سيئة».
ودعونا نتفق على أنه لولا تألق حارس الفريق ديفيد دي خيا، لكانت النتيجة سيئة بكل تأكيد. وقد اعترف لاعب الفريق خوان ماتا بصعوبة المباراة قائلا: «لقد عانينا معظم فترات اللقاء».
ويتمثل السؤال الذي يطرحه كثيرون الآن فيما إذا كان يتعين على مانشستر يونايتد بذل المزيد من الجهد للعودة إلى المسار الصحيح. وللإجابة عن هذا السؤال يجب أن نتذكر أن الفريق لم يسدد سوى كرة واحدة فقط على مرمى النادي الإسباني طوال 90 دقيقة كاملة! قد يكون من السذاجة أن تعتقد قبل المباراة أن مهمة مانشستر يونايتد ستكون سهلة أمام أشبيلية الذي لم يخسر على ملعبه سوى مرة واحدة فقط على مدى أكثر من عام كامل. لكن مانشستر يونايتد كان يبدو من الناحية النظرية هو الأوفر حظا، بفارق كبير، للفوز بتلك المباراة، خاصة إذا عرفنا أن ميزانية الفريق تفوق ميزانية النادي الإسباني بأربعة أضعاف على الأقل. ووصفت جريدة إلباييس الإسبانية مانشستر يونايتد بأنه «أحد عمالقة عالم كرة القدم، لكنه تقزم بشكل كبير بسبب مديره الفني». وأضافت: «العظمة يجب أن تظهر في كرة القدم».
من حق مورينيو تماما أن يلعب بالطريقة التي يعتقد أنها ستحقق له النتائج التي يسعى إليها، لأن هذه هي وظيفته وليست وظيفة أي شخص يمكنه الحديث بكل أريحية وهو «متكئ على أريكته»، على حد قوله، بعيدا عن الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها والأهداف المطلوب منه تحقيقها. ولا ينبغي بالضرورة أن يكون مانشستر يونايتد مضطرا لتغيير طريقة لعبه بسبب ما يقدمه ليفربول ومانشستر سيتي وتوتنهام هوتسبير، رغم أن الفارق بين ما تقدمه هذه الأندية وما يقدمه مانشستر يونايتد قد يكون قاسيا في واقع الأمر.
ولو نجح مانشستر يونايتد في تحقيق الفوز في مباراة العودة - ومن المحتمل أن يحقق ذلك - فستجد من يبرر الطريقة التي يعتمد عليها مورينيو. لكن ردود الفعل على مباراة مانشستر يونايتد السابقة أمام أشبيلية قد أظهرت أن جمهور النادي يشعر بالإحباط والملل، وأن الفريق قد فقد هويته المميزة، فهل هذا هو ما أصبح عليه مانشستر يونايتد وما يجب أن يكون عليه؟. المهاجم الإنجليزي الدولي السابق والناقد الرياضي حاليا إيان رايت قال لـ«بي بي سي»: «يتعين على مانشستر يونايتد أن يلعب بشكل أفضل. لا يمكنني أن أعرف السبب الذي يجعل الفريق يلعب بهذه الطريقة العقيمة. ولو كنت من جمهور النادي لشعرت بالاشمئزاز من أداء الفريق».
وأشار رايت إلى أن الشكل الحالي للفريق بعيد كل البعد عن الهوية المعروفة عن هذا النادي العريق. وهناك حالة من الجدل حول ما إذا كان مورينيو هو المسؤول عن ذلك أم لا، فهل الأندية ملزمة بأن تفعل شيئا أكثر من الفوز؟ وهل يُطلب من المديرين الفنيين أن يلعبوا بشكل ممتع مع تحقيق نتائج جيدة في نفس الوقت؟ وهل من العدل أن نطلب منهم ذلك، في الوقت الذي يواجهون فيه بالفعل ضغوطا رهيبة؟ وهل يهتم المشجعون؟ وهل يهم ما يقوله المحايدون؟ وربما يكون السؤال الأبرز هو: ما الهدف من كل ذلك؟
يقولون دائما إن الجميع يتذكرون الفريق الذي يحصل على البطولة ولا يتذكرون صاحب المركز الثاني، لكن حاول أن تقول هذه الجملة لأي شخص شاهد منتخب البرازيل في نهائيات كأس العالم عام 1982، واستمع لما سيقوله لك. في الحقيقة، هناك بعض الفرق الفائزة بالبطولات التي يتم نسيانها أيضا، رغم أن هذا قد يحدث بصورة أقل. وربما قد لا تكون الفرق مطالبة بأكثر من القيام بمهمتها الأساسية وهي تحقيق الفوز، لكن يرى آخرون أنه يتعين على الفرق أن تنظر إلى كرة القدم بمنظور أوسع من مجرد تحقيق الفوز، لأن هذا ليس هو الهدف من اللعبة في الأساس.
