مصر تعود إلى قطاع الطاقة مصدراً للغاز بعد دخول «ظهر» الإنتاج

قبل شهور من اكتفائها الذاتي من الغاز، جمعت مصر مسؤولين ووزراء طاقة، على مدار ثلاثة أيام في القاهرة بمؤتمر دولي للبترول والغاز «إيجبس 2018»، لمناقشة أحدث التطورات في القطاع بنظرة لاعب رئيسي في المجال بعد بدء إنتاج الغاز من حقل «ظهر»، وهو الأكبر من نوعه في شرق البحر المتوسط.
وبينما تستعرض مصر والمسؤولون في القطاع قدرة البلد التي تحولت إلى مستورد صاف مؤخرا، بعد ما كانت مصدّرا للغاز قبل سنوات، دعا رؤساء شركات أجنبية خلال المؤتمر أمس وأول من أمس، المستثمرين في قطاع الطاقة إلى الاستثمار في مصر. وأعلن وزير البترول المصري طارق الملا، اتفاقا مع شركة عالمية لإجراء مسح سيزمي إقليمي بمنطقة خليج السويس، «بما يساهم في جذب الشركات العالمية لتكثيف أنشطة البحث والاستكشاف وفتح المجال لزيادة احتياطات إنتاج الزيت الخام» هناك.
يحوي حقل ظُهر الذي اكتشفته شركة إيني الإيطالية في 2015 ما يقدر بثلاثين تريليون قدم مكعب من الغاز. وقالت «إيني» خلال المؤتمر، إن إنتاج حقل ظُهر سيصل إلى 2.9 مليار قدم مكعب يوميا بحلول منتصف 2019. وتسعى مصر لتسريع الإنتاج من حقولها المكتشفة حديثا لوقف الاستيراد بحلول 2019 وتحقيق الاكتفاء الذاتي. وقال الملا إن إنتاج مصر من الغاز يبلغ حاليا 5.5 مليار قدم مكعب يوميا. وكشف وزير البترول طارق الملا، خلال المؤتمر، النقاب عن طرح «بنزين95» الجديد، الذي تم استحداثه لمواكبة التطورات المتلاحقة في محركات السيارات الحديثة. وعقد الملا لقاءً مع بوب دادلي الرئيس التنفيذي لشركة بريتش بتروليوم البريطانية، والمهندس هشام مكاوي الرئيس الإقليمي لشركة بي بي بشمال أفريقيا، على هامش المؤتمر، لبحث موقف تنمية مشروعات الغاز الجديدة التي تنفذها الشركة. وقال بوب دادلي، إن النجاحات التي حققتها «بي بي» نتاج الجهود المشتركة والتعاون المثمر مع وزارة البترول المصرية، مشيرا إلى أن نتائج أعمالها خلال عام 2017 تظل علامات فارقة في مسيرتها الاستثمارية بمصر، إذ إنها نجحت في بدء التشغيل التجريبي للمرحلة الأولى من مشروع شمال الإسكندرية وحقل أتول على خريطة إمدادات الطاقة في البلاد. وأضاف: «الشركة تتطلع إلى استثمار أكثر من مليار دولار في مصر هذا العام، لتعود الدولة وجهة رئيسية لاستثماراتها». مشيرا إلى أن الشركة لم تعد لديها متأخرات مستحقة على الحكومة المصرية. وكانت البلاد مدينة لشركات النفط الأجنبية بمبلغ 2.4 مليار دولار في نهاية يونيو (حزيران) 2017.

- الشركات الأجنبية
وفي إحدى جلسات المؤتمر، بعنوان «حوار المبادرين في قطاع البترول والغاز والإسراع في عمليات البحث والاستكشاف والإنتاج والنقل والاستخدام الأمثل لثروات مصر الهيدروكربونية»، قال وزير البترول المصري، إنه «يجب علينا أن نتعرف على المشكلات التي يواجهها الشريك الأجنبي وتفهم توقعاتهم... إن حقل ظهر يمثل نقطة تحول في صناعة الغاز، حيث إنه جذب اهتمامنا للعقبات التي تواجه البحث في المياه العميقة بما تضمه من تحديات كبيرة». وأضاف: «نبحث عن مزيد من الاكتشافات في المياه العميقة، ولا شك أن هذه الاكتشافات تتسم بالصعوبة، ويجب علينا مواجهة تحدياتها ووضع نظام اقتصادي قادر على تحقيق المنفعة لجميع الأطراف». بينما قال ديسكالزي: «العمل في المياه العميقة صعب... ولقد بدأنا من الصفر، فهناك إنشاءات تمت بفضل شركات البترول المصرية، وكان تعاونهم معنا سريعا، وفي النهاية هذه الصناعة يجب أن نكون حريصين عليها، بل الأهم أن نكون على ثقة بشركائنا، لأنك تضع حياتك في يد شريكك». وأشار ديسكالزي إلى اكتشاف حقل ظهر في المياه العميقة: «وقمنا بوضعه على الإنتاج بعد مرور 27 شهرا فقط من تحقيق الكشف... ويعد ذلك وقتا قياسيا للمشروع وتم تطبيق تكنولوجيات كثيرة به».

استكشاف الفرص
أعلنت مجموعة «إينوك»، العاملة في قطاع النفط والغاز الإماراتية، بدء استكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة في قطاع الطاقة المصري، وذلك في إطار استراتيجيتها طويلة الأمد الرامية إلى توسعة النطاق الجغرافي لعملياتها على المستوى الإقليمي.
وتشارك المجموعة في «إيجبس 2018» عبر شركة «دراغون أويل» المتخصصة في مجال التنقيب والإنتاج والمملوكة لها بالكامل.
وقال سيف حميد الفلاسي، الرئيس التنفيذي لمجموعة «إينوك»: «تمتلك جمهورية مصر العربية موارد مهمة للطاقة، حيث يعدّ قطاع النفط والغاز من أكثر القطاعات حيوية في البلاد، وتقدّر مساهمة عمليات إنتاج الهيدروكربونات بنحو ستة في المائة من إجمالي الناتج المحلي المصري، كما تمتلك الحكومة خططا طموحة تهدف إلى تعزيز الاستثمار في قطاع البتروكيماويات خلال السنوات الخمس المقبلة». وتمتلك شركة «دراغون أويل» امتيازات منطقة شرق خليج الزيت في المنطقة الواقعة جنوب خليج السويس التي تغطي 93 كيلومترا مربعا في منطقة ضحلة يتراوح عمق المياه فيها بين 10 و40 متراً.
وقال ياسر فخر الدين، نائب رئيس «إيجيبتكو»، العضو المنتدب، إن مشاركة الشركة في المؤتمر بمثابة تدشين نشاط عمل الشركة دوليا ومحليا بعد أن تم تأسيسها مطلع هذا العام باعتبارها أول شركة وطنية متخصصة في مجال تحفيز آبار البترول وتقديم الخدمات والحلول التقنية والفنية لهذا القطاع الحيوي والاستراتيجي. وقال فخر الدين لـ««الشرق الأوسط»، إن «شركة إيجيبتكو انطلقت بالتزامن مع الدور المتزايد لقطاع البترول والغاز في الاقتصاد الوطني في أعقاب المشروعات الجديدة التي يتم الكشف عنها... وهي متخصصة في مجال تكنولوجيا سوائل الحفر والإسمنت وتنشيط الآبار».
وأضاف: «تمتلك الشركة تكنولوجيات لحل المشكلات الناجمة عن حقن بعض الغازات بتكلفة إنشائية باهظة تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، بالإضافة إلى ابتكار مواد لتنظيف الصخور وزيادة الإنتاج بنسبة تزيد 25 في المائة. وجار حاليا تجهيز أرض منطقة صناعية حرة لتصنيع خامات التكنولوجيات الحديثة وتصديرها من بورسعيد».

- مصر تصدر اللائحة التنفيذية لقانون يسمح للقطاع الخاص باستيراد الغاز
قال بيان من مكتب رئيس الوزراء أمس الثلاثاء، إن مصر أصدرت لائحة تنفيذية طال انتظارها لقانون يسمح للقطاع الخاص باستيراد وبيع الغاز الطبيعي.
وأقر البرلمان المصري العام الماضي قانونا ينشئ هيئة عامة لها شخصية اعتبارية تسمى جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز، تأمل الحكومة بأن تجتذب مشاركة أكبر للقطاع الخاص في قطاع الغاز السريع النمو في البلاد.
واللائحة التنفيذية التي صدرت أمس تجعل القانون نافذا. ومن المتوقع أن تمهد الهيئة الجديدة والقانون، الطريق أمام شركات القطاع الخاص لاستيراد الغاز وتوزيعه في مصر، وهي أنشطة تحتكرها الحكومة حاليا.
وقال محللون بقطاع الطاقة إن بضع شركات قدمت بالفعل طلبات للحصول على رخص استيراد.