الجزائر: المعارضة تطالب بـ«رئاسية» مبكرة تنظمها شخصيات «نزيهة»

أنهى حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، الذي يعد رأس المعارضة العلمانية في الجزائر، أمس بالعاصمة، أشغال مؤتمره الخامس، بانتخاب رئيسه محسن بلعباس لولاية ثانية تدوم 5 سنوات، وبالمطالبة بـ«رئاسية» مبكرة، يتم تنظيمها من طرف شخصيات «نزيهة».
وأعلن رئيس الحزب سابقاً، ومؤسسه طبيب الأعصاب سعيد صعدي، انسحابه من الحزب نهائياً، ما خلف اعتقاداً في الأوساط السياسية بأنه سيترشح «مستقلاً» لانتخابات الرئاسة المنتظرة في ربيع العام المقبل. وحضر جلسات المؤتمر كل الأحزاب والشخصيات المعارضة، وأولهم رؤساء الوزراء السابقون علي بن فليس، وأحمد بن بيتور، وسيد أحمد غزالي، ورئيس البرلمان سابقاً كريم يونس. وكل واحد من هؤلاء ألقى كلمة أمام نحو 3 آلاف مناضل بـ«التجمع»، جاء فيها أن النظام السياسي «يرفض الانفتاح على مقترحات المعارضة بضرورة التوجه إلى مرحلة انتقالية، وتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة تشرف عليها شخصيات مشهود لها بنظافة اليد، ولم يسبق لها أن مارست أي مسؤولية حكومية».
وطرح المناضلون في المؤتمر مقترحاً يتمثل في تغيير تسمية الحزب، ليصبح «التقدميون»، غير أن ذلك لم يلقَ إجماعاً، فتم الاحتفاظ بالتسمية المعتمدة منذ 28 سنة.
وهاجم بلعباس في خطابه الحكومة، قائلاً إن «انهيار أسعار النفط منذ ما يقرب من 4 سنوات، كشف عن شدة ضعف اقتصادنا المبني أساساً على الريع النفطي. ومن المفارقات أنه خلال فترة البحبوحة المالية تضاعفت تبعيتنا الاقتصادية، في حين أنه كان ينبغي على حكامنا أن يبادروا بإصلاحات هيكلية لتنويع الاقتصاد والتقليل من الاعتماد على المحروقات. وعلى عكس ذلك، فقد بددت الموارد التي جنيت، بفضل ارتفاع أسعار النفط طيلة العقد الماضي، وبذرت وأهدرت. لقد استخدمت هذه الموارد، لشراء سلم اجتماعي سريع الزوال، بدلاً من استثمارها في تنمية من شأنها ضمان السلم الاجتماعي الدائم».
وأضاف بلعباس أنه «بعد مرور نحو 4 سنوات من بداية انهيار أسعار البترول، نلاحظ أن البلد يفتقر إلى استراتيجية لمواجهة الأزمة، ولوضع الاقتصاد على سكة النمو المستدام. وقد فشلت الحكومات المتعاقبة كلها بسبب فقدانها الشرعية والإرادة السياسية، فالسلطة القائمة لم تكن لديها الشجاعة لإجراء الإصلاحات الضرورية والعمل على تحصيل الثروات، حيث هي متوفرة فعلاً»، مبرزاً أن الجبهة الاجتماعية «تعيش حالة غليان، وقد كان تصاعد التوترات الاجتماعية متوقعاً، فهو نتاج التدابير الارتجالية التي اتخذتها الحكومة والتي تتحمل ثقلها الطبقات الشعبية، تدابير متجسدة في الارتفاع المذهل في تكاليف معيشة الجزائريين وتدهورها».
من جهته، قال بن بيتور إن «النظام سيفقد القدرة على فرض مشاريعه وخياراته بعد 2019، لأن احتياطي الصرف الذي يستمد منه ديمومته، سينضب حينها». واستنكر في السياق ذاته «سطوة رجال الأعمال على مراكز القرار بقوله: ينبغي أن ننتبه لظاهرة مهمة تعيشها بلادنا وفي العالم أيضاً، وهي (الأوليغارشيا) التي ظهرت في القرن 19، والتي كانت تمثلها عائلات غنية عقدت حلفاً مع الملك.
وقد لعبت هذه الطبقة دوراً مؤثراً خلال الأزمة الاقتصادية التي عاشتها الولايات المتحدة عام 1930، ثم جاء التحالف بين العائلات المالكة والجنرالات في أميركا الجنوبية، أدى إلى وصول الأوليغارشيا إلى الحكم. والأوليغارشيا التي يمثلها رجال الأعمال في بلادنا، تمارس نفوذها عن طريق الضغط على صاحب القرار السياسي، حتى يصدر القرارات التي تكون في صالحها، ولكن من دون أن تتحمل مسؤولية تبعاتها، سواء كانت سلبية أو إيجابية».
من جانبه، قال بن فليس إن النظام «ظل رافضاً للحوار مع المعارضة، حيث أغلق المتحكمون في السلطة على أنفسهم، وصدقوا يقينهم وأوهامهم وإنكارهم أن بلدنا يتخبط في أزمة خطيرة.