ويؤمن المدير الفني السابق لنادي أشبيلية، أوناي إيمري، بأنه يجب أن يبحث عن تحقيق الفوز وأن هذا هو الهدف الأساسي لأي فريق، لكن الفوز يجب ألا يكون هو الشيء الوحيد الذي يجب على الفريق أن يسعى لتحقيقه. ويتفق المدير الفني لنادي ريال بيتيس، كيكي سيتيين، مع هذا الفكر، رغم أنه يتعرض لانتقادات كبيرة، مثله مثل المديرين الفنيين الذين يفضلون اللعب بطريقة هجومية، بسبب ضعف خط دفاع فريقه، لكنه الجميع سوف يتذكره ويتذكر الفريق الذي يقدم كرة القدم الجميلة والممتعة تحت قيادته، كما سيتذكره بالطبع العديد القليل من جمهور مانشستر يونايتد الذي ذهب لمشاهدة فريق ريال بيتيس أمام ريال مدريد في الدوري الإسباني الممتاز.
مورينيو أكد أن مانشستر يونايتد يدين لجماهيره بليلة أخرى رائعة في دوري أبطال أوروبا بعد غياب طويل عن أدوار خروج المهزوم وتعهد بأن يمنحهم إياها ضد أشبيلية في إياب دور الستة عشر. ويعني تعادل يونايتد بدون أهداف خارج ملعبه مع الفريق الإسباني أن بطل أوروبا ثلاث مرات يجب عليه الفوز في لقاء الإياب إذا أراد التأهل لدور الثمانية لأول مرة منذ 2014.
وأبلغ مورينيو الصحافيين: «الآن أمامنا مباراة تحدد كل شيء في أولد ترافورد. بالتأكيد أولد ترافورد يفتقد أدوار خروج المهزوم في دوري الأبطال. لذا أعتقد أن أولد ترافورد بحاجة لليلة كبيرة في دوري الأبطال، وهذا سيحدث». وكان آخر ظهور ليونايتد في أدوار خروج المهزوم بدوري الأبطال عندما خسر بهدفين في الذهاب قبل أن يهزم أولمبياكوس اليوناني 3 - صفر في أولد ترافورد عام 2014، وخسر أمام بايرن ميونيخ في الدور التالي ولم يبلغ الدور الثاني في البطولة منذ ذلك الوقت.
ودافع مورينيو عن النهج الحذر لفريقه في استاد سانشيز بيزخوان وقال إن فريقه سيطر على المباراة حتى رغم أن أشبيلية صنع فرصا أكثر. وأضاف مورينيو: «اللحظة الوحيدة التي تنفسنا فيها الصعداء كانت عندما حصلوا على فرصتين وتصدى لهما ديفيد (دي خيا) بشكل رائع. بعيدا عن ذلك، كانت المباراة متكافئة».
ويواجه الفريق الإسباني بعض المخاوف قبل لقاء الإياب. وخسر الفريق الأندلسي مرة واحدة بجميع المسابقات على أرضه في آخر 15 شهرا ويقدم عروضا تتسم بالجرأة أمام جماهيره المتحمسة لكنه لم يستطع استغلال الفرص التي أتيحت له. لكن أشبيلية خسر كل المباريات خارج ملعبه أمام الأربعة الكبار في إسبانيا هذا الموسم، وفي دوري الأبطال الموسم الماضي خرج على يد ليستر سيتي عندما سقط 2 - صفر في لقاء الإياب بعد تفوقه ذهابا 2 - 1 على أرضه.
ولم يستطع فينشنزو مونتيلا مدرب أشبيلية إخفاء خيبة أمله من عدم استطاعة الفريق التفوق قبل مباراة العودة في 13 مارس (آذار). وقال المدرب الإيطالي «صنعنا فرصا تكفي لتسجيل هدف أو اثنين لذا أشعر ببعض خيبة الأمل لكن يجب أن نسعد بأدائنا